يطل العيد هذا العام على أهالي إدلب، بوجه مختلف عن الأعياد التي سبقته، فمع توقيع اتفاق الهدنة بداية الشهر الماضي، وغياب القصف عن أجواء إدلب، سيكون بإمكان أهالي إدلب التحضير لأجواء العيد باطمئنان أكثر، على خلاف باقي الأعياد الماضية التي لم تكن تخلو من المجازر والقصف، الذي كان يستهدف الأسواق في الغالب باعتبارها نقطة تجمع كثيفة للسكان.

*إقبال على الأسواق
وشهدت أسواق محافظة إدلب خلال الأيام الماضية إقبالاً كثيفاً من قبل السكان، الذين خرجوا لشراء حاجات العيد من ألبسة لهم ولأطفالهم، وكل ما يلزم العيد من حلويات وفواكه وضيافة، وقال "ماهر الحفيان" من مدينة "معرة النعمان" لـ"زمان الوصل": إنه "في الأعوام الماضية كان تأمين مسكن النزوح ولقمة العيش هو الهدف الأول للنازحين في ظل نزوحهم المتكرر وعدم استقرارهم في مكان واحد ولم يكونوا يكترثون لشراء ألبسة لأطفالهم، كما أن السكان في كل عيد كانوا يتخوفون من حصول مجزرة تحول عيدهم إلى مأساة".
في حين قالت السيدة "محاسن اللبابيدي" :"في هذا العام ومع توقف القصف ستكون الفرصة متاحة لي للتسوق بشكل كافي لاختيار القطع الأفضل، إضافةً إلى أن الأسعار تعتبر مقبولة بعض الشيء مقارنة بالأعوام الماضية".
وتتنوع البضائع الموجودة في أسواق إدلب، فهناك بضائع قادمة من مناطق النظام، وبضائع قادمة من تركيا، إضافةً إلى "البالة" الأوروبية والبضائع محلية الصنع، إلا أن إقبال الناس كان على البضائع التركية والمحلية الصنع.
وتعتبر أسعار البضائع التركية معتدلة، حيث يبلغ سعر بنطرون القماش بـ4500 من البضاعة التركية، بينما يكون سعره 7000 في البضاعة القادمة من النظام، والفستان تركي الصنع لفتاة عمرها 7 سنوات بــ8000 ليرة سورية، بينما من بضائع النظام يصل سعره إلى 10آلاف ليرة، كما أن البلوزة التركية لطفل عمره 10 سنوات سعرها 4000 ليرة، بينما القطعة ذاتها من مناطق النظام تصل إلى 5500 ليرة سورية.

*الحلويات حاضرة في العيد
من جهة أخرى تعتبر الحلويات جزءا أساسيا من طقوس العيد، حيث تبدأ نساء إدلب بتحضير الحلويات قبل أيام من حلول العيد، وتتميز محافظة إدلب بأنواع معينة من الحلويات، كالكعك بزيت والكعك الحلو والمالح، فجميع البيوت لا تخلو منهم أيام العيد، ورغم سنوات الحرب لم يتخلَّ أهل إدلب عن هذا النوع من حلويات العيد، ولم تتغير مكوناتهم مع تغير الظروف الاقتصادية، بل بقيت حتى اللحظة بنفس الجودة ونفس الطعم مع فارق كبير في السعر طبعاً.
ورغم بساطة مكونات الكعك بزيت وتوفرها بشكل دائم، إلا أن سكان إدلب يتفاخروا في جودة صنعها، وقال "أبو اسماعيل الدبيبي"، وهو صاحب فرن في مدينة إدلب "سر الكعك بزيت في التبلة وجودة زيت الزيتون فقط، فمكوناتها بسيطة جداً وهي طحين أبيض وكمية من البهارات التي تأتي جاهزة غالباً، وزيت الزيتون والقليل من الملح".
وكانت تكلفة الكعك بزيت سابقاً 50 ليرة سورية للكيلو، أما اليوم أصبح الكيلو يُكلف 1000 ليرة سورية، دون احتساب زيت الزيتون فهو من الزبون ولا علاقة للفران به ويبلغ الكيلو منه بـ 2000 ليرة، كما أن سعر تبلة الكعك كل 100غرام بــ200 ليرة.
أما "الكرابيج" و"معمول التمر" فيعتبر تواجدهما هذا العيد قليلاً في كثير من البيوت، فمعمول التمر بعد أن كان الكيلو منه بــ100-150 ليرة قبل سبع سنوات، أصبح اليوم بــ1600 ليرة، والنوع الممتاز بــ2000 ليرة، أما "الكرابيج"، والتي كانت تُحشى بالفستق والجوز، أصبحت تباع بالقشطة لغلاء أسعارها، ويصل سعر القطعة إلى 100 ليرة إذا كانت محشية بالفستق، و75 إذا كانت محشية بالجوز.

*ألعاب العيد عادت من جديد
قبل حلول العيد بأيام قليلة، يبدأ سكان إدلب وريفها بنصب الأراجيح والكراسي المتحركة دائرياً، والأحصنة المصطنعة وغيرها من الألعاب المبهجة للأطفال، ويتم نشرها في الساحات أو بين الأزقة، فمناطق إدلب لا تحوي مدن ألعاب ثابتة، وإنما يتم انشاؤها خصيصاً لأيام العيد، وبعد انتهائه يتم إزالتها، كما أن العديد من الجمعيات والمنظمات تبدأ بتجهيز حفلات ترفيهية للأطفال ومراكز للألعاب.
وقال "محمود قيطاز" من "معرة النعمان": "طوال السنوات السبع الماضية لم يحتفل أولادي بقدوم العيد ولم يعرفوا فرحته، مرّت سنوات مظلمة على الأهالي، فقد الكثير من العائلات أبناءهم والبعض الآخر غادر بلاده هرباً من القصف، فلم يعد هناك مجال لإقامة أجواء عيد للأطفال، ولم نجرؤ على السماح لهم باللعب خوفاً من قصف مفاجئ".

*حملة توعية ضد الألعاب النارية
ويعبر بعض الأطفال في العيد عن فرحتهم بإطلاق الألعاب النارية، ما يسبب حالة إزعاج لدى الناس، الذين لديهم خوف وتوتر مسبق من أي صوت انفجار نتيجة القصف المتكرر الذي عاشوه طوال السنوات الماضية.
وتجنباً لذلك أطلقت الشرطة الحرة العاملة في ريف إدلب، حملة للتوعية ضد استخدام الألعاب النارية، والتي تهدف إلى توعية السكان والأطفال إلى ضرورة عدم استخدام الألعاب النارية والمفرقعات في العيد، والتي قد تؤذي الأطفال وتسبب حروق جسدية، وفي نفس الوقت تكون مصدر إزعاج للناس.
وقال رئيس مخفر الشرطة الحرة في "معرة النعمان" "يوسف العلوان" لـ"زمان الوصل" إن "الحملة تتضمن طباعة بروشورات وتوزيعها على الأهالي والأطفال للتعريف بالحملة ونشر التوعية، وشرح مخاطر الألعاب النارية، كما سيكون هناك استنفار عام من قبل دوريات الشرطة الحرة خلال أيام العيد، في أماكن ألعاب الأطفال والأسواق ومفارق الطرق، وكذلك عند المساجد خلال صلاة العيد".
إدلب - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية