حقق الطالب السوري "محمد طالب زمزم" المقيم في تركيا نجاحاً علمياً مميزاً بعد تخرجه من كلية الهندسة الميكانيكية في جامعة "يلدز" التقنية باسطنبول، ونال مرتبة الشرف وبالمعدل الأول في تخصصه بهندسة "الميكاترونيكس" رغم الظروف الصعبة التي عاشها خلال السنوات الماضية كطالب لاجئ في تركيا.
وجاء هذا النجاح بالتساوق مع نجاح آخر في وسطه الأسري حيث نال والداه شهادة التخصص في الدراسات الإسلامية من كليّة الشريعة (الإلهيّات) في جامعة "تشوكوروفا" بمدينة "أضنة" كأكبر زوجَين طالبين من الخريجين في الجامعة المذكورة.
وبنجاحه حصل الطالب "زمزم" على قبول للدراسات العليا في إحدى أكثر الجامعات التركيّة اعتبارا بمِنحة كاملة مدفوعة الأجور-كما أكد لـ"زمان الوصل" مضيفاً أن هذا القبول سيتيح له متابعة مسيرته الأكاديمية في جامعة "سابانجي" ضمن برنامج الدراسات العليا.
ولد "زمزم" في مدينة اللاذقية عام 1994 من أصول تركمانية (جبل التركمان)، وحقق تفوقاً في كل مراحل التعليم الدراسي وتم قبوله في المركز الوطني للمتميّزين بعد حصوله على المعدل الأول على مدينته والثاني على مستوى سوريا، وحصل خلالها على اهتمام متميّز من الناحية العلمية ومناهج تعليميّة مختلفة ومخابر متطوّرة بالنسبة للمرحلة العلميّة آنذاك.
وتخرج زمزم –كما يقول- بالمعدّل الثالث على المركز في ظروف عصيبة بسبب الأوضاع الأمنيّة.
في أواخر العام 2013 سافر زمزم مع عائلته إلى تركيا وفي العام الأول من وجوده هناك عاش الطالب المتفوق حالة من الانغلاق الذّاتي وخصوصاً بعد شعوره بأنه خسر كل شيء يقول: "كنت مؤمناً تماما بما أملك من قدرات ومواهب على الصعيد العلمي، رغم أن الأمور في تركيّا كانت مبهمة تماماً".
وكان لوالده "علي زمزم" دور هام ورئيسي في إخراجه من هذه الحالة وتوجيهه بشكل عملي للتحصيل والاجتهاد العلمي، وأشار "زمزم" إلى أن ردة فعله على المجهول الذي واجهه بعد خروجه من سوريا كانت إيجابية، حيث اجتهد بشكل غير مسبوق لإنجاز ما يلبي طموحه، خصوصاً أنه واجه –كما يقول- مشاكل في قبول شهادة الثانوية باعتبارها صادرة عن المركز الوطني للمتميزين الذي لم يكن معترفاً به دولياً، وخلال هذه الفترة جهد الشاب القادم من اللاذقية لتعلم اللغة التركية بأشهر عدة ودراسة البكالوريا الليبية التي نالها بمعدل 94% ليبدأ التحضير لاختبار القبول الجامعي (يوس).
بعد حصوله على شهادة اللغة التركية أتيحت للطالب فرصة دراسة الطب البشري باللغة الإنكليزية، وكانت هذه رغبة والده -كما يقول- لكن رغبته التي أتى بها من سوريا كانت هندسة الميكاترونيكس، وبناء عليه بحث الشاب الطموح عن أفضل جامعة حكومية تحوي هذا الفرع، فكانت جامعة "يلدز" التقنية التي قدم اختبار القبول فيها بالتزامن مع حصوله على مقعد اللغة الإنجليزية.
"زمزم" لفت إلى أن جلّ اهتمامه منذ عامه الدراسي الأول في الجامعة كان منصبّاً على أمر واحد فقط وهو التفوق علّه يستطيع تحسين وضعه المادي والمعيشي.
في بداية عامه الثاني في جامعة "يلدز" التقنية أنشأ "زمزم" مع 4 زملاء له منهم زوجته "فاطمة الشيخ علي" مؤسسة طلابية أطلقوا عليها اسم "الملتقى العلمي في تركيا" استطاعت خلال ثلاث سنوات من تأسيسها أن تقدم الكثير من النشاطات النوعية الخاصة بالطلاب السوريين في تركيا.
وبعد إتمامه لسنوات الدراسة الأربع تخرج الطالب الشاب محققاً المرتبة الأولى على تخصص هندسة "الميكاترونيكس" في الجامعة التقنية التي تعتبر ثالث جامعة من نوعها في تركيا وتُعد حلماً لكثير من الطلاب الأتراك والعرب.
وحول مفهوم هندسة الميكاترونيكس (الميكاترونيات) أوضح زمزم أن "هذا العلم حقل هندسي واسع يجمع بين الأفرع التكنولوجية الرئيسية:- الهندسة الميكانيكية- الهندسة الكهربائية- هندسة الإلكترون والاتصالات -هندسة الحاسوب- هندسة السيطرة والتحكم، ويتضمن تصميم أي منتج يعتمد على الأفرع السابقة ويقوم مهندس الميكاترونيكس بدور المنسق بين هذه الأقسام المختلفة، وظهر هذا المصطلح لأول مرة -كما يقول- في أواخر الستينيات في اليابان لينتشر منها للعالم، ولا يزال هذا الفرع حديثاً جداً لا يزيد عمره عن عقدين في معظم جامعات العالم.
ولفت محدثنا إلى أنه يطمح للمرور بكل المراحل اللازمة لتشكيل أكاديمي ناجح ضمن تخصصه، بدءاً من الدراسات العليا ثم كمساعد أستاذ وصولاً لأستاذ (بروفسور)، مضيفاً أن اللقب ليس من أولويات طموحه بل ما سيقدمه للعلم وما سيطبق منه بما يعود بالفائدة والنفع على المجتمع.
وأعرب زمزم عن أمله بأن ينفع بلده ومكان نشأته سوريا وبلد أجداده حالياً (تركيا) في مجال تطوير التعليم نظاماً ومناهجَ لإيمانه بأن العلم هو المدخل لسياسة نظيفة، واقتصاد قوي، وعلاقات خارجية متينة، وصولاً لمجتمع فاضل.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية