طوال عقود لم يشهد السوريون انتخابات فيها من رائحة الانتخابات شيء، فضلا عن أن تكون حرة ونزيهة، ولكن السنوات الأخيرة في بلدان اللجوء أعطتهم الفرصة ليتنشقوا هذه الرائحة ويحسوا بمعنى كلمة كانت مفرغة عندهم من كل معنى.
هذا على الأقل ما راود فئة من السوريين في عدد من البلدان التي شهدوا انتخاباتها دون أن يشاركوا فيها، ويراودهم اليوم من جديد في فرنسا مع الانتخابات الرئاسية، لاسيما مع إعلان فوز "إيمانويل ماكرون" الذي كانت خسارته تعني أن جميع المهاجرين واللاجئين –ومنهم السوريون- في هذا البلد ينتظرون أياما قاسية، مع شخصية بالغة التطرف مثل "مارين لوبين".
النتائج الأولية أظهرت فوز ماكرون بما يفوق 65% من أصوات الناخبين، وهي نسبة عالية للغاية في عرف الانتخابات الفرنسية والغربية عموما، وهذا الفوز بهذا الهامش الكبير مثّل عاملا إضافيا من عوامل ارتياح اللاجئين كونه أظهر لهم أن هناك غالبية فرنسية ما تزال ترفض الإصغاء لصوت الغرائز والتطرف.
وتشكل الهجرة واللجوء بندا رئيسا في برامج كل مرشحي الرئاسة، وقد كانت محل جدل واسع وتناقض عريض بين "ماكرون" و"لوبين" اللذين تنافسا اليوم على كسب أصوات الملايين، فالأول كان يدافع عن إبقاء أبواب فرنسا مفتوحة للمهاجرين واللاجئين، والأخيرة كانت تدعو لتضييق هذه البوابة بل وترحيل جماعي للمهاجرين بذريعة "الأصولية الإسلامية".
ومع انتخاب "ماكرون" زال ولمدة 5 سنوات قادمة على الأقل شبح العنصرية الذي كانت "لوبين" تنوي شرعنتها وتغليفها بغلاف قانوني، متجهة بالبلاد إلى حافة "حرب أهلية" عبر ازدرائها لفئة معتبرة من المجتمع الفرنسي، كما أوضح "ماكرون" في مناظرته الأخيرة مع "لوبين".
ولكن زوال شبح العنصرية والتهديد بتنغيص عيش اللاجئين والمهاجرين والتضييق عليها، لم يكن السبب الوحيد للارتياح العام الذي ساد صفوف السوريين في فرنسا، فهناك إلى جانب ذلك سبب مهم جدا ينفرد به السوريون، وهو الموقف المتباين لـ"ماركون" و"لوبين" من بشار الأسد، حيث لم تكن المرشحة المتطرفة ترى أي غضاضة في التعبير عن "ارتياحها" لبشار، وتقديمه بوصفه "الخيار الأفضل" لسوريا، والدعوة إلى إعادة تعويمه والانفتاح عليه، فيما يرى "ماكرون" أن بشار الأسد مجرم تجب محاسبته، مشددا على أن هذا المجرم لا مكان له في مستقبل سوريا.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية