على مدار يومين سار الأسد بحذائه دون جوارب وببنطال الجينز والقميص مكفوف الكمّين في شوارع قرى ريف حماة (العلوية) يبارك لذوي جرحى جيشه بالعيد وبالشفاء، ومع القاتل زوجته ببساطتها المصطنعة وبصحبة فراخها الذين يمارسون رحلة التعرف على حاضنة والدهم وجدّهم الخالد.
زيارة الأسد كانت واضحة الرسالة لأي قارئ ومشاهد بسيط، فهو في الأعياد الأخيرة يدور بين قرى مؤيده متنقلاً بينهم بثيابه البسيطة ومفتعلاً العفوية، يطرق الأبواب بثقة ابن الضيعة وتستقبله النسوة والفتيات بالقبل والزغاريد، والعجائز بالدعوات.
لم يزر الأسد قرية أو مدينة، أقولها آسفاً، (سّنية)، وفقط أجرى اجتماعات في قصره أو برعاية زوجته أسماء الأخرس في بعض الجمعيات وبين القبيسيات في أحسن الأحوال تعبيراً عن دور الدولة العصابة في رعاية قتلى المؤيدين.
لم يتجول الأسد في قرى المدن السنية بسيارته فهم المواطنون الأعداء الخارجون عن طوع الكرسي الأسدي، وقتلاهم حتى وإن كانوا مؤيدين، فهم أبناء الحاضنة التي أرادت العصيان، ويجب تأديبها.
بنفس الوقت صفحة رئاسة الجمهورية وبوقاحة تؤكد على (علوية) السلطة فتنقل زيارات الأسد بأحاديثها موثقة بلهجة الأسد المراوغة التي يخلط فيها بين لهجة ابن القرداحة ومن تربى في المهاجرين وأبي رمانة...الرئاسة الطائفية الوقحة بكل فجاجتها ودون استحياء.
في البيوت التي دخلها الأسد كان المشهد المكرر، بيوت فقيرة...حصائر بلاستيكية وكؤوس (المتة) وفرش من اسفنج واطئ، وبشر "يصعدون إلى حتفهم باسمين"، كما يقول "محمود درويش"، صورة الرعاع المشدوهين بالرمز الوثني الذي سيقودهم إلى الخراب، وهم متمسكون بأذيالهم، ويتمسحون بقميصه المبارك...هكذا تذهب الطائفة بأبنائها إلى الموت، الموت والحرب على إخوة الوطن الذين كانوا.
على الحواجز بين القرى يقبل الناس على (الرئيس) هارعين للسلام والتقبيل، وأحدهم يصرخ (هاتوا كولا للرئيس) بينما يلتقط عناصر حاجز ميليشيا "الدفاع الوطني" صور سيلفي بلهاء مع من قتل الشعب وقتل أبناءهم.
وفي الجانب الآخر من الشعب تلقى القنابل من طائراته وطائرات كل العالم على الأطفال صبيحة العيد في دير الزور والرقة ودرعا.
رئيس الطائفة التي يقودها لعداء كل الشعب مسروراً بجمهوره الطائفي وبالذاهبين إلى موتهم باسمين.
ناصر علي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية