أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الباشا أبو جعفر .... حسن بلال التل

سبق وأن أسعفني الحظ والتقيت معالي السيد نذير رشيد أكثر من مرة فكان أكثر ما جذبني فيه أنه يمثل الصورة التي نسمع بها كثيراً و لا نراها لرجل الدولة الأردني بل وللأردني وهي الصورة التي نتخيلها عندما نسمع برجال من أمثال وصفي التل وعبد الحليم النمر وهزاع المجالي لكننا للأسف فقدناها تماماً سواء في رجال الدولة أو حتى أبناء هذا الوطن.


فالأردني هذه الأيام لم يعد ذلك الرجل الصلب الذي يحمل الأردن في قلبه وروحه ويعض عليه بالنواجد والأردني لم يعد تلك الشخصية الرافضة للظلم والذل أياً كان مصدرهما وأيضاً لم يعد مثال نظافة اليد والفرج والنفس، فكان الالتقاء بأبي جعفر أشبه بنسمة عليله وسط صيف حار يأبى الانقضاء لأنه كان ولايزال المثال الحي على كل ما فقدناه


أما الأمر الآخر الذي شدني إليه أكثر هي صراحته وصدقه وجرأته المتناهية بل والمنقطعة النظير والتي تجلت في أوضح صورها بالنسبة لي يوم زارنا الباشا في المركز الأردني للدراسات والمعلومات ليلقي محاضرة عن حياته وتجربته ضمن برنامج الرواد ورغم أن اللقاء كان نخبوياً والجلسة محدودة إلا أنه كان يعلم أنه في منبر عام وأن ما سيقوله لن يبقى محصوراً ضمن جدران تلك القاعة فأبسط الأمور أن الصحف اليومية ستنشر خبراً مطولاً عن المحاضرة قبل أن تنشر اللواء تفاصيلها ومع ذلك كان الباشا قمة في الجرأة والصدق ولم يتوان للحظة عن ذكر الوقائع بالتفاصيل والأرقام والأسماء لأنه يعلم أنها شهادة للأردن ورجاله قبل أن تكون شهادة للتاريخ والحقيقة وبالنسبة للرجال الحقيقيين من أمثال أبي جعفر فإن الأردن هو التاريخ والحقيقة ورجاله هم عماد هذا الوطن وحملة شعلة هذه الأمة وقد تجلى هذا خلال شهادة الباشا على العصر على قناة الجزيرة فرغم أن مقدم البرنامج الذي يظن نفسه كبير الجهابذة أو أنه فريد عصره ووحيد دهره ودوماً ينظر إلى كل شيء بعين واحدة ويصر على أن يعمم على الكون كله نظرته وقناعاته العجيبة أقول رغم أن المقدم أحمد منصور حاول أن يجر أبو جعفر إلى مطباته المعتادة من الإساءة إلى الدول والنظم الأخرى ونظرته الإحادية الدائمة إلى أي رجل دولة وخاصة إن كان عسكرياً إضافة إلى التحامل المعتاد على الأردن من قبله وقبل محطته إلا أن صدق نذير رشيد وجرأته وإخلاصه وحبه الصادقين للأردن قد فوتا هذه الفرص على مقدم البرنامج وأجبراه مرات عديدة على التراجع والقفز عن مواضيع رأى أنها لن تسير وفق المسار الذي أراده لها لأنه لم يكن يتوقع أن أبو جعفر سيكون هو قائد الحوار بدل أن يكون مجرد أداة فيه كما اعتاد أن يفعل منصور بالكثير من ضيوفه.


وحتى في حلقة الختام أو برنامج بلا حدود الذي فتح فيه منصور المجال لكل من يريد أن يسيء إلا أن الباشا كان أذكى من ذلك رغم أن البعض يرى أنه كان من الخطأ أن يرفض أبو جعفر الاستماع إلى بعض المتصلين إلا أن واقع الحال أن ذلك كان خيراً، لأنه لاسمح الله كان من الممكن أن يقوم أحدهم باستفزازه عامداً مما كان سيتسبب ربما بالمزيد من اللغط والإساءة ويكفي أن تشاهد الدقائق الأولى من هذه الحلقة الختامية حتى تدرك أي رجل هو نذير رشيد الذي استهل الحلقة باعتذار عن زلة لسان صدرت منه بحق أحد الضباط الذين جاء ذكرهم ثم وثب مدافعاً عن زميله مشهور حديثه عندما حاول متصل آخر أن يجر ذكره إلى ساحة الحوار بصورة قد تسيء له أو تسيء للأردن هذا بالرغم مما هو معروف عن كثرة تحفظات الأستاذ نذير على شخص وتراث مشهور حديثه ،ورغم فشل المقدم في أن يجر الباشا إلى الماء العكر أثناء الحلقات السابقة فقد حاولها مرة أخرى بالإصرار على أن للناس الحق في أن تقول ما تريد في حين يعلم وهو الإعلامي المخضرم أن ذلك ليس صحيحاً أبداً فللناس أن تقول ما تريد عندما يكون صحيحاً ومنضبطاً لكن ليس عندما يكون كذباً وافتراء وتجاوزاً على القوانين والآداب أما النقطة التي عاد فيها المقدم وزاد وهي مسألة خروج أبو عمار وقادة الفصائل من عمان وأنها تمت دون علم الأردن واستشهد فيها بشخص كان بكل تأكيد طفلاً في تلك المرحلة كما قال السيد نذير رشيد فلا أعلم كيف يظن الأستاذ منصور وغيره أن ثلة من كبار قادة وسياسيي الدول العربية يمكن أن يتحركوا داخل مدينة صغيرة مثل عمان في ذلك الحين ويزورا بيتاً عادياً ليس لهم أن يزوروه دون أن تكون الدولة عالمة بهذه التحركات والزيارة وأسبابها بل ودون أن تحصي عليهم ليس عددهم فقط بل وحتى أنفاسهم أم يريدون منا أن نصدق أن هؤلاء الضيوف قد دخلوا هذا البيت وهم ستة وخرجوا خمسة عشر دون أن يثير ذلك أي شبهة ، ثم إن كان أبو عمار يعترف كما يعترف كل الآخرين أن خروجهم من عمان كان هروباً تم بالتخفي فهل يختلف الهرب إن كان بعلم الطرف الآخر أم من غير علمه طالما أنه سيبقى هو الهرب والنقطة الأهم هي أنه لم يظن أحد أن النظام الأردني كان يريد لهؤلاء الأشخاص البقاء في عمان طالما يعرف أن مصلحته في خروجهم فبقاؤهم كان يعني استمرار المواجهات وقتلهم أو اعتقالهم كان سيعني أشتدادها وتصاعدها إذا فليخرجوا


على كل حال هناك الكثير مما يقال لكن لابد من ختام وهو أن أبو جعفر أمد الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية كان ولا يزال زعيماً أردنياً ورجلاً حقيقياً ومثالاً للشجاعة والصدق قل نظيره في هذا الزمن لذا فألف ألف تحية لك أبا جعفر وستبقى دائماً باشا قلوب الأردنيين

(100)    هل أعجبتك المقالة (110)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي