يبدو أن حمى إطلاق الرصاص "مجانيا" اجتاحت كل من يحمل السلاح في سوريا، سواء كان في صفوف الموالاة أو المعارضة، وبات التعبير بالكلام نوعا من العار أو الضعف، حيث صوت الرصاص هو الأنسب للإفصاح عن مختلف المشاعر (حزن، فرح، استياء، إعجاب..).
هذا على الأقل هو الانطباع الذي يتركه مقطع مصور لـ"حفلة" أقامها مقاتلون محسوبون على الجيش الحر في إحدى بلدات ريف حلب، حيث ظهر جليا أسلوب الاحتفال بإطلاق "العيارات" النارية بغزارة مرفقة بـ"العبارات" التي تحيي فلان وعلان.
صحيح أن الموالين هم أصحاب السبق في ميدان إطلاق الرصاص بمناسبة وغير مناسبة، لكنهم في النهاية يعبّون بشكل أو بآخر من "بحر" ذخيرة لا ينضب، فالنظام يرمم مخزونه من الذخيرة بشكل دوري ومنتظم، ولديه خطوط إمداد رئيسة واحتياطية، تجعله في مأمن من أن يصحوا يوما فيرى نفسه بلا ذخيرة... أما المعارضة المسلحة فهي في النهاية تقاتل بذخيرة محدودة مهما خيل للآخرين أنها كثيرة، وربما تصبح هذه المحدودة باتفاق دولي مبرم في حكم المفقودة، فيستيقظ المقاتل وليس في بندقيته رصاص يعوض ما أطلقه في حفلة الليلة الماضية، لتتحول بارودته إلى مجرد قطعة حديد!
سيثير هذا المقطع الخاص بأحد ألوية "الجيش الحر" -وقد أثار فعلا- سيلا من التعليقات المتضاربة، بين من يراه تجاوزا لا ينبغي السكوت عنه، وسلوكا مستنكرا، وبين من يدافع عن "المحتفلين" بوصفهم كانوا في حفلة ترفيه عن النفس، تمثل "استراحة مقاتل" مستحقة لمن أرهقه جو المعارك.. لكن إطلاق الرصاص الغزير يوحي بعكس الفكرة تماما، حيث كانت المعركة حاضرة في "الحفلة"، التي لم يكن ينقصها سوى وقوع قتلى أو جرحى –لاقدر الله- لتتقارب صورة المسلح الموالي والمعارض من بعضها في هذا المجال.. وهو ما لا يرغب به و لايتمناه أي سوري ضحى بدمه وماله ليسقط الحكم الاستبدادي ويختفي معه صوت الرصاص.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية