مهرجان الشعر النسوي اختتم يوم أمس، ولا يخفى على من عايشوه أنه كان مناسبة للصرف غير الصحي لميزانية الدولة، بعض المصادر التي لا نعلم مدى صدقيتها من الصحفيين أشارت إلى ميزانية 700 مليون سنتيم خصصت لهذا المهرجان والله والمحافظة السيدة سعدة خلخال أعلم.وطبعا حالة من الذعر
ستعتري القارئ إذا ما عرف أن قاعة الفعاليات كانت خاوية على عروشها، إذ لم يكن يؤثثها غير المدعوين، وهو أمر كان متوقعا جدا بالنظر إلى الظروف السرية التي حضر فيها للمهرجان، وبالنظر إلى الإبعاد المتقصد لمبدعات المدينة.شخصيا وبصفتي نائب رئيس جمعية المبدعات أصوات المدينة التي تترأسها منيرة سعدة خلخال التي هي نفسها محافظة المهرجان، أسجل اعتراضي على بعض تجاوزاتها لمكتب الجمعية وعرض إصداراتها للبيع على هامش فعاليات المهرجان دونما رجوع لأحد، أم أن منيرة سعدة خلخال محافظة المهرجان كاتبت منيرة سعدة خلخال رئيسة الجمعية، وهذه الأخيرة أذنت لتلك الأولى وبالتالي تمت صفقة البيع بالتراضي بين الطرفين ! ! !
ومن هذا المنبر الكريم الذي عودني على احتضان شجوني دائما، أعلن استقالتي من الخلية أحادية النواة منيرة سعدة خلخال أقصد"جمعية المبدعات أصوات المدينة"مع تبرئة لذمتي إذ أنني طوال فترة وجودي في المكتب لم يعرض علي أي تقرير مالي وهذا ردا على الكثير من المساءلات الصحفية التي جاءتني في هذا الشأن.
عن المهرجان لم أفاجأ شخصيا بفشله ومغادرة بعض الشواعر من أول ليلة يقضينها وأضرب لهذا مثلا الشاعرة الألقة شفيقة وعيل، أو بقاء أخريات لا يمتلكن حزمها وتطرفها لكن مكتئبات منعزلات وعلى مضض أمثال الشاعرة والتشكيلية الكبيرة حليمة لمين، بقدر ما فوجئت بالكتاب الذي أصدر بمناسبة هذا المهرجان وفي إطار منشوراته، وهو كتاب خطاب التأنيث دراسة في الشعر النسوي الجزائري ومعجم لأعلامه. لصاحبه الدكتور يوسف وغليسي، والذي ألفه بتكليف من محافظة المهرجان التي قدمت له وأثنت عليه، ووصفته بأنه محاولة الإنصات جادة التكريم! ! !جادة التكريم هذه تبتدئ بشكوى الدكتور يوسف وغليسي في متن كتابه من تذمر الشاعرات اللائي يتصل بهن من مصطلح "شواعر"، ويعزو هذا التذمر باجتهاد خاص منه، إلى أنه يحيل على كلمة "عوانس" لذلك يتحسسن منها، هذه هي جادة التكريم التي قصدتها محافظة المهرجان السيدة "بالنظر لبطاقة الحالة المدنية" سعدة خلخال، هذا هو التكريم/ الإهانة والانصات/الابتذال الذي يقدم المرأة ويتعامل معها منذ البدء على أساس أنها سلعة معرضة لانتهاء الصلاحية.دون أن أتوقف كثيرا عند التجاوزات التي وقع فيها الكاتب وهو أستاذنا على كل حال، ونحن إذ نرفع له هذه الملحوظات نرفعها بكل حب واحترام، من هذه التجاوزات التي لا تدخل في شرعة النقد، تعرضه للحياة الشخصية لبعض الشواعر، وإفشاء أسرارهن الخاصة تحت مسمى الدراسة النفسية، وهو أدخل في باب التعريض والتشهير حتى وان استعان عليه بالزج ببعض مصطلحات التحليل النفسي في معترك الشتم المبطن أو اللمز بالتعرض لبشاعة فلانة وجمال علانة.إن ما اتهم به وغليسي الأنطولوجيا التي أنجزتها الدكتورة الشاعرة زينب الأعوج في فحوى قوله:"إنها أنطولوجيا متسرعة... لا تقوم على أساس واضح، ولا تعكس ما يدور في البيت الشعري الجزائري، أو بالأحرى هو منطق الأنثى حين تنتصر لأنوثتها انتصارا موهوما".مردود عليه إذ إن تقصير زينب الأعوج هو تقصير قادر، لأن إلغاءها لهذا الاسم أو ذاك راجع لكون العمل يعتمد على المنتخبات وربما لعدم اقتناعها الأكاديمي بمن لم تعرض له وإن كان محسوبا على المشهد والمرحلة.
ولكن بماذا يمكن أن نصف تقصير الدكتور يوسف وغليسي الذي وفي القسم الثاني من معجمه الموسوم بشواعر أخريات لم يرتهن حتى إلى ترتيب أبجدي يسهل عملية البحث. وهو أضعف الإيمان، بماذا نسم تقصيره وهو يخلي سبيل النصوص ويتصيد من منقوله ومعقوله حول هذه الشاعرة أو تلك.للأمانة وللتاريخ تعامل الدكتور يوسف وغليسي مع نصوصي شخصيا بكل احترافية، وبنفس أمارة بالنقد، ومنحني شرفا استحقه على كل حال، وأبدى لي ملاحظات وهنات سعدت بها كطفلة، لأنها تغني تجربتي، وتضيئها، وأشكره شكرا لا حدود له على أن أهدى إلي كبوة الجواد ونبوة السيف وغلطة الشاطر وإن كانت بألف، وأشكره شكرا آخر على أن أسكنني من طبقات الشعر أرفعها. وإنه وإن سبق هذا الجميل بنعتي بالغرور على سبيل الاتهام، إلا أنني أطمئنه بأنه ليس اتهاما بقدر ما هو علامة خصوصية كان يجب وضعها على بطاقة هويتي إلى جانب طول القامة ولون العينين.ولكم تمنيت أن يتم جميله ويتعامل مع كل المدونات بالاحترافية ذاتها، ولكم تمنيت أن تسعد كل شاعرة براي ناقد حصيف، كراي الدكتور يوسف في نصوصها، وأن يهدي إليها عيوب وتشوهات النص لا الجسد وأن يحاسبها على زلات القلم لا القدر "مع حفظ الحقوق لأحلام مستغانمي"، لكن ضيق الوقت حينا وضيق الصدر أحيانا حالا دون أن يخرج كتاب يوسف وغليسي، بما يشبه يوسف وغليسي الذي نعتقد والله أعلم أنه لم يكن في كامل لياقته النقدية.
وأخيرا لن أبرح هذا المقام حتى أشير إلى مرافعة وغليسي دفاعا عن الانتقادات التي وجهتها له في أحدى جلسات المهرجان، مستغلا وجودي خارج القاعة إذ لم يرد على انتقاداتي أول بأول، ليتهمني زورا وبهتانا أنه كان يتصل بي ويقرأ علي ما كتب عن الشواعر وأنني كنت أتلذذ! ! ! كنت مسافرة خارج البلد طيلة فترة مخاض هذا الكتاب الذي لا أعرف عنه شيئا، إلى غاية أن أصبح هذا الكتاب واقعا وبدأ يشتغل عليه، وعدت والتقيت بوغليسي في الدخول الجامعي ليطلب مني ديواني وسيرتي وبعض شعر الصديقات من أمثال حنين عمر وشفيقة لوعيل ، وهنا انتهت مهمتي، وسافرت مرة أخرى، لم يجمع بيننا اتصال هاتفي واحد، وعدت وقد أنهى كتابه، وأنا أنكر أن يكون قد اتصل بي أو أطلعني على جملة واحدة مما كتب، لغاية أن اجتمعنا في قاعة الأساتذة صبيحة بداية المهرجان، الذي أخبرته بامتناعي عن المشاركة في فعالياته، وطلب مني الحضور لأخذ نسخة من الكتاب وراح يتحدث عن أنه قارب شعر إحداهن مقاربة نفسية، لم يقرأ لي منها حرفا واحدا، وعلى هذا الكلام شهود عدول، كانوا يحضرون الجلسة.تمنيت ألا تأخذ أستاذنا الفاضل العزة بالإثم، وتمنيت أن لا يحاول أن يمسح سكين خطيئته في الآخرين، لكن مادامت هذه الأخرى هي أنا، فسأتجاوز الأمر لأنه يوما ما كان يدير ظهره إلى السبورة، وكنت أدير وجهي إليها.ويغفر له الحديث الشريف الذي صدر به كتابه " اللهم إني أعوذ بك من فتنة النساء وعذاب القبر"
يوسف وغليسي تجاوز الخطوط الحمراء لناقد احترمناه كثيرا
شاعرة و أكاديمية استادة الادب العربي بجامعة قسنطينة
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية