نقل 21 ألف مرتزق في شهرين.. تعرف إلى الأسطول الذي تسخره إيران لإمداد الأسد

سلط تقرير جديد الضوء على حجم ونشاط الأسطول الجوي الذي تشغله طهران في سبيل ضمان استدامة إمداداتها العسكرية لنظام بشار الأسد، وكل ذلك تحت ستار شركات "طيران مدني" تتبع لمليشيا الحرس الثوري.
ووفقا للتقرير الذي نشره "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى فإن إيران تواصل العمل على مسارين فيما يخص تطوير قدرات أسطولها الجوي، الأول: عبر صفقات تعقدها الخطوط الجوية الإيرانية لشراء طائرات "بوينغ" و"إيرباص"، والآخر:عبر شراء طائرات وقطع غيار مستعملة بواسطة شركات أصغر حجما، والتحايل على العقوبات المرتبطة بالإرهاب والمفروضة على شركات طيران وأفراد إيرانيين.
ويقول التقرير إن مليشيا "فيلق القدس" التابعة لـ "الحرس الثوري"، تمتلك أسطولا مغطى بطابع مدني، وموجه لمساعدة حلفائها في سوريا، حيث قام "الحرس الثوري" بإنشاء خطوطه الجوية وشركات الخدمات الخاصة التي يستخدمها في عملياته السرية.
وينتقل التقرير إلى بعض التفاصيل مذكرا بأن "شركة طيران بويا" تعد الخطوط الجوية الرئيسة التي يديرها "الحرس الثوري" الإيراني، فضلا عن "شركة طيران بارس". وتشغل "بويا" اليوم 6 طائرات شحن روسية الصنع تستأجرها من "القوة الجوية التابعة للحرس الثوري".
وفي الآونة الأخيرة، اشترى "الحرس الثوري" طائرتين برازيليّتَي الصنع من نوع "إمبراير"، يصل مداهما إلى نحو 3 آلاف كيلومتر ويمكن أن تستوعبا 50 راكبا، وتم تسجيل إحدى هذه الطائرات في جنوب أفريقيا من قبل رجل إعمال إيراني مقيم في اسطنبول يدعى "حسين حافظ أميني"، ثم سلمت إلى "شركة طيران بويا" في 31 آذار/مارس.
ولاحقا، شوهدت كلتا الطائرتين في "مطار مهر آباد الدولي" بطهران، وكانتا لا تزالان تحملان شارة التسجيل من جنوب أفريقيا والزي الرسمي لـ "شركة راي للطيران"، التي لديها علاقات وثيقة مع "الحرس الثوري"، ومن المرجح أن مركز تسجيل "راي" يقع في جنوب أفريقيا، لكن العنوان المذكور على موقعها الإلكتروني موجود في اسطنبول.
*رحلات ليلية
وعلاوة على الإيرادات التي يجنيها "الحرس الثوري" من رحلات الركاب، فإنه يتمكن من توفير نفقات إركاب عناصره وعائلاتهم، والأهم من ذلك، أن امتلاكه لأسطول جوي يتيح له نقل عناصره أو شحناته السرية دون أن يخضع لإجراءات الرقابة من سلطات الطيران المدني.
وإلى جانب الشركات المذكورة أعلاه، ظهرت مؤخرا شركة أخرى خاضعة لـ "الحرس الثوري"، وهي "طيران فارس قشم" التي استلمت من الشركة الأفغانية "كام للطيران" طائرتي شحن قديمتين من طراز "بوينغ 747-200 أف" عن طريق وسيط أرمني.
وقد تم على الفور استخدام أولى هذه الطائرات، من خلال تسيير رحلات جوية يومية من طهران إلى دمشق (أرقام الرحلات "كيو إف زي 9950" و"كيو إف زي 9951")، فيما تخضع الطائرة الثانية للصيانة للصيانة والإصلاح في طهران.
وفي الفترة الأخيرة شهد الجسر الجوي بين إيران وسوريا حركة ناشطة، مع رحلات تسيّرها عدة شركات طيران مدنية وعسكرية، ومنها: ماهان للطيران، الخطوط الجوية الإيرانية، طيران ساها، طيران فارس قشم، بويا للطيران، فضلا عن: "الخطوط الجوية السورية"، "أجنحة الشام للطيران".
ويتم تسيير غالبية رحلات "الخط السوري السريع" ليلا؛ لإعاقة عملية رصدها عبر الأقمار الاصطناعية. وبالإضافة إلى هذا الخط الناشط بين طهران ودمشق، ثمة 3 خطوط جوية (ماهان، الخطوط الإيرانية، الخطوط السورية) تحطّ في "مطار عبادان" بشكل متقطع، حيث يتم نقل عناصر الميليشيات الشيعية (القادمة من العراق) إلى دمشق، بعد أن تكون قد نُقلت بالحافلات من النجف والبصرة إلى إيران.
وبالإجمال، فقد نقلت "الخطوط الإيرانية" و"الخطوط السورية" نحو 21 ألف "مسافر" بين طهران/عبادان ودمشق خلال الشهرين الماضيين فقط، بالإضافة إلى إمدادات فاق وزنها 5 آلاف طن.
وبما أن قلة من الحجّاج (التسمية التي يطلقها الإيرانيون على زوار المراقد) يسافرون إلى سوريا هذه الأيام، فإن معظم هؤلاء المسافرين من القوات العسكرية أو المليشيات، وجميع هذه الرحلات تقريبا مستأجرة بالكامل من قبل "الحرس الثوري" الإسلامي، وعادة ما تكون غير متاحة للعامة.
*رحلة دبي سرها "ماهان"
وكونها من أكبر الشركات الناشطة في خدمة المليشيات الإيرانية، فقد خصص "معهد واشنطن" فقرة للحديث عن شركة "ماهان للطيران"، التي تأسست عام 1992؛ لتكون ثاني أكبر شركة طيران إيرانية.
بدأت "ماهان" عملها كشركة صغيرة تسيّر رحلاتها على متن بضع طائرات روسية الصنع، وبعد فترة من عدم الاستقرار، قامت الشركة في عام 1998 بإسناد إدارة عملياتها لضابط سابق في "الحرس الثوري" يدعى "حميد عرب نجاد".
خلال الحرب بين إيران والعراق، عمل "عرب نجاد" نائبا لقائد إحدى أنشط مليشيات "الحرس الثوري"، وهي "شعبة العمليات ثأر الله 41"، وكانت حينها بإمرة القائد الحالي لـ"فيلق القدس" قاسم سليماني. ثم تولى عرب نجاد لاحقا رئاسة "المكتب الإيراني للإعمار في البوسنة والهرسك"، وهو منصب مرتبط بعمليات "فيلق القدس" في البلقان.
ورغم وضعها على لوائح العقوبات، فقد وجدت "ماهان" أساليب التوائية (عبر شركات أرمنية) لاستيراد أسطول من الطائرات الغربية الصنع خلال السنوات الأخيرة، من بينها 8 طائرات طراز "إيرباص أي340" بعيدة المدى.
فضلاً عن ذلك، استلمت "ماهان" مؤخرا الطائرة الأولى من بين 3 طائرات "إيرباص أي340" مستعملة، مستخدمة هذه المرة "شركة بيك للطيران" الكازاخستانية كوسيط في العملية. وقد تم تسليم واحدة على الأقل من هذه الطائرات إلى "الخطوط السورية"، التي قامت للتو برحلتها الافتتاحية الأولى إلى دبي.
وعلى وجه الإجمال، فإن أسطول "ماهان" الحالي يضم أكثر من 37 طائرة كبيرة، يبلغ متوسط عمرها 24 عاما، وتقوم برحلات داخلية وخارجية على السواء تشمل آسيا وأوروبا.
ويختم "معهد واشنطن" تقريره بلفتة مهمة، تقول إنه في عام 1981، نُشرت مقالة في "مجلة القوات المسلحة" تم فيها تعريف "الخطوط الجوية الروسية - إيروفلوت" - بالذراع اللوجستي للأعمال السرية للاتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة، كما تم وصف الكيفية التي استخدم بموجبها الكرملين الخطوط الجوية الوطنية كأداة رئيسية لتنفيذ "أهدافه السياسية والعسكرية في جميع أنحاء العالم"، وهذا الأمر يذكر حاليا بالنهج الذي يتبعه "الحرس الثوري" عبر أسطوله الجوي.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية