لا يزال غير معروف إن كان على امتداد الحدود أم في أماكن معينة، تغيير الجانب التركي لخطوط الحدود وضمه لمساحات كبيرة بأعماق تصل إلى مئات الأمتار تقضم بساتين وتلالا ومواقع حساسة.
لا سبب مقنعا حتى اللحظة لإزاحة الحدود وإزاحة الشريط الشائك الفاصل ليدخل في الأراضي السورية التي لا تجد من يحميها ويدافع عنها.
يوم أمس الخميس، فلاحون بسطاء من قرى عديدة في ريف إدلب الغربي، وقبلهم في ريف اللاذقية، جلسوا في أراضيهم معتصمين رافضين محاولة "الجندرما" التركية إزاحة الشريط إلى ما بعد أراضيهم التي غرسوها منذ سنين زيتونا وأملا.
لم يعجب ذلك عناصر "الجندرما"، فأطلقوا النار في الهواء لتفريق المعتصمين من الفلاحين تحت أشحار الزيتون في قرية "هتيا"، ورغم أنهم أصابوا أحدهم لم ينجحوا في إبعادهم عما يعتبره الأهالي المعتصمون رمز بقائهم وصمودهم ومصدر عيش أطفالهم، فاعتقلوا عشرة منهم واقتادوهم إلى داخل تركيا.
أبو عبد الوهاب أحد مزارعي "هتيا" اشتكى لنا وتهدّج صوته على الهاتف قائلا:"فهمنا أخدوا جبال وحرش بس ليش ياخدوا أراضينا، هي عم ناكل منها، وطول عمرها النا، بس الرزق الداشر بعلّم السرقة، لا مجالس محلية ولا فصائل عسكرية ولا معارضين يدافعوا عن حقوقنا، مالنا غير الله"، هنا بكى أبو عبد الوهاب وقطع الاتصال.
هذا المشهد ليس حالة فردية أو استثنائية، ففي مواقع متعددة على امتداد الحدود رفض المزارعون (جيران الحدود) في "حارم" و"سلقين" وغيرهما التمدد التركي لكن عبثا، لقد وصل للكثير من أراضي هؤلاء.
عضو في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة اعترف لـ"زمان الوصل" بالقول "نعرف جيدا أن تركيا ضمت مساحات من الأراضي السورية، لكن لا أحد منا أقدم على طرح الموضوع للنقاش العلني داخل الائتلاف أو عرضه على الجانب التركي".
العضو، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه "أعتقد خوفا" قال: الجسد السوري مستباح، ولا نملك آلية أو قدرة للدفاع عنه.
من يتتبع الحدود يجد الكثير من التعديات عليها، في مدينة "الريحاينة" وعلى جانبي معبر "باب الهوى"، يمكن مشاهد المساحات التي ضمتها تركيا قد تصل عمقاً إلى 1000 م ومسافةً إلى مدى غير مدرك لأن يطول بعيدا عن المناطق التي يسمح بالاقتراب منها، ولا يزال الشريط الشائك القديم في مكانه شاهدا على المساحات التي ضمتها تركيا تحت مبررات مختلفة.
لم نستطع الوصول إلى مسؤول تركي لاستيضاح سبب ضم أراض سورية إلى تركيا، لكن ضابطا في "الجندرما" يجيد اللغة العربية أخبرنا أن مكافحة التهريب في بعض المناطق، واعتلاء التلال للإشراف على مساحات واسعة ترصد تحركات المهربين هو هدف تحريك الشريط.
وأضاف مصدرنا أن الهدف يختلف من موقع إلى آخر، "ففي بعض المواقع نسعى لإبعاد عناصر يمكن وصفها بالإرهابية، وفي بعض الحالات لمنع الاشتباكات من الوصول إلى الحدود"، ولم يوضح آلية هذا الضبط.
بإحصاء تقريبي، قدّر أستاذ الجغرافية المقيم في أحد مخيمات ريف إدلب الغربي "مصطفى الحمدان" المساحة التي ضمتها تركيا بما يقارب مساحة "لواء اسكندرون".
وجاء التقدير مبالغا فيه نظريا، ولكن "الحمدان"، افترض أن المسافة التي تقدمت فيها تركيا على طول الحدود هي ذات المسافة التي دخلتها في قرية "خربة الجوز" التي يقطن قريبا منها.
وهذه ليست المرة التي تقضم فيها تركيا من الأراضي السورية، حيث كانت عدّلت مرات عديدة في خطوط الحدود وضمت بعض المواقع، ولا سيما في جبل التركمان بريف اللاذقية في مطلع تسعينيات القرن الماضي، قبل وصول سلطة الأمر الواقع إلى الجبل، دون العودة للنظام السوري.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية