منذ تولى "دونالد ترامب" الإدارة الأمريكية استشعر الأسد خطرا داهما على وجوده، فراح يعمل من أجل إيجاد حل ينقذ ما تبقى من أشلاء نظامه، فلجأ إلى الخيار القديم المتجدد المتمثل في التهيئة لإقامة كانتون في الساحل السوري.
الكانتون الطائفي المستهدف يقتضي معطيات ولوجستيات كثيرة، وفّر منها الكثير حتى اللحظة، فأقام جامعة في طرطوس، وعمل على توسعة مطار "حميميم"، أرفقها باحتلال ريف اللاذقية بشكل شبه كامل وتهجير كامل سكانه من "السنة".
ويستهدف النظام أن تكون كل المنطقة الواقعة غرب نهر العاصي ضمن حدود دولته المنشودة، وهو لأجل ذلك يحتاج للسيطرة على ريف إدلب الغربي وصولا إلى مدينة "جسر الشغور".
*قتل وتهجير
هذا ما يعمل عليه منذ أشهر عبر غاراته الجوية الكثيفة على الريف الغربي والمدينة، حيث وصل عدد طلعاته مع نصيره الروسي إلى أكثر من 150 في الشهر الواحد، مستهدفا البنى التحتية للمدينة لدفع سكانها لمغادرتها، وقد نجح حتى اليوم بتهجير ما يقارب ربع سكانها.
روسيا تبدو موافقة على مخطط الأسد حيث تشاركه قصف المدينة، وتلعب دورا رئيسيا في صد محاولات الثوار استعادة السيطرة على جبلي الأكراد والتركمان غربي "جسر الشغور".
إحصائيات أعدها "مركز جسر الشغور الإعلامي" تشير إلى أن قصف طيران النظام ونظيره الروسي خلال شهر آذار مارس الماضي أودى بحياة 22 شخصا أغلبهم من النساء والأطفال.
وتحدث "حسام زليطو" مسؤول أحد مراكز الدفاع المدني عن سقوط ما يزيد على 20 شهيدا في المدينة والريف الغربي الذي يشمله القصف العنيف يوميا منذ مطلع الشهر الحالي، مؤكدا وجود ضحايا آخرين تحت الأنقاض لم يستطع الدفاع المدني الوصول إليهم بسبب حدة القصف.
*حدود الدويلة الطائفية
وأشار ناشطون إلى أن النظام يعمل على قطع طرق الإمداد والمواصلات بين ريف إدلب الغربي (الملاصق لريف اللاذقية) ومدينة "جسر الشغور" من خلال استهدافها المتكرر بكل أنواع الأسلحة كالبراميل المتفجرة والصواريخ وتلك المحرمة دوليا مثل القنابل العنقودية والارتجاجية والنابالم الحارق، مما قلّل إلى حدّ كبير من استخدامها.
ويرى محللون عسكريون في سعي النظام لإفراغ المنطقة من سكانها "أسوة بريف اللاذقية" مقدمة لاحتلالها وضمّها لجغرافيا الكانتون العلوي.
ويؤكد المقدم "محمد حمادو" القيادي في الجيش الحر أن النظام يريد السيطرة على كامل السلسلة الجبلية المطلة من الجهة الغربية على سهل الغاب الذي يقع ضمن الحدود الجغرافية لدولته، ولكي يبعد خطر ثوار الداخل عن حدود هذه الدويلة.
"ويسعى للسيطرة على مدينة جسر الشغور باعتبارها امتدادا طبيعيا وبشريا لريف اللاذقية، وأحد أهم المداخل إلى الساحل من الجهة الشرقية" حسب قول "حمادو".
وتقع مدينة "جسر الشغور" على الطرف الشمالي الغربي لسهل الغاب، وكانت على الدوام مدينة مصنّفة في خانة المعارضة، وسبق أن ارتكب فيها النظام مجزرة في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، ومنها انطلقت الثورة المسلحة ضد نظام الأسد.
وتمكن الثوار من تحريرها في نهاية الشهر الرابع من العام 2015، الأمر الذي جعل بلدة "جورين" وفيها أكبر معسكرات الأسد في مرمى نيران الثوار، وكذلك سهل الغاب الذي تحول إلى مسرح لعمليات عسكرية كثيرة عقب ذلك.
عبد السلام حاج بكري - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية