أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

احتمالان لما يجري بدرعا.. إيران في المصيدة أو "خوش أمديد" فوق معبر نصيب*

اثار القصف على درعا يوم أمس - جيتي

كم قطعة من الجبن عليك أن تطعم الفأر حتى يسقط في الفخ.. تلك الطريقة التقليدية لاصطياد عدوّك، بيد أن عملية الصيد ـ إن صحّ الافتراض ـ تجري بطريقة غامضة ومقلقة، وتبعث على التساؤل ما إذا كانت إيران سترفع لافتة "خوش أمديد" فوق معبري الرمثا ونصيب الحدوديين مع الأردن على مرأى ومسمع من الجيش العربي. 

منذ وصوله إلى الحكم عمدَ دونالد ترامب على صياغة معادلة أخرى في التعاطي مع إيران، هو يحاول جمع المال من الحلفاء التقليديين وإقناعهم بأنه سيعيد إيران خطوات إلى الخلف، وظهرت نُذرُ مواجهة عبر عدّة ضربات لقوافل عسكرية للنظام تدير تحرّكاتها إيران في البادية السورية، لكنّ قاسم سليماني أصرّ على الظهور في الضفّة العراقية من الحدود، بل إنه يدير عمليات الحشد الشعبي التي تقدمت وسيطرت على عدّة قرى داخل الأراضي السوريّة، ويبدو هذا الخصم (إيران) مثابراً وعنيداً إلى درجة تثير الارتياب بأنه يخطط بناء على ما يخطط له الأمريكيون.

محاولة إيرانية لفتح "كريدور" عرضيّ يصل العراق بغرب سوريا، وتجري المحاولة مع تحرّك أشدّ خطراً في الجنوب، حيث يحرّك النظام مدعوما بالإيرانيين قوافل للاستيلاء على درعا البلد ومعبرها الحدودي مع الأردن، ويستمر العمل العسكري لنحو أسبوعين دون حراك دبلوماسي أو حتى بيان أميركي أو عربيّ، وكأن بعبع "الهلال الشيعي"، والتفاهمات الروسية الأمريكية حول الجنوب، والقلق من وصول الحرس الثوري وحزب الله إلى التلال المشرفة على الحدود بين سوريا والأردن وفلسطين مسألة اعتيادية وبسيطة.

خلال أيام تلقت مدينة درعا وبعض قرى الريف المجاور نحو ألف صاروخ ثقيل وحاوية متفجرة (برميل)، في عملية حرقٍ تذكر تماما بما حصل في حلب وداريا وجوبر، إنها الطريقة الإيرانية الروسية، لكن هذه المرّة ليس بالإمكان ركن "الباصات الخضر" على مداخل درعا لنقل أبنائها إلى إدلب، فالأردنيون الذين اكتفوا ببعض مقالات الرأي في صحافتهم يعرفون خطر ما يحصل، كما أن الإسرائيليين ليسوا أقل قلقاً.

لأن ما يجري في الجنوب لا يمكن أن يترك إقليمياً للاحتمالات، فإن أقصر فهم لما يجري هو أن هناك محاولة لجرّ الفأر الإيراني نحو الفخّ، إنهم (الأميركيون – الإسرائيليون – العرب) يبحثون عن شعارٍ لحرب تصفية بدأت في الجنوب لتتوازى مع ما يجري في الرّقة.

لم تعد إيران وروسيا مهتمّتين بمناطق "خفض التوتر"، إلا أنّ لكلّ أسبابه الخاصّة، فالروسي يبحث عن تثبيت تفاهماته مع الأمريكي، بينما الإيراني يسعى لتفاهم مع حقبة ترامب، أما الأخير وإن كان ملتزما بمشروع "جابي المال" الذي يتبناه أمام الرأي العام الداخلي الأمريكي، أي أنه لا يدفع، كما أنه لا يستطيع جلب مزيد من المال دون مشروع، وأمن الإقليم عبر الجنوب السوري جاذب دوليّاً، كمان أنه مقنع للـ"سبونسرز".

لم يصل الحال في درعا إلى درجة الصّراخ رغم حملة الناشطين، ورغم الضحايا المدنيين، فميزان المعركة العسكري يميل لمصلحة الثوار، وربما يكون الصبر في هذه المعركة هو ما لا يتمناه داعمو أمن الجنوب إذا افترضنا أن المطلوب هو رفع رايات حزب الله وإيران على الحدود، ثم جعلها أهم عناوين للشاشات وأعمدة الرأي ومؤسسات الدراسات الغربية.

إذا لم يكن ما سبق افتراضاً صحيحاً، فإن الصحيح هو أن الأميركي والأردني يريد إيران شريكا في سوريا والعراق.. دعكم من بشار الأسد، فالأطراف الثلاثة الأهم في الشرق الأوسط اليوم هي إسرائيل وإيران وتنظيم "الدولة الإسلامية"، ولاحظوا أن هذه الأطراف لم تشتبك حتى اللحظة، أو أن أيّ طرفين بينهما لم يشتبكا بعد، هناك حرب دعائية تشبه مزاعم محاربة الإرهاب، إلا تلك الأطراف تستخدمه بكل جدارة وحرفيّة... وتقيّة أيضاً.

*علي عيد - من كتاب "زمان الوصل"
(82)    هل أعجبتك المقالة (88)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي