أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الثورة السورية في ثلاث روايات.. تجربة أدبية للاجئ في النمسا

تمكّن الروائي السوري الشاب "زهير أبو سعد" الذي يعيش لاجئاً في النمسا أن يحقق حضورا لافتاً في عالم الأدب والرواية التي أحبها وشغف بها منذ الصغر، وأنجز هناك خلال أقل من سنة ثلاث روايات طبعت إحداها في دار "نجيب محفوظ" العريقة بالقاهرة، والروايتين الأخريين في طريقهما للطبع.

وأتقن الشاب القادم من دمشق بعد أن فقد أهله وأحبته جرّاء الحرب اللغةَ واندمج في الأوساط الثقافية النمساوية بفترة قياسية بالنسبة لمن هم في ظروفه، مستغلاً الفرصة ليكتب ثلاث روايات عن الثورة السورية وهي "نبض شرقي يخفق في الغرب" و"جحيم الياسمين" و"كآن".

وبسبب هذه الروايات تلقى الكاتب الشاب تهديدات من كتّاب وأدباء عرب -رفض تسميتهم- يميلون لنظام الأسد -كما قال- لـ"زمان الوصل" مضيفاً أنه لم يكن يعلم بأن الطغاة هم فقط من يقتل ويستبيح أعراض البشر على كوكبنا.

وأردف :"بعد دخولي إلى كوكب الرواية العربية بدأت أنياب بعض الروائيين تظهر ومخالب البعض تُسن لإسقاطي" مؤكدا أنه لازال إلى هذه اللحظة يعاني من "تشبيح" هؤلاء الروائيين لأنه –كما قال- يكتب ضد مجرم البلاد وسفاحها بشار الأسد".

وأضاف مؤلف "جحيم الياسمين": "بعد أن تلقيت رسائل تهديد ووعيد من بعض المحسوبين على الساحة الأدبية العربية عرفت حينها بأنني جندي صغير في هذه الثورة يحمل سلاح الكلمات ودرع المفردات". 

ولد "زهير أبو سعد" في مدينة دمشق في أكناف عائلة تحب العلم والعلماء ودرس الشريعة الإسلامية حتى نهاية المرحلة الإعدادية، وانتقل إلى الفرع الأدبي بسبب تأثره بالروايات التي كانت عيناه تصافحها على الأرصفة ورفوف المكتبات في منطقة "الحلبوني" بدمشق، ثم التحق بقسم اللغة العربية في جامعة دمشق ليتخرج منه عام 2010.

ويستعيد زهير بدايات ولعه بالرواية قراءة وتأليفاً عندما أهدته أمه في الصغر كتاب "جدد حياتك" للإمام "الغزالي" ومن هنا –كما يقول- كانت بداية شغفه بالقراءة، وكان لفقدان الأحبة أثر مؤلم في داخله لأنهم أبطال رواياته الذين عاش معهم حباً وشوقاً وكَتَبهُمْ بعد رحيلهم حزناً وألماً، يقول:"عند الفقد والرحيل ألوذ بالورق والحبر، أمزق السطور وأكفنهم بالقلب، وأشيعهم بعناوين مبهمة كيتمي وقلة حيلتي".

ولذلك -كما يقول- أهدى أول عمل روائي له وهو بعنوان "وكآن" إلى صديقه الشهيد "عصام البيطار". 

بعد أن فقد أبو سعد عائلته بشكل مجزأ وكان آخرهم والدته "هيام أحمد أبا زيد" لم يجد أمامه إلا الرحيل واللجوء، حيث لجأ بداية إلى الأردن قبل ثلاث سنوات وبسبب تدني أحواله المادية نزل إلى السوق ليعمل في متجر للألبسة بمدينة إربد قبل أن يشد الرحال إلى بلاد الصقيع "النمسا"، ولأن للأقدار أجنحة تطير بالمرء إلى الخير هرب أبو سعد- كما يقول- من الموت ليقع في شباك الورق، مضمّخاً بذاكرة الدماء وأصبغة الحبر التي لن تُمحى من قلبه ما دام حياً.

ولفت الروائي الشاب إلى أنه لا يكتب ليحيا بل ليحيا أبطال رواياته، مضيفاً أنه مزج في عالم الورق كل آلامه المشرّفة -حسب تعبيره- لأن سببها "شهداء أحياهم الله في جنات عرضها السماوات والأرض"، مستدركا: "كيف لا أكتب ما دار من ماض لم نُشفَ منه إلى هذه اللحظة، ماضي الثورة السورية ضد ذلك المجرم الذي استباح رقاب الأبرياء للنحر بلا رقابة ضميرية ولا عالمية".

ويطمح زهير إلى "وطن حر خالٍ من أي استعمار طائفي أو سياسي أو عسكري" لأن "الوطن آخر ورقة بعد فقد الأحبة، وإذا ذهب الوطن فلا مكان لأحلام الطموح".

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(119)    هل أعجبتك المقالة (181)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي