أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مجزرة ساعة حمص والاعتصام برواية معارض من بيئة موالية

أرشيف

روى المعارض السوري "محمود عيسى" جوانب من ذكرياته عن اعتصام ساعة حمص الذي أفضى إلى مجزرة ارتكبتها قوات النظام في مدينة حمص ليل 18/ 4 /2011، وذهب ضحيتها المئات من أبناء المدينة المعتصمين بين قتيل ومفقود وجريح، وجرى اعتقاله على خلفية تغطيته لهذا الاعتصام.

يقول "عيسى" لـ"زمان الوصل" في ساحة "باب الدريب"، حيث تجمع ضباط وعساكر قرب مدرسة "المثنى" مقابل "مركز باب الدريب الصحي" وغير بعيد عن المكان في ساحة "المريجة" احتشدت مجموعات من الشباب الثائر.

ويمضي المعارض القادم من بيئة موالية واصفاً الأوضاع كما عايشها آنذاك: "كان كل شيء يوحي بأن 17-4-2011 الذكرى 65 للجلاء مختلفة عما سبقها، إذ غطى صوت الرصاص سماء المدينة ودوت الانفجارات في أنحاء مختلفة منها، وانتشرت "اللجان الشعبية"، وهي مجموعات شكلها النظام من موالين لإجهاض المظاهرات، وتقطّعت أوصال المدينة بالحواجز الأهلية وسط غياب تام للأجهزة الأمنية.

وتابع المعتقل السابق أنه صعد حافلة للنقل الداخلي –خط الجامعة- لتنقله إلى الطرف الشمالي من المدينة، وكان الجو داخل الباص يوحي بالخوف والرهبة، وبدا جميع الركاب وهم يتبادلون النظرات، وعند وصوله إلى موقف "المشفى الوطني" نزل "عيسى" وسار بجانب جامع "خالد بن الوليد" شرقاً ليصل إلى "وادي السايح"، حيث "كان الجرحى ينقلون إلى مشفى القدس القريب من مؤسسة المياه بينما كان شبان باب تدمر يغلقون الشارع الواصل بين باب تدمر وجامع كعب الأحبار". 

ويردف محدثنا: "في صباح 18-4 رن هاتفي مرات عدة إذ كانت الفضائيات تتسابق للحصول على سبق صحفي، وعند الظهيرة –كما يقول- "كانت الجنازات محمولة على الأكف والأكتاف".

ويستدرك "عيسى" بنبرة مؤثرة: "كانت حمص تودع شهداءها جنازات تتجه نحو مقبرة الكتيب مقابل باب تدمر وجنازات أخرى تتحرك من الزهراء إلى مقبرة الفردوس على طريق زيدل".

ويضيف "عيسى" الذي انضم إلى اعتصام الساعة الجديدة بعدها وكأنه يستعرض شريطاً سينمائياً: "كانت الهتافات تعلو من كلا الجانبين (بالروح بالدم نفديك يا شهيد) عاد المشيعون من مقبرة باب تدمر إلى ساحة حمص الجديدة "، مضيفاً أن "البعض حاول نقل الاعتصام إلى ساحة جامع خالد بن الوليد فتدخل الأستاذ "نجاتي طيارة" قائلاً: "من يريد أن يذهب إلى جامع خالد بن الوليد فليذهب أما نحن فباقون هنا ساحة جمال عبد الناصر. ساحة الساعة الجديدة رمز حمص ساحة الحرية".

كانت ساعات قليلة كفيلة باكتمال ملامح الاعتصام (المنصة، الميكرفون، وخزانات المياه، الخيام، السندوتش....) وحينها –كما يقول عيسى- تناوب الخطباء من كل أبناء حمص ونسيجها الوطني ساعات لم نعهدها وشقت عنان السماء هتافات الحرية.

فاضت الساحة وفاض شارع "القوتلي" الواصل بين الساعتين بالمعتصمين والمتفرجين من كل الأعمار.
ويمضي "محمود عيسى" قائلاً إن "الهواتف كانت تأتي من كل أنحاء سوريا تهنئ وتطمئن، وكان الجواب الأصعب حول مصير الاعتصام وموقف السلطة منه، وكان يأمل –كما يقول- بأن تتعامل السلطة مع المدينة الجريحة ومطالب أبنائها بشكل حضاري بعيداً عن المعالجة الأمنية التي اعتادت عليها ولكن خاب ظنه. 
أثناء تواصله مع القنوات الفضائية لنقل صورة ما يحدث في حمص آنذاك كانت سيارة الأمن ترافق حركاته وتنتقل، حيث ينتقل من "الإنشاءات" إلى "القصور" و"جورة الشياح"، وغيرها من الأحياء المنتفضة، وآنذاك أمهلت قوات النظام المعتصمين -كما يؤكد- حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً.

ويستدرك "عيسى" أن "المفاوضات كانت تجري بين ضابط الأمن وبعض رجال الدين وجرى تمديد لحظة الصفر مرات عدة، ثم لم تلبث الأجواء أن تأججت من جديد واشتعلت سماء حمص بالشهب والطلقات الخطاطة في الهواء، فاختلط صوت الرصاص بالاستغاثة والدعوات إلى الجهاد وسال دم الشهداء والآهات.

وروى محدثنا أن "الكثير من المعتصمين لجؤوا إلى مقهى "الفرح" وأغلقوا الأبواب عليهم ونزل البعض درج قبو مبنى هاتف "القوتلي" واختبأ آخرون وراء أعمدة مبنى المحافظة والسرايا ليتم اعتقالهم وجرهم من الساحة إلى قيادة الشرطة ولم تنم حمص تلك الليلة التي عايشها بكل لحظاتها.

في الساعة الرابعة والربع بعد ظهر 19-4 كان عشرات الأشخاص يطوقون منزل "عيسى" ابن مدينة "بانياس" في حي "الأرمن" ويحاولون اقتحامه.

وخُيل إليه أن نهايته قد حانت حينها لولا تدخل بعض الجيران الذين أجلوا أطفاله، ووصلت بعدها دورية الأمن المشتركة واعتقلته، وعلى مدخل البناية كان العشرات يصفقون ويهتفون بحياة الرئيس، وبقي "عيسى" معتقلاً لشهر ونصف قبل أن يقدم للقضاء العسكري بحمص على خلفية مشركته باعتصام الساعة وخرج بعفو آيار مايو /2011 ثم جرى اعتقاله ثانية في عام 2012.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(356)    هل أعجبتك المقالة (260)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي