أكد المعتقل اللبناني السابق لدى نظام الأسد "علي أبو دهن" أن 622 معتقلا لبنانيا موثقين لدى كل من الحكومة اللبنانية ونظام الأسد ما يزالون إلى حد هذه اللحظة قيد الاعتقال والاختفاء القسري في سجون الأسد، لافتا إلى أن نظام الأسد يرفض إطلاق سراحهم وإعادتهم إلى لبنان أو كشف مصيرهم أو الحديث حتى بهذا الملف بالرغم من انتهاء الحرب الأهلية في لبنان والمطالبات الكثيرة بالإفراج عنهم.
وقال أبو دهن الذي أمضى 8 سنوات في "صيدنايا" و5 أخرى في تدمر لـ"زمان الوصل" أسس بعد خروجه من السجون السورية "جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية" عام (2009) لمتابعة هذا الملف على مختلف الأصعدة السياسية اللبنانية والعربية والدولية، فوثقت أسماء 197 معتقلا لبنانيا في سجون الأسد بعد رفض حكومة لبنان تسليمها كامل الأسماء.
وسبق أن وصف أبو دهن في روايته التي حملت عنوان "عائد من جهنم"، بعضا من فصول القهر والظلم والعذاب التي تعرض له في سجن "تدمر" الصحراوي، ما دفعه فيما بعد ليجسد ما حصل معه ومع زملائه المعتقلين ويخرجه بصورة سينمائية في فيلم "تدمر" الذي شاهده العالم قبل أيام.
المعتقل المفرج عنه عام 2000 أضاف أن "جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية" حصلت من "المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة" في سوريا على (4 وثائق)، تؤكد وجود بعض من المعتقلين اللبنانيين داخل سجون نظام الأسد.
وأكد أن نظام الأسد طالما أنكر وجود هؤلاء المعتقلين في سجونه، مع أنهم كانوا موجودين فعلا لديها، على الأقل حتى التاريخ المذكور في هذه الوثائق.
*وثائق صادرة عن المخابرات
وقال أبو دهن إن الوثائق التي حصلت عليها الجمعية هي عبارة عن أمرين صادرين عن قيادة شعبة المخابرات العسكرية السورية تقضي بنقل هؤلاء من مكان إلى آخر، ووثيقتين صادرتين عن إدارة الخدمات الطبية العسكرية تشيران إلى أن فحوصا وتحاليل طبية أجريت لبعض المعتقلين في مشفى المزة العسكري في مرحلة من المراحل. وفيما يلي تواريخ هذه الأوامر والجهات التي أصدرتها:
1- وثيقة موقعة من قبل العماد علي دوبا، الرئيس الأسبق لشعبة المخابرات العسكرية. وهي أمر يحمل تاريخ 10 نيسان (أبريل) 1996، يقضي بنقل السيد بطرس خوند إلى سجن تدمر العسكري. وكان بطرس خوند قد اختطف من قبل عناصر تابعة لحزب الله في أيلول/سبتمبر 1992 وسلم إلى سوريا بتاريخ 2 تشرين الأول/أكتوبر من العام نفسه.
وحسب معلومات المجلس، فإن بطرس خوند سلم بعد حوالي عام من ذلك التاريخ إلى المخابرات الجوية، حيث تم نقله إلى معتقل "خان أبو الشامات" التابع لهذا الجهاز، والذي يقع شمال شرق دمشق.
يشار في هذا الصدد إلى أن "كريم بقرادوني"، زعيم حزب الكتائب اللبناني، نفى وجود بطرس خوند في السجون السورية، وشن حملة إعلامية مليئة بالشتائم والاتهامات ضد الصحفي والمعارض السوري "نزار نيوف" حين سلم الكاردينال "نصرالله بطرس صفير" قائمة بأسماء 33 من المعتقلين اللبنانيين الذين ثبت وجودهم في السجون السورية، وذلك خلال الندوة الصحفية الدولية التي عقدها غبطة الكاردينال في باريس أوائل تشرين الأول/أكتوبر 2003.
2- وثيقة موقعة أيضا من قبل العماد علي دوبا، وهي عبارة أمر يحمل تاريخ 11 أيلول (سبتمبر) 1993 يقضي بنقل المعتقلين اللبنانيين التالية أسماؤهم إلى سجن تدمر العسكري: ألبير شرفان، سليمان أبو خليل، شامل كنعان، عادل ديب أنطون مزهر.
3- وثيقة طبية صادرة عن المشفى 601 (مشفى المزة العسكري) بتاريخ 21 كانون الأول (ديسمبر) 1991. وهي عبارة عن طلب تصوير شعاعي للمريض جورج حالون، وقد كتب عليها الطبيب العسكري المختص العبارة التالية "يلاحظ وجود تبدلات تنكسية ضعيفة في الفقرات الرقبية دون وجود انقراص صريح".
ومن المعلوم أن جورج حالون هو أحد ضباط الجيش اللبناني الذين اعتقلوا من قبل جيش النظام في العام 1990.
4- وثيقة طبية صادرة عن مخبر المشفى 601 (مشفى المزة العسكري)، بتاريخ 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 1991، وهي عبارة عن تحليل بول ودم للمريض أنطون زخور. والمعتقل المذكور من عداد العسكريين اللبنانيين الذين اعتقلوا من قبل جيش النظام في العام 1990، ولم يتسنّ معرفة رتبته العسكرية.
وختم أبو دهن حديثه لـ"زمان الوصل" مناشدا المعتقلين السوريين المفرج عنهم من سجون النظام في سواء في عهد الأسد الأب أو الابن بالمساعدة والمساهمة بكشف أي معلومة قد تساعد جمعية المعتقلين اللبنانيين وأهالي المفقودين في كشف ومعرفة مصير المعتقلين اللبنانيين المفقودين في سجون نظام الأسد.
أفادت منظمة العفو الدولية في تقرير بأن نظام بشار الأسد نفذ منذ بداية النزاع السوري وإلى 2015 حوالي 13 ألف عملية إعدام جماعية وسرية في سجن صيدنايا استهدفت معارضين مدنيين في الغالب. واستندت المنظمة في التقرير إلى شهادات مع حراس سابقين ومسؤولين وقضاة وخبراء دوليين. وأكدت أن هذه الممارسات التي ترقى إلى جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية لا تزال مستمرة على الأرجح.
واتهمت منظمة العفو الدولية في تقرير لها منذ أيام نظام الأسد بتنفيذ إعدامات جماعية سرية شنقا بحق 13 ألف معتقل، غالبيتهم من المدنيين المعارضين، في معتقل "صيدنايا" سيئ الصيت.
وقالت المنظمة الحقوقية في تقريرها وعنوانه "مسلخ بشري: شنق جماعي وإبادة في سجن صيدنايا" إنه "بين 2011 و2015، كل أسبوع، وغالبا مرتين أسبوعيا، كان يتم اقتياد مجموعات تصل أحيانا إلى خمسين شخصا إلى خارج زنزاناتهم في السجن وشنقهم حتى الموت"، مشيرة إلى أنه خلال هذه السنوات الخمس "شنق في صيدنايا سرا 13 ألف شخص، غالبيتهم من المدنيين الذين يعتقد أنهم معارضون للحكومة".
عروة السوسي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية