أقدمت قوات النظام على اعتقال مجموعةٍ من نساء "مضايا" فور عودتهنّ من مدينة "إدلب" في الشمال السوري، إلى بلدتهن الواقعة غرب العاصمة "دمشق"، في حين تحدثّ ناشطون محليون عن تحويل المعتقلات حاليا إلى مركز "قدسيا" للمصالحات بغية استكمال شروط الإفراج عنهن.
في هذا الشأن قال الناشط الإعلامي "عبد الوهاب أحمد" في تصريح خاص لـ"زمان الوصل" إن عناصر من "الفرقة الرابعة" التابعة للنظام قامت قبل بضعة أيام باعتقال 16 امرأة من "مضايا" وذلك بعد عودتهن مباشرة من "إدلب" إلى منازلهن داخل البلدة.
وأضاف أن المعلومات الواردة تشير إلى قرب الإفراج عنهن -دون تحديد التاريخ- ولاسيما عقب إجبارهن على تسوية أوضاعهن الأمنية وكتابة تعهداتٍ خطية بعدم خروجهن من "دمشق" و"ريفها" باتجاه المناطق الخاضعة لسيطرة "المقاومة"، تحت التهديد باعتقالهن من جديد في حال مغادرتهن المنطقة.
وأوضح أيضا أن النظام عمل خلال الأشهر الماضية على إقناع مهجري "مضايا" و"الزبداني" بمغادرة "إدلب" والعودة مجددًا إلى "ريف دمشق"، عبر نشر الدعايات ورسائل التطمين التي دعاهم فيها إلى التنسيق مع لجنة "المصالحة" التي تقوم بإعداد وتجهيز قوائم بأسماء الأشخاص الراغبين بالعودة إلى بلداتهم في "ريف دمشق" بموافقة كلٍ من فرعي "الأمن العسكري والسياسي" التابعين للنظام.
بدوره أشار "أبو أمجد" أحد المهجّرين في "إدلب" إلى أن السبب الرئيس وراء قرار أبناء "ريف دمشق" بمغادرة مدينة "إدلب" يعود في حقيقته إلى الأوضاع المعيشية القاسية وانعدام فرص العمل للكثيرين منهم رغم امتلاكهم للمؤهلات والخبرات، وحالة الاقتتال الداخلي الذي تشهدها المنطقة بين "هيئة تحرير الشام" من جهة، و"حركة أحرار الشام" الإسلامية، بالإضافة إلى المخاوف المتكررة من إمكانية قيام دول "التحالف الدولي" باستهداف مدن وقرى "إدلب" لتلقى مصيرا مشابها لما حدث مؤخرا في مدينة "الموصل" العراقية.
ونوّه "أبو أمجد" إلى وجود حوادث اعتقال مشابهة طالت عددًا من الشباب "المهّجرين" الذين لم يتمكنوا من التأقلم مع الحياة الجديدة في الشمال السوري، أو أنهم فشلوا في تحقيق حلمهم في العبور إلى "تركيا"، فاختاروا العودة إلى "مضايا"، لقاء قيام كل شاب بدفع مبلغ مالي يتراوح من 400 إلى 500 دولار، لأحد ضباط النظام ليشرف على نقلهم بشكلٍ آمن إلى البلدة، لكنهم يجبرون فور عودتهم على الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية في صفوف "الفرقة الرابعة" وغيرها من التشكيلات العسكرية التابعة لنظام الأسد.
على صعيدٍ متصل، لا يزال النظام ينتهج سياسة الاعتقالات التعسفية التي يعتبرها إحدى أهم ركائزه في سياسة الترهيب والتضييق ضد المدنيين الذين يمرون بمناطق سيطرته، وعلى الرغم من دخول الثورة السورية عامها السابع، إلا أن النظام يواصل اعتقال النساء وابتزاز أهاليهن في "ريف دمشق"، وتشهد مدن وبلدات المنطقة من حينٍ إلى آخر اعتقالات متكررة للنساء اللواتي ينحدرن من مناطق "المقاومة السورية" على وجه التحديد، ونادرا ما يتم الإفراج عنهن لقاء دفع أهاليهم مبالغ مالية كبيرة.
ويعدّ اعتقال النساء من أعقد الملفات والقضايا التي أخذت بالتصاعد بشكلٍ كبير منذ بداية الثورة السورية، ووفقًا لأرقام صادرة عن "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، فإن النظام يعتقل في الوقت الراهن أكثر من 8 آلاف سيدة، بينهن 300 طفلة دون سن الثامنة عشرة، وهناك نحو ألفي مختفية قسريًا، بالرغم من خروج آلاف السيدات من المعتقلات.
جدير بالذكر، أن بلدة "مضايا"، البالغ عدد سكانها 40 ألف شخص، عاشت لسنوات عدة كوارث إنسانية لا مثيل لها جراء الحصار الخانق فرضته قوات النظام، وميليشيا "حزب الله" اللبناني عليها مطلع شهر حزيران/ يونيو عام 2015، وانتهى باتفاق "تهجير قسري" لنحو 4 آلاف من أبناء "الزبداني" و"مضايا" و"بقين" الرافضة لعقد "مصالحة" مع النظام، برفقة عائلاتهم إلى "إدلب"، في شهر نيسان/ابريل الماضي، ضمن ما يعرف باتفاق المدن الأربع.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية