عندما خرج أبو أحمد من منزله في الرقة بعد ليلة من الضربات الجوية العنيفة وجد العديد من جيرانه قتلى في الشارع.
وقال "خرجت في الصباح التالي لأتفقد الأمر..أقسم بالله كانت القطط تأكل الجثث".
وأبلغ أبو أحمد "رويترز" في سلسلة رسائل صوتية من المدينة معقل تنظيم "الدولة الإسلامية" قائلا "لم نستطع عمل شيء حيال الجثث...كانت متروكة وحسب. أبلغنا المستشفى".
ويقول التحالف بقيادة الولايات المتحدة والذي يقاتل لهزيمة التنظيم في الرقة إنه يبذل جهودا كبيرة لتجنب وقوع خسائر في صفوف المدنيين، غير أن منظمات حقوقية تؤكد تزايد الضحايا من المدنيين الذين يدفعون الثمن الأكبر.
وقال أبو أحمد إن الهجمات الجوية والمدفعية كانت بلا هوادة مما جعل معظم الناس محاصرين بالداخل وغير قادرين على دفن القتلى وشلّهم الخوف من الطائرات الحربية والقصف الذي تنفذه قوات تقاتل على الأرض بدعم من الولايات المتحدة.
وأضاف "لم نجرؤ على الخروج من منازلنا..الموت كان في كل مكان..رائحة الموت والدمار. إنه لأمر مروع".
ورفض الكشف عن اسمه بالكامل خوفا على حياته ولم يتسن التحقق من روايته بشكل مستقل فالدولة الإسلامية تفرض قيودا صارمة على الاتصالات في الرقة وتنفذ من حين لآخر عمليات إعدام بحق أشخاص بتهمة التجسس أو الخيانة.
وقال إنه لم يصادف في الآونة الأخيرة الكثير من أعضاء تنظيم "الدولة الإسلامية" أو المركبات المسلحة في منطقته الواقعة بالقرب من خط قتال أمامي في غرب المدينة.
وكان الكثير ممن رآهم مجرد صبية مراهقين يحملون بنادق كلاشنيكوف وقذائف صاروخية.
وتقاتل فصائل كردية وعربية حاليا التنظيم المتشدد داخل المدينة التاريخية القديمة تحت لواء ميليشيا "قوات سوريا الديمقراطية" بعد توغل تلك الفصائل في الرقة الشهر الماضي.
*مساعدة على وقع القنابل
وفي ليلة حالكة السواد الشهر الماضي كان أبو أحمد عائدا إلى بيته بعد أن جلب الماء من بئر قريبة عندما قال إن ضربات جوية مكثفة استهدفت منطقته الواقعة حول جامع "النور" في الرقة.
وأضاف أن المقاتلات قصفت المباني والسيارات القريبة من مخبز الحي، فقتلت أكثر من 30 شخصا، وقال التحالف بقيادة الولايات المتحدة إنه يحقق في الأمر.
وتذكر أبو أحمد ما حدث في ذلك اليوم قائلا إن الناس كانوا يصرخون طلبا للمساعدة في الظلام وكانت المنازل تتهاوى مع سقوط القنابل.
وأضاف "تخيل...لم نستطع حتى فعل أي شيء. قاذفات الصواريخ والطائرات الحربية. تركناهم يموتون تحت الأنقاض."
وخرج عدد قليل من الرجال للبحث عن المصابين وإنقاذهم لكنهم لم يتمكنوا من إخراج أي من الجثث.
وتقول "سوريا الديمقراطية" التي يقودها الأكراد إنها حريصة على حماية المدنيين في الرقة التي تستخدمها "الدولة الإسلامية" مركزا للتخطيط لهجمات في الخارج، غير أن ناشطين عرب ومنظمات حقوقية تتهمها بانتهاكات لحقوق الإنسان بينها عمليات تطهير على أساس عرقي في المناطق التي تسيطر عليها.
وقبل الهجوم النهائي على مدينة الرقة أثار مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة القلق من التقارير المتزايدة عن القتلى المدنيين في المنطقة. وقال المكتب في تقرير في مايو أيار إن هناك "خسائر مدنية جسيمة" بالفعل.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن عدد الأشخاص المحاصرين في الرقة يتراوح بين 50 ألفا و100 ألف. وقال شهود إن المتشددين يطلقون النار على الأشخاص الذين يحاولون الهرب وقال الذين تمكنوا من المغادرة في الأشهر الأخيرة إنهم دفعوا مبالغ طائلة لمهربين لإخراجهم من المدينة.
وقال أبو أحمد إنه تم تهريب والديه وأطفاله من المدينة.
وأضاف "قمنا بتخزين الطعام منذ فترة تحسبا للحصار.. لكن هذا الهجوم الشرس لم نتوقع حتى واحدا في المئة منه..كنا سنغادر الرقة على الفور (لو كنا عرفنا)."
وقال التحالف بقيادة الولايات المتحدة قبل الهجوم على الرقة إن ما بين 3000 و4000 مقاتل من التنظيم ما زالوا هناك حتى بعد رحيل الزعماء عن المدينة وتوجههم إلى مناطق في الجنوب.
وتقول "قوات سوريا الديمقراطية" إن "الدولة الإسلامية" زرعت الكثير من الألغام في الأحياء القديمة بالرقة وإن المتشددين ينفذون معظم هجماتهم في الليل دون التحرك كثيرا في وضح النهار.
وقالت "رويترز" إنها فقدت الاتصال بأبي أحمد" هذا الأسبوع. وكان قد قال في آخر رسالة له إنه ينوي الهروب من الرقة بمساعدة مهربين والذهاب إلى الريف.
وقال "هذا هو (الحل). الحياة لا تطاق.. نعيش في فيلم رعب".
رويترز - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية