أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

رمضان في ذاكرة كاتب.. "أحمد عمر" يفطر مع هارون الرشيد

الكاتب أحمد عمر

يحمل رمضان في ذاكرة الكاتب السوري "أحمد عمر" الكثير من صور الإدهاش والغرابة البعيدة عما هو مألوف كما هي كتاباته تماماً.

وكان "عمر" المقيم في ألمانيا كما يروي لـ"زمان الوصل" مكلفا في لحظة الإفطار في رمضان الصبا بإحضار وجبة الإفطار له ولوالده، مشيراً إلى أن بيتهم لم توقد فيه نار قط، سوى مرة واحدة طبخت له جدته الزائرة رزاً مع لحوم مزجاة، نصفها دهن، في زيارة لم تتكرر".

ويردف صاحب "هدهد في زجاجة" أن ذلك اليوم كان يوماً مشهوداً لايزال يتذكره بقوة وبإعجاب شديدين، وكان الرز آنذاك يلمع تحت السمن في مشهد فريد وخالد لا يُنسى.

ويستعيد الكاتب المنحدر من مدينة "عامودا" ذات الأغلبية الكردية تفاصيل من يومياته الرمضانية كما عايشها في صباه، إذ كان يعود أحياناً متأخراً عن فطور المغرب بعد يوم قائظ، وكان التأخر عادة لدقائق ولكن الزمن يغدو ثميناً ويعدُّ بالثواني في ساعة الإفطار.

ويتابع محدثنا أن أذان المسجد الكبير كان يسبق المدفع أحياناً الذي لم يكن مدفعاً في الحقيقة بل قنبلة صوتية تتأخر ربع دقيقة عن موعد الإفطار، ويستدرك عمر بأسلوبه الفكاهي المعهود أنه مع أهله كانوا يشربون ماء يروي ظمأ ناقة قطعت الربع الخالي، ويقولون "ظُلم الذين في أطرف البلدة، غرموا نصف دقيقة تأخير! أكلوها".

ويضيف "عمر" متذكراً إحدى عادات رمضان الأثيرة التي عرفتها المدن الشامية، إذ كان يرى في طريق عودته إلى البيت بالطعام كثيراً من الصغار الأطفال، وهم ينسلون من بيت إلى بيت، يحملون "سكبة "الجيران" كانوا يجروْن خطفاً كشهب ثاقبة، ليعودوا سريعاً إلى المائدة التي اجتمعت عليها الأمة كلها"، أمة بأكملها تأكل في لحظة واحدة".!

وكانت شوارع البلدة تخلو إلا من متأخر مثله، وعند وصوله إلى البيت كان الصبي يرى مائدة لم تُتح لهارون الرشيد وقد دبجتها "سكبات الجيران"، وربما عاد في وقت مبكر فيلهو مع هرة المنزل التي كانت تحاول أن تمد يدها إلى المائدة فينهرها ويأمرها بانتظار الأذان فتتربض وتتنظر.

ويردف محدثنا أنه لم يكن يعرف لذائذ الأطعمة مفسراً ذلك بأن ثقافة المائدة ضعيفة عند الكرد وهي عند الأولاد الصغار أضعف.

ويتكئ مؤلف "مقصوف العمر" على التاريخ ليروي أن شخصية من شخصيات رواية "أنقاض الأزل الثاني" ابتدعت مذهباً في طبخ الأرز غريبا، وهو أن تدّخر أرزاً في يدها فينضج بالعرق! مضيفاً أن "حكايات الخيال انتقام من الواقع أحياناً أو تعويض عنه.

ويستطرد "عمر" مشيرا إلى أن "المائدة واحدة من علامات الحضارة، والمدنية، وقد تنوعت المائدة الكردية لاحقاً -كما يقول- وباتت مثل قريناتها الشامية، فالكبّة النية اسمها عند الكرد الكرمانج "بلوعية" والاسم عربي من سهولة البلع، الكبة النية لا تحتاج إلى المضغ، والكبّة الكردية الشائعة مسلوقة اسمها "كتلك" وهي من الكتلة العربية.

وختم محدثنا أن أسرتين حلبيتين قدمتا إلى البلدة فأطعماها الكباب وعرف أهلها على أيدي الأسرة الصُنَاع بعضا من أنواع الحلويات.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(121)    هل أعجبتك المقالة (144)

لقمان

2017-06-17

ليتك أيها الكاتب أن أفضت. ..ماهذا يشفي من الفضول عن هذا الكاتب الرائع.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي