منذ بدء العام الدراسي سيطر تنظيم "الدولة الإسلامية" على العملية التعليمية في مخيم "اليرموك" وباقي المناطق الخاضعة لسيطرته في جنوب العاصمة دمشق من خلال منعه المدارس الأهلية فتح أبوابها أمام الطلبة وحصر التعليم في مدارسه الخاصة وبمناهجه التي تدرس في كافة مناطق سيطرته في سوريا والعراق، بهدف استقطاب أطفال المنطقة لزرع عقيدته الخاصة بهم، وهم الكنز الثمين الذي لا يوفر التنظيم مجهودا لبرمجة عقولهم وفق أجنداته لتحويلهم لمقاتلين يدافعون عن فكرة التنظيم ووجوده في المستقبل.
افتتح التنظيم مدرستين الأولى للذكور في حي "العروبة" في مخيم "اليرموك" والثانية للإناث في معقل التنظيم في حي "الحجر الأسود" وتقتصر المراحل الدراسية فيهما على المرحلتين الابتدائية والإعدادية ويلون التنظيم جدران مدارسه باللونين الأبيض والأسود، ويرسم على جدرانها صورا للأسلحة ومقاتلين يحملون السيف، فيما يعتمد التنظيم على كادر تدريسي أغلبه من عناصره ويتعاقد مع عدد من المدرسين المدنيين لقاء رواتب شهرية بعد تعهدهم بالالتزام بقوانين التنظيم وتفيد عدة مصادر مقربة من التنظيم عن وجود نقص كبير في الكوادر المختصة لذلك يلجأ التنظيم للاعتماد على حملة الشهادة الثانوية ليكونوا مدرسين في مدارسه، وتتم طباعة المناهج محليا، حيث يمتلك التنظيم مطبعة خاصة في حي "الحجر الأسود" وتتركز المناهج على 6 مواد رئيسية هي مواد اللغة العربية والفقه والعقيدة الإسلامية والحديث والرياضيات والفيزياء، فيما ألغيت مواد التربية الفنية والموسيقية والفلسفة والتربية الاجتماعية. وبحسب أحد سكان مخيم "اليرموك" فإن مادة الرياضيات من أكثر المواد التي تشكل جدلا كبيرا بسبب اعتماد التنظيم في وضع أمثلة الجمع والطرح بالاعتماد على رسومات الأسلحة من بنادق وقنابل ودبابات.
أسعد مدرس سابق يروي لـ"زمان الوصل" ما يراه من خطر يهدد أطفال المنطقة "معظم المدارس في الأحياء الأربعة (مخيم اليرموك الحجر الأسود التضامن العسالي) تدرس منهاج التنظيم الذي يحوي أفكارا شاذة وخطيرة مترتبة على تغذية عقول الأطفال بالمصطلحات التكفيرية تؤثر سلبا على سلوكهم وتوجهاتهم الدينية والاجتماعية في المستقبل وأخطر ما في الموضوع سعي التنظيم لتطبيع الأطفال على العنف من خلال تنفيذ عمليات الإعدام في الساحات العامة أمام الأطفال وجعل الأطفال يكبرون ويهتفون لـ(لدولة الإسلامية) عند قطع الرؤوس".
ويردف أسعد "إن المدرسين في هذه المدارس تنقصهم الخبرة ومعظمهم ليس له علاقة بالتعليم، فعلى سبيل المثال نشر التنظيم في وقت سابق صورا لمدارسه من بينها صورة لمعلم أعرب كلمة كتبة على السبورة على أنها فعل مضارع فيما يعتمد مدرسو التنظيم على ضرب الأطفال لفرض هيبتهم عليهم".
كذلك يقيم التنظيم في مدرسة خاصة تسمى مدرسة "أشبال الخلافة الإسلامية" دورات تدريبية في عطلة الصيف مدتها ستة أشهر للأطفال بين عمر 7 سنوات و12 سنة وتركز الدورة على دروس العقيدة والجهاد وتدريب الأطفال على حمل واستخدام السلاح، إضافة للتدريبات البدنية لتعويد الأطفال على تحمل أهوال المعارك ويشاهد الأطفال في هذه الدورات إصدارات "الدولة الإسلامية" عبر شاشات كبيرة وهو نفس الأسلوب الذي يتبعه التنظيم مع عناصره المبايعين له حديثا.
على الرغم من سعي التنظيم لفرض أجندته التعليمية على الأهالي في مناطق سيطرته في جنوب دمشق، إلا أن إقبال الطلاب على مدارسه يقتصر على أبناء مقاتلي التنظيم وعدد قليل من أبناء الأهالي المدنيين، فيما فضل القسم الأكبر إرسال أطفاله للدراسة في مدارس بلدتي "يلدا" و"ببيلا"، الواقعتين تحت سيطرة فصائل المقاومة السورية.
دمشق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية