أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ألمانيا.. السوريون أقلية في مخيّم "جيرا" للاجئين

يبعد عن العاصمة برلين 260 كلم

يسير "أحمد" بخطوات متسارعة في طريق الوصول إلى مخيّم "جيرا" الألماني يتوقع إيجاد الكثيرين في الداخل من أبناء وطنه سوريا، لكن ساعات قليلة والأحلام تتبخر.

وصل أحمد قادما من ريف إدلب عن طريق فيزا "مزورة" إلى أوروبا عقب إغلاق طريق تركيا اليونان بعد توقيع اتفاقية شهيرة بين أنقرة والاتحاد الأوروبي منذ قرابة عام، حيث منع على إثرها اللاجئين من اتباع طريق البحر "السهل نسبياً" إلى اليونان وسط تشديد الرقابة على الحدود التركية وتضاؤل أمل قبوله حتى في حال وصوله إلى اليونان.

يقول أحمد: "كان الطريق سهلاً عبر (البلم) قارب مطاطي في تلك الأيام، سافر أصدقائي من خلاله واستغرقت رحلتهم قرابة الساعة وأربعين دقيقة وكلفتهم 800 دولار على الشخص الواحد، بعد أشهر قليلة، سمعنا عن الاتفاق (الأوروتركي) الذي بخّر أحلام اللجوء لدى كثيرين، الآن باتت طرق اللجوء معقدة جداً وأكثر تكلفة، لقد دفعت 7 آلاف يورو لأكون في بلجيكا ومنها أتيت إلى ألمانيا".

بعد قرابة شهر على وصول أحمد إلى بلجيكا سلّم الشاب القادم من "خان شيخون" نفسه في مقاطعة هيسين (Hessen) قبل تحويله إلى مخيّم "جيرا" الواقع في ألمانيا الشرقية والتابع لمقاطعة تورنغين (Thüringen).

ووقعت تركيا اتفاقاً منذ قرابة سنة وأربعة أشهر يقضي بتكفلها بلاجئ سوري مقابل آخر يسمح له في الدخول إلى أوروبا إذا وصل لليونان عبر أراضيها، وذلك لقاء منحها امتيازات عديدة مثل إعفاء مواطنيها من تأشيرة الدخول إلى أوروبا، ومساعدات مالية جمّة.

التقيت أحمد في المحطة الرئيسية لمدينة "جيرا"، كان متفائلاً جداً باندماجه وحسم قرار لجوئه بسرعة كبيرة كونه من إحدى مناطق النزاع في سوريا ولقلة أعداد اللاجئين المتدفقين إلى أوروبا في الأشهر الفائتة: "الأمور هنا لن تكون بذات التعقيدات السابقة، السوريون سيمدون لي يد المساعدة، لقد أخبروني عن مطاعم سورية مميزة في برلين ومحلات تجلب الكثير من المنتجات السورية، أعتقد أن الحياة هنا ستكون أسهل مما تمّ تداوله سابقاً".

اتفقت مع أحمد الاجتماع به بعد يومين ليخبرني عن نظرته الأولية للكامب الجديد الذي انتقل إليه وهذا ما حدث، لكن ضحكة أحمد العريضة صاحبها غصة سببها التضليل الذي عانى منه السوريون إذ باتت قضيتهم مجرّد ملف يتم التلاعب به في معظم دول العالم سواء عن طريق ملفات اللجوء أو التسليح أو المناطق المتنازع عليها وفقاً لرؤيته، وذلك إضافة إلى عدم تحديد المصير في حال انتهاء الحرب الدائرة والتي اندلعت بعد ثورة هدفت للقضاء على الاستبداد وطمعاً بالحرية وإسقاط نظام بشار الأسد.

"الأمور هنا جيدة، أفضل مما سمعت عنه بكثير من حيث المعاملة والنظافة والخطوات الروتينية التي سبق وأنهكت اللاجئين في سنوات خلت"، يقول أحمد، ثم يتابع: "في الحقيقة معظم الأمور جيدة، لكنني لم أجد أولئك الآلاف من السوريين الذين يتحدثون عنهم كل يوم ويشحدون عليهم، أين هم الآلاف أو المئات؟ هل كانوا هنا في السابق؟ لم أجدهم".

يوضح أحمد بأنّه لم ير سوى 7 سوريين في المخيم الذي يبعد عن العاصمة برلين 260 كلم، ثلاثة منهم قادمون من محافظة الحسكة، هم سوريون يتكلمون بعربية "مكسرة"، والبقية أتوا مؤخراً بطرق مختلفة.

وفقاً لشهادة أحمد، فقد رأى أكثر من 100 لاجئ في الكامب وأقل من 150، يؤكد بأنّه لا يستطيع حسم مسألة العدد ككل، لكنه يشير إلى جلوسه في ساحة الكامب وانتظاره لأكثر من ساعة مع كل فترة مخصصة للطعام بعد إنهاء وجبته، طمعاً بالتقاط أحد يتكلم بلهجته السورية، إلا أنّ اللغة الفرنسية والكردية واللهجة العراقية والشمال أفريقية كانت طاغية على حوارات من جلس بجوارهم.

يضيف: "تعرفت بالصدفة على أحد الإخوة من أكراد سوريا وأرسلني للتعرف على اثنين من رفاقه وبذات الطريقة تعرفت على أربعة آخرين من أبناء وطني، اثنين من حمص وواحد من حلب وآخر من دمشق، الكامب مليء بالمحتاجين لصفة اللجوء القادمين من الصومال والعراق وأريتيريا وأوروبا الشرقية، سواء لأسباب إنسانية أو اقتصادية، لكن السوريين أقلية".

ينتظر أحمد أن يتم نقله لمخيّم آخر في ظرف أيام قليلة بعد إنهاء الإجراءات الطبية والأمنية اللازمة، وينقل عن لاجئين سابقين أن قرار لجوئه لن يستغرق اتخاذه أكثر من خمسة أشهر موضحاً بالوقت ذاته بأنّ معنوياته مرتفعة، حيث سيعمل على جلب زوجته وولديه القاطنين في تركيا فور صدور قرار منحه لجوءاً لثلاث سنوات.

مازن محمد - زمان الوصل
(127)    هل أعجبتك المقالة (99)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي