ودّعت مدينة حمص أول أمس الأحد الشيخ والمربي "محمد يوسف درويش" أحد رموز النضال الفلسطيني الذي توفي في "مخيم العائدين" عن عمر ناهز الخامسة والثمانين عاما.
وكان "درويش" شاهداً على مرارات وعذابات الشعب الفلسطيني ونكبته بكافة تفاصيلها، وعلى فراق الأهل والأرض والقرية الزاهرة (الشجرة قضاء طبريا)- كما يقول الباحث والمؤرخ الفلسطيني "فادي سلايمة" لـ"زمان الوصل"، مضيفاً أن "أبو فاروق الشجراوي" وهو اللقب الذي كان محبباً له ولد في بلدة "الشجرة" الفلسطينية التابعة لقضاء "طبريا" والمعروفة بنضالها الطويل ضد الاحتلال الصهيوني عام 1931، والتي أنجبت العديد من المبدعين الفلسطينيين مثل الفنان "ناجي العلي"، والشاعر "إبراهيم محمّد الصالح"، أبو محمّد والمعروف بـ"أبو عرب".
وكان والد الفقيد "يوسف الدرويش (سلايمة)" مختار لقرية "الشجرة" في العهدين العثماني والبريطاني حتى عام 1948.
وأردف محدثنا أن درويش نزح من قريته إلى لبنان عام 1948 ثم إلى سوريا في ذات العام ليعيش في مخيم العائدين بحمص منذ بداية نشأته وليكون شاهداً على مأساة اللجوء وإقامة مخيم اللجوء".
وتابع "سلايمة" أن الراحل "كان طالباً في كلية الشريعة بجامعة دمشق عام 1953 وعمل مع بعض الشباب الفلسطيني آنذاك من أجل فلسطين والعودة من خلال تجمع أسموه (ندوة الأقصى)".
وفي نفس العام -كما يقول- نشأ داخل التجمعات الفلسطينية في سوريا -وخاصة في مخيم العائدين بحمص- تنظيمان هما: "منظمة الشباب العربي الفلسطيني" و"تنظيم ندوة الأقصى" -ذو الاتجاه الديني- الذي ضم مجموعة من الطلبة غالبيتهم من قرية "الشجرة" وقرية "ترشيحا" -قضاء عكا- وكان لأبي فاروق دور بارز في "ندوة الأقصى" التي أصدرت حينها مجلة أسبوعية بذات الاسم توزّع مجاناً، وهي -حسب محدثنا- أول مجلة فلسطينية تصدر في الشتات بعد عام 1948.
ثم أصبح الرجل ممثلاً عن مخيم حمص وقرية "الشجرة" في الاتحاد القومي الفلسطيني عن طريق الانتخاب المباشر في عهد الوحدة 1959-1961، وكانت هذه أولى المحاولات لإنشاء كيان فلسطيني، وتولى بعد ذلك رئاسة لجنة التوجيه القومي ورئيساً للجنة مكافحة الاستعمار والصهيونية في الاتحاد القومي الفلسطيني بحمص في عهد الوحدة، كما شارك في عضوية المؤتمر الأول لمنظمة التحرير 1964.
ولفت "سلايمة" إلى أن الراحل حصل على المؤهل التربوي للتعليم الابتدائي من معهد اليونسكو والأونروا عام 1964 وعلى ليسانس في الشريعة من جامعة دمشق عام 1970.
وعمل "درويش" كمعلم ابتدائي في المدارس السورية لمدة 3 سنوات ثم أصبح مدرساً للغة العربية والتربية الإسلامية في مدارس وكالة الأمم المتحدة (الأونروا) لمدة 16 سنة من عام 1953-1969 ومديراً لإحدى المدارس لمدة 21 سنة من عام 1969-1990 وخطيباً ليوم الجمعة في مسجد المخيم (مسجد الأمين) لمدة 20عاماً من عام 1960-1980 ثم أصبح عضواً في لجنة المخيم (اللجنة المحلية ولجنة التنمية الاجتماعية والخدمات) منذ عام 2003 وهي اللجنة التي قدمت الكثير من الخدمات للمخيم في مجال المرافق العامة كالماء والتمديدات الصحية وتعبيد الشوارع والكهرباء لأهالي "مخيم العائدين".
وكان بيته -حسب محدثنا- مفتوحاً للناس لحل مشاكلهم أو الاستفسار عن بعض الفتاوى الشرعية وإصلاح ذات البين وتوزيع المساعدات للفقراء والمساكين مما جعله من أبرز وجهاء مخيم حمص، ورفض الهجرة من سوريا ليبقى بين أهله وشعبه ولكن المرض أقعده عن الحركة والنشاط حتى وافته المنية في الثالث والعشرين من رمضان 1438 هـ.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية