شنّت الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري، خلال الأيام القليلة الماضية، حملات دهمٍ واعتقالات واسعة في مدينة "التل" الواقعة شمال العاصمة "دمشق"، طالت عددًا من أبناء المدينة بالرغم من "تسوية أوضاعهم" القانونية في اتفاق "المصالحة" المُبرم مع النظام نهاية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2016.
وذكرت شبكة "صوت العاصمة" التي تعنى بنقل أخبار "دمشق" و"ريفها" أن مدينة "التل" شهدت توترًا أمنيًا ملحوظًا الأسبوع الماضي، على خلفية شن النظام حملات تفتيشٍ أمنية للمنازل، نتج عنها اعتقالات عشوائية لعددٍ من الأهالي، مشيرةً -أيضًا- إلى وجود صعوبةٍ بتوثيق حالات الاعتقالات في المدينة، التي خضعت منذ مطلع كانون الأول/ ديسمبر، من العام الفائت إلى سيطرة قوات النظام السوري.
في هذا الشأن قال "مراد مارديني" مسؤول التواصل في شبكة "صوت العاصمة" في حديث خاص مع "زمان الوصل" إن حملات الاعتقال التي تجري في مدينة "التل" تهدف إلى الزج بمزيدٍ من شباب المنطقة وقاطنيها في معارك النظام على جبهات "الغوطة الشرقية" و"درعا" و"ريف حماة" و"البادية السورية" ضد فصائل "المقاومة" وتنظيم "الدولة الاسلامية"، مع العلم أن قسمًا من أبناء المدينة، خاضوا معارك سابقة مع النظام في "وادي بردى" وأحياء شرقي "دمشق".
وأضاف أن فرع "الأمن السياسي" أخذ يُلاحق المدنيين الذين يتواصلون عبر خطوط الهاتف الأرضية والمحمولة، مع أشخاصٍ آخرين في المناطق "المحررة" شمال سوريا، إذ تتم حاليًا مراقبة المكالمات "الهاتفية" للرجال والنساء على حدٍ سواء، كما اعْتُقلت "امرأتان" داخل فرع "الهجرة والجوازات" في العاصمة "دمشق" لأسباب مجهولة، في حين لم تُعرف الجهة التي اعتقلتهم حتى اللحظة.
ولفت "مارديني" إلى أن النظام نفذّ في الآونة الأخيرة حملات دهمٍ استهدفت أبنية سكنية في منطقة "الرويس" داخل مدينة "التل" وانتهت بخروج عناصره محملين بأكياس -يُعتقد- أن بداخلها أسلحة، ونبّه في الوقت ذاته، إلى أن "مخابرات" النظام تُلاحق بشكلٍ مكثف مجموعةً من الأسماء، ممن كانت لهم علاقات أو صلات بأعمالٍ إغاثية في المدينة، قبل عقد "التسوية" إضافةً إلى أصحاب "التحويلات" المالية الضخمة من خارج سوريا.
من جانبٍ آخر، تخضع مدينة "التل" في الوقت الراهن لإدارةٍ شبه كاملة من فرع "الأمن السياسي" الذي أعاد الرعب والخوف مجددًا إلى شوارع المدينة، وفي هذا الإطار قال "كمال الخطيب" اسم مستعار لأحد أبناء "التل"، إن دوريات فرع "الأمن العسكري" و"المخابرات الجوية" عادت للانتشار في المدينة، وأخذت عناصرها تُنفذ حملات دهمٍ واعتقالات تعسفية في صفوف المدنيين تحت ذرائع مختلفة، مثل البحث عن "أسلحة" مخبئة في البيوت، أو "مطلوبين" للسوق إلى "جيش" النظام.
ووفقًا لما أشار إليه "الخطيب" في تصريح خاص لـ"زمان الوصل" فإن النظام نكث بجميع تعهداته السابقة التي أعطاها لأبناء مدينة "التل" منها -على سبيل المثال لا الحصر- تعهده بعدم دخول قواته المدينة، وتعيين نحو 200 من أبنائها، لتوكل إليهم مهمة الحفاظ على "الأمن الداخلي" داخلها، فضلًا عن عدم إقامة النظام لأي حواجز تتبع لـ"مخابرات النظام" ضمن أحيائها السكنية وشوارعها الرئيسة.
وأوضح "الخطيب" أن هناك نشاطًا متزايدًا لميليشيا "درع القلمون" الموالية للنظام، والتي لجأ إليها شباب المنطقة عقب "تسوية" أوضاعهم الأمنية لدى النظام، هربًا من "التجنيد الإجباري" وشبح "الاعتقال" من جهة، وظنًا منهم أنهم لن يُجبروا على الخروج قسرًا للقتال إلى جانب قوات النظام خارج مدينة "التل" من جهةٍ ثانية، مؤكدًا كذلك، على أن قيادة هذه الميليشيا تقوم بإرسالهم على الفور للقتال في مختلف الجبهات مع قوات النظام، ليعودوا بعد فترةٍ وجيزة "قتلى" أو "مصابين" بجروحٍ تسبب لهم عاهاتٍ دائمة.
بدوره قال "مارديني" إن ميليشيا "درع القلمون" قامت مؤخرًا بسحب أكثر من 50 عنصرًا من أبناء مدينة "التل" المنتسبين إليها، ومعظمهم كانوا من مقاتلي "المقاومة" في وقتٍ سابق، وزجّت بهم على جبهات القتال مع تنظيم "داعش" في ريف حماه، وذلك بواسطة خداعهم وإيهامهم أنهم ذاهبون للقيام بجولات تفتيش واعتقال لعددٍ من المطلوبين في بلدة "حفير" لتتغير وجهتهم فجأةً وهم في الحافلات إلى "ريف حماة".
على صعيدٍ متصل، تتسلم لجنة "المصالحة" في مدينة "التل" من حينٍ إلى آخر، قوائم تضم أسماء الآلاف من الشباب الذين يطلبهم النظام لأداء خدمة "العلم" و"الاحتياط" العسكرية، مُستغلًا الكثافة السكانية التي تعيشها المدينة، لتجنيد مزيدٍ من شبابها في صفوف قواته، ولا سيما مع وجود ما لا يقل عن 10 آلاف شاب، متخلف عن "الخدمة" العسكرية فيها، وفق ناشطين محليين.
الجدير بالذكر أن الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه بين ممثلين عن النظام واللجنة المفوضة بالتواصل عن أهالي وفصائل "المقاومة" في مدينة "التل" أسفر عن خروج 500 مقاتل، وأكثر من 1500 شاب مطلوب للنظام، برفقة عائلاتهم نحو محافظة "إدلب" شمالي البلاد.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية