أكدت مصادر ميدانية خاصة من ريف العاصمة "دمشق"، لـ"زمان الوصل" بأن قسمًا من أبناء مناطق المصالحات المتواجدين في محافظة إدلب، قد احتجزوا لدى قوات النظام، بعد عودتهم طواعيةً إلى بلداتهم التي سبق لهم أن هجروا منها قسرًا خلال الأشهر الماضية.
في هذا الإطار قال "رائد الصالحاني" مدير شبكة "صوت العاصمة" إن أكثر من عشرة أشخاص بينهم طفلة، وثلاث نساء وثلاثة شباب- أحدهم منشق عن قوات النظام- وصلوا مدينة "التل" قادمين من الشمال السوري، بعد تنسيق مع أحد عناصر الميليشيات المحلية الموالية للنظام في المنطقة، مؤكدًا على عدم ورود أي معلومات -حتى اللحظة- عن سحب شبان التل العائدين للخدمة كرهًا أو طوعًا في التشكيلات العسكرية للنظام السوري.
وأضاف، أن النظام اعتقل -في المقابل- شبانًا من بلدة "قدسيا" في ريف "دمشق" الغربي، ممن قاموا بتسوية أوضاعهم وتسليم أسلحتهم لقواته، للسماح لهم بالعودة إلى بلدتهم، بالتنسيق مع ضباط ومسؤولين عسكريين في محيط مدينة "إدلب"، إذ تمّ سوقهم مباشرةً إلى إحدى الثكنات العسكرية في "ريف دمشق" من أجل إتمام أوراق (التسوية) وتجنيدهم في صفوف قوات النظام.
من جهته قال "هارون الأسود" مدير المكتب الإعلامي في "الهامة" سابقًا، لـ"زمان الوصل" أن تجهيزات يُحضر لها من قبل ذوي وأقرباء الشبان المحتجزين، للخروج في "مسيرة" نسائية مؤيدة، في بلدة "قدسيا"، للمطالبة بـ 10 شبان من أبناء "قدسيا" الذين احتجزهم النظام في منطقة "حرجلة" بـ"الكسوة"، لافتًا كذلك، إلى وجود خلافات واسعة في المنطقة بين ذوي وأقارب هؤلاء الشبان من جهة، ولجنة "المصالحة" ولجان "الدفاع الوطني" التي تحاول منع العائدين من الدخول إلى بلدة "قدسيا" وتطالب الجهات الرسمية لدى النظام بإعادتهم مجددًا إلى "إدلب" من جهةٍ أخرى.
ونوّه "الأسود" إلى أن عملية خروج الشباب من "إدلب" كانت خلسةً وبشكلٍ فردي، إضافةً إلى وجود أطراف مجهولين سهلوا خروجهم من المناطق المحررة، إلى مناطق سيطرة النظام، علمًا أن أحدهم يعاني من إصابة في قدمه جراء معارك سابقة خاضها ضد قوات النظام والميليشيات الموالية له على جبهات "حلب".
عن الأسباب التي تقف وراء عودة الشباب المهجرين قسريًا إلى مدنهم في ريف دمشق، رغم إمكانية تعرضهم للمخاطر الأمنية، أوضح "الصالحاني" أن السبب الرئيس يرجع إلى عدم تأقلم غالبية الشبان مع الحياة الجديدة والمعيشة القاسية داخل تلك المخيمات التي أنشئت خصيصًا لهم في الشمال السوري، بالإضافة إلى الوضع الأمني المتقلب الذي تشهده مدن وقرى المنطقة، وعدم توفر القدرة على تأمين ظروف معيشية بديلة خارج المخيمات، نتيجةً للعجز المادي والأوضاع الاقتصادية المتردية لمعظم المهجرين من أبناء ريف دمشق.
واعتبر "هارون الأسود" أن حالة من السخط العام تحيط بغالبية مهّجري "ريف دمشق" في مناطق الشمال السوري، بسبب توقف الأعمال العسكرية وعدم وجود معارك جدية على جبهات "ريف حماة" الشمالي، لفتح طرق العودة تباعًا إلى "ريف دمشق"، كما تطرّق -في الوقت نفسه- إلى الطريقة التي تمكن بها الشباب من مغادرة "ادلب"، مبينًا أنهم قاموا ببيع بعض محتويات المنزل المأجور الذي كانوا يقيمون به، وهي مؤنٌ وسلالٌ إغاثية، فضلًا عن وجود ذممٍ مالية عليهم، مكنتهم من جمع مبالغ مالية لشراء أسلحة فردية وتسليمها للجهات التي أشرفت على عملية تسوية أوضاعهم.
تحاول فصائل المقاومة في الشمال السوري، الحد من ظاهرة "الهجرة العكسية" إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، عبر التدقيق على أبناء "الريف الدمشقي" المتجهين إلى مناطق التماس مع النظام السوري، ووفقًا لما أشار إليه "الصالحاني" فقد اعتقلت "حركة أحرار الشام" الإسلامية في الآونة الأخيرة، عددًا من الشبان الراغبين بتسوية أوضاعهم مع الأجهزة الأمنية للنظام، بغية العودة إلى مدينة "دمشق" ومحيطها.
الجدير بالذكر أن أهالي بلدتي "الهامة" و"قدسيا" في "ريف دمشق" أُجبروا على مغادرة المنطقة، في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الفائت، وذلك بموجب الاتفاق المبرم مع نظام السوري، والذي نصّ على خروج عددٍ من مقاتلي المقاومة-الرافضين لعقد تسوية- برفقة عائلاتهم إلى مدينة إدلب شمال سوريا، حيث وصل مجموع المهجرين من كلا البلدتين حينئذٍ إلى نحو 2500 شخص.
خالد محمد - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية