أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"وطن" فيلم يعكس ويلات الحرب ويعزف على وتر جراح السوريين

لم يخف مخرج" وطن" الصعوبات التي واجهها في مقاربة الأمكنة وخصوصاً أن كثيراً من مشاهد الفيلم تجري في سوريا

أنجز المخرج السوري الشاب "مجد السموري" أول أفلامه الدرامية "وطن" الذي يعكس ويلات الحرب ويعزف فيه على وتر جراح السوريين النازفة منذ سنوات.

ويستلهم الفيلم فكرته من قصة طفل سوري في الرابعة من عمره قيل إن موظفي المفوضية السامية للاجئين عثروا عليه وحيداً في صحراء الأردن، وفي يده (ألعابه) التي وضعها في كيس بلاستيك ووصل إلى الحدود الأردنية بمفرده عام 2015.

وتدور أحداث الفيلم الذي تبلغ مدته 18 دقيقة حول الشاب "جاد" وخطيبته "شام" اللذين يعيشان في أحد مناطق الغوطة الشرقية وأثناء القصف الهمجي على المنطقة التي يقطنان فيها يحاولان النزوح إلى الأردن، وأثناء ذلك يتوه الطفل لؤي شقيق "جاد" عنهم، وبعد عودته للبحث عن شقيقه يتمكن من العثور عليه، ولكنه يُحاصر معه ثانية في الغوطة بينما تلجأ خطيبته وأهلها إلى الأردن.

عمل "السموري" معداً ومقدماً لبرنامج "فيوتشرنا" على راديو سوريالي، كمتطوع منذ شباط فبراير/2016 حتى كانون الثاني2017 ومعداً لبرنامج "ساعة سورية" راديو "يرموك إف إم" منذ تشرين الثاني نوفبر/2012 حتى حزيران يونيو/ 2013.

ودرس في كلية الإعلام بجامعة دمشق وكان لديه شغف بالسينما والتصوير منذ حداثة سنه، ومع بداية الحرب في سوريا اضطر للجوء إلى الأردن عبر الشبك الحدودي، وفي الأردن أراد الشاب الذي ينحدر من مدينة درعا إكمال طريقه الذي اختاره فالتحق بالكلية الاسترالية لفنون الإعلام SAE، ليتحول اهتمامه من مجرد مصور هاوٍ إلى تجربة احترافية -كما يقول لـ"زمان الوصل". 

وحول اختياره لتغريبة السوريين ومأساة لجوئهم في أصقاع الأرض موضوعاُ لفيلمه البكر، أوضح مخرج "وطن" أن الزخم مطلوب لمجابهة الطرف الآخر الذي يبذل كل ما بوسعه لتبييض صفحته من خلال توظيف شركات علاقات عامة دولية ومحلية، ولذلك لم يكن لديه –كما يؤكد- خوف أو خشية من التكرار، مضيفاً أن الأمر لم يكن منافسة بالنسبة له بقدر ماهو إيصال وثيقة إلى العالم عن ويلات الحرب وما جرى ويجري منذ أكثر من ست سنوات وحتى اليوم. 

ومثل لوحة تفرض على رسامها أن يهتم بأدق التفاصيل فيها جَهدَ "السموري" للاهتمام بتفاصيل فيلمه "وطن" الذي أنتجته الكلية الاسترالية لفنون الإعلام، فدائماً هناك رسائل مبطنة تصل إلى المشاهد وتؤثر فيه غير الحوار والتمثيل –كما يقول- مضيفاً أنه حرص كثيراً في فيلمه على ألوان ملابس الممثلين وعلى ألفاظ معينة لها دلالات معنوية وشخصية وعلى إظهار ما يُعرف في صناعة السينما بـ"البروبس" وهي الأشياء الصغيرة والبسيطة التي تظهر في المشهد.

ولم يخف مخرج" وطن" الصعوبات التي واجهها في مقاربة الأمكنة وخصوصاً أن كثيراً من مشاهد الفيلم تجري في سوريا، فكان عليه -كما يقول- أن يسعى لخلق مكان يحاكي موقع الدمار في سوريا، ولكن الأمر كان في غاية الصعوبة لضعف الإمكانيات المادية، وكان من شأن هذه العقبة أن تُخرج المشاهد من القصة وتجعله يشكك في مجريات الأحداث، ولذلك بحث السموري وفريق فيلمه كثيراً في عمان حتى وجدوا أماكن متشابهة نوعاً ما لما هو في سوريا.

وأضاف عليها -كما يقول- بعض المؤثرات في موقع التصوير، كما أضفى في مراحل الإنتاج أيضاً بعض المؤثرات الصوتية والبصرية، لكي يقنع المشاهد بأجواء الحرب ويجعله مرتبطاً بأحداث الفيلم وصيرورته. 
وحول بطل الفيلم الطفل "مصطفى عبد السلام" الذي أخذ دور الطفل التائه وكيف اكتشف وأدار موهبته أوضح المخرج "مجد السموري" أنه اكتشف الطفل مصطفى بعد نشر بوست على "السوشيال ميديا" عن الحاجة لطفل بمواصفات معينة لأداء دور تمثيلي وبعد أيام -كما يقول- تواصلت والدة الطفل مع فريق الفيلم وأكدت أن ابنها يملك موهبة التمثيل ولديه قدرات فنية، واتضح بعد قليل من التمرين أن لدى الطفل فعلاً طاقة وموهبة هائلين، رغم أنها التجربة السينمائية الأولى بالنسبة له.

وأردف محدثنا أن الطفل مصطفى استطاع منذ أول بروفة كسر الحاجز بينه وبين فريق العمل ودخل في الحدث، وأصبح يستوعب التعليمات الإخراجية بيسر وسهولة. 

ولفت المخرج "السموري" إلى أن من أكبر الهواجس التي تشغله كصانع أفلام سوري هو تخوّفه من إمساك الغرب بخيوط هذه الصناعة وإدراكه لفعالية الفن السابع وقدرته على التأثير وعلى قيادة "القطيع" ولذلك -كما يقول- يسعى الغرب إلى تصويرنا كالرعاع والجهلة، ويحشد كل إمكانياته ضدنا، ورغم ذلك فهناك إلى الآن في الوطن العربي والشرق الأوسط من يفتي بأن التصوير حرام. 

وأعرب محدثنا عن أسفه لغياب الممول صاحب التوجه المشترك لدعم التجارب السينمائية الشابة، وفي حين أن العامة يعتقدون أن صناعة السينما تكسب الكثير من المال، ولكنهم يعرفون أن هذه الصناعة بالأساس تحتاج لتمويل ودعم كي تصبح قوية ومؤثرة.

وأوضح "السموري" أن "ثقافة الاستثمار في صناعة الأفلام لا تلقى رواجاً في بلادنا وخصوصاً لدى أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين والمنظمات الخاصة والحكومية، وأغلب هؤلاء -كما يقول- يعتبرون الاستثمار في صناعة السينما مشروعاً خاسراً، ولا يكسب الكثير من الأموال أو يحتاج لأمد طويل لتحقيق هذا الهدف.

سيناريو وإخراج: مجد السموري 
بطولة: نهلة سحلول- عبد الرزاق فاخوري- والطفل مصطفى عبد السلام
إنتاج: Thaer Al Tahli, Yahya Gumaa
إضاءة وتصوير: Azzam Abdulhakeem
منتج منفذ: Lina Shkair
صوت: Rafat Kasasbeh
سيت دزاين: Ghazal Fakhoury Ehab

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(110)    هل أعجبتك المقالة (94)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي