أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حين يترسم "الائتلاف" خطى النظام.. دماء السوريين حلال على الأمريكان حرام على الروس

البيانان - زمان الوصل

أصدر "الاتئلاف الوطني" بيانين منفصلين حول المجزرتين اللتين وقعتا في محافظتي الرقة وإدلب، وتورط فيهما الطيران الأمريكي والروسي. ورغم أن البيانين صدر في نفس التاريخ (25 الجاري)، فقد جاءت نبرة البيان الخاص بالمجزرة التي ارتكبها الطيران الأمريكي مخففة، بداية من عنوانه الذي يقول: "مئات المدنيين قتلوا في ضربات جوية نفذها الائتلاف الدولي ضد تنظيم الدولة في محافظة الرقة"، وهو عنوان يحمل طابعا توصيفيا غارقا في الرمادية الشديدة، التي تعيد إلى الأذهان عناوين ومضامين تقارير الأمم المتحدة عن مجازر النظام.

بيان "الائتلاف الوطني" حول مجزرة الرقة، خلا من أي لفظة إدانة حتى ولو كانت غير مباشرة، واستغرق في عبارات إنشائية، وكأنه بيان مكتب إعلامي لإحدى المنظمات المعلق مصيرها بممولها، وليس بيانا صادرا عن أعلى هيئة سياسية تم توصيفها بأنها "الممثل الشرعي للشعب السوري"، وشُكّلت لتكون المنافح الأول عن حقوقه في مختلف المحافل.

المجزرة التي شهدتها بلدة المنصورة وراح ضحيتها مئات المدنيين، لم تجد في بيان "الائتلاف" أي كلمة شجب لمن ارتكبها، بل استعارت تعابير الأمين العام السابق للأمم المتحدة "بان كي مون"، الملقب "مستر قلق" لكثرة ما أصدر من بيانات "قلق" عقب كل مجزرة كانت تحدث في سوريا.

لكن الفقرة الثالثة على وجه الخصوص تحمل نَفَس "كي مون" وتجسد روحه، حيث يقول بيان "الائتلاف": "الائتلاف السوري يبدي قلقه المتزايد حول الوفيات التي تحدث خلال الحرب على الإرهاب، الائتلاف يدعو الائتلاف (الائتلاف والائتلاف!) الذي تقوده الأمم المتحدة إلى بذل جهود جدية من أجل تجنب وقوع خسائر بشرية، ووقف استهداف المناطق السكنية"

ودعا الاتئلاف في ختام بيانه حول مجزرة المنصورة إلى فتح "تحقيق جدي بخصوص الهجوم الذي يعادل جريمة حرب، لضمان عدم تكراره، ، وتحميل المسؤولين عنها مسؤوليتهم (محاسبتهم)".

أما البيان الذي أصدره الائتلاف بخصوص مجزرة إدلب، فقد جاء واضحا من عنوانه، حيث حمل عبارة "الائتلاف يدين القصف الروسي للمدنيين في إدلب"، وورد فيه: "الائتلاف السوري يدين استهداف المباني المدنية والأحياء السكنية، مؤكدا أن هذه الجريمة تخرق اتفاقية جنيف الرابعة".

وتابع البيان: "الاتئلاف السوري يدعو مجلس الأمن إلى إدانة هذه الجريمة وتحمل مسؤولياته في حماية المدنيين، ومحاسبة مجرمي الحرب، ومنع تكرا هجمات كهذه على المناطق الآهلة".

وختم البيان: جرائم الاستهداف المتعمد للمدنيين تهدف إلى تقويض العملية التفاوضية، وكل فرص التوصل إلى حل سياسي".

*سريعا
"زمان الوصل" التي تلقت نسختين من بياني "الائتلاف الوطني" بخصوص مجزرتي المنصورة وسجن القوة التنفيذية في إدلب، أخضعت البيانين -الصادرين في نفس اليوم وعن نفس الجهة- إلى تحليل مضمون سريع اتضحت من خلاله "ازدواجية" تعاطي الائتلاف مع المجزرتين، ربما لاختلاف المجرم المتورط فيهما، وهذا سلوك غير مبرر ولا مقبول أبدا، من طرف يقدم نفسه بوصفه المدافع عن حقوق السوريين بجميع أطيافهم وفئاتهم، ضد كل من يقتلهم ويستبيح دماءهم، بغض النظر عن هوية القاتل وجنسيته.

ويكشف تحليل مضمون البيانين أن "الائتلاف" داهن القاتل الأمريكي، ولم يحمّل بيانه حول مجزرة "المنصورة" أي كلمة إدانة، بل اكتفى بـ"القلق" رغم هول الجريمة وضخامة المجزرة، بل حتى هذا "القلق" وضعه في سياق عام فضفاض، مشيرا إلى الشهداء الذي سقطوا بوصفهم "وفيات مدنية خلال الحرب على الإرهاب".

"المنصورة" التي سقط فيها مئات الضحايا، لم يكتف "الائتلاف" فيها بـ"القلق"، بل أضاف إليه "دعوة قوات الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة إلى بذل جهودها الجدية لتجنب خسائر المدنيين"، حتى ليخال للشخص أنه يقرأ بيانا خجولا صادرا عن منظمة حكومية أمريكية تحاول تبرير وتجميل الجريمة، كونها جاءت في إطار "الحرب على الإرهاب"، وهكذا فإن ضحاياها ليسوا سوى "خسائر جانبية".

أما مجزرة إدلب فقد استدعت من "الائتلاف الوطني بيانا شديد الوضوح، تكررت فيه لفظة "الإدانة"، وسمت الأمر باسمه "قصف" (وليس غارات جوية)، بل إنها حملت دعوة صريحة إلى مجلس الأمن لإدانة الجريمة.

ورغم أن ضحايا مجزرة إدلب أقل عددا (16) من مجزرة المنصورة (مئات)، ورغم احتمالية تذرع الروس بقصف مكان عسكري، كونه تابعا للقوة التنفيذية (سجن)، ورغم أن المكان المقصوف في المنصورة هو هدف مدني واضح وضوح الشمس (مدرسة).. رغم كل هذه المحددات فقد كال "الائتلاف" بيانيه بمكيالين مختلفين، وبخل على ضحايا المنصورة وذويهم (وعلى الشعب السوري الثائر) حتى بالتعابير التي تتناسب مع حجم الجريمة، فيما جادت قريحته تجاه القاتل الروسي، في سلوك "يساوي" بسلوك النظام وإن كان "يعاكسه" في الاتجاه، حيث إن النظام مستعد لتقبل مقتل سوري كل لحظة على يد الروس والإيرانيين وسواه من حلفائهم، ولكنه يتصنع الحزن "والحمية الوطنية" عندما يقتل الجيش التركي –مثلا- فردا أو مجموعة، ليس لأنه غاضب من قتلهم، بل لأن أنقرة خصمه السياسي، ولو كانت حليفه لما رفّ له جفن.

أفلا يستطيع الائتلاف اعتماد بيان موحد تجاه كل من يرتكب المجازر بحق السوريين، ألا يستطيع أن يخاطب كل من يقتلهم بنفس اللهجة من الإدانة والرفض الحازمين القاطعين، باعتبار قتل الأبرياء عملا مدانا في كل الشرائع والقوانين والنواميس.. وهل يعتقد "أولو الأمر" في قمة هرم المؤسسات السياسية المعارضة أن تفريطهم بدماء الشعب إكراما لعيون مصلحة عابرة أو دعم محدود سيرفع أسهمهم لدى هذه الدولة أو تلك، وسيتم احتسابه لهم في خانة "حفظ الود" و"رد الجميل"، وسيدّون لهم في سجل "الحنكة"، ريثما يتم اختيارهم –بعد عمر طويل- ليحلوا محل "القيادة الحكيمة"! 

بعد 6 سنوات من الثورة، تحمّل فيها الشعب السوري كل أخطاء وربما خطايا "السياسيين" المعارضين في "المنصات" المتعددة الائتلاف وفي المجلس الوطني قبله.. يخرج مثل البيان الهزيل الذي اشترى بدماء مئات المدنيين في "المنصورة" ثمنا قليلا.. يخرج ليكشف الغطاء عن مؤسسة كان يفترض بها أن تكون بديلا للنظام، لكنها فضلت ترسم خطاه، وجعلت مصالحها فوق دماء السوريين، التي لم يكن لأحد من مصدري البيان ومرتضيه ليصل إلى مكانه سوى على سلّمها.

سلام على الثورة وعلى دماء كل بريء فيها.. يوم ولدت وقمعها النظام وأحلافه، ويوم خذلها "معارضون" وحساباتهم المقيتة بضيقها وأنانيتها، ويوم تنتصر لتقول كلمتها في هؤلاء وهؤلاء.

ايثار عبدالحق - زمان الوصل - خاص
(110)    هل أعجبتك المقالة (105)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي