أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تنازع النفوذ بين "النظام" و"الاتحاد الديمقراطي" يُهدد بإغلاق مشفى الحسكة الوطني

يُعتبر المشفى الوطني، المشفى الوحيد في المدينة الذي يقدم الخدمات الطبية المجانية

عمل مسؤولو نظام الأسد في الفترة الماضية على منع الأدوية عن المشافي الوطنية الخاضعة لسيطرة حزب "الاتحاد الديمقراطي" بينها "مشفى الحسكة الوطني" بحجة خروجها عن سيطرتهم واستثمارها من قبل الحزب الكردي للحصول على المال من مرضى مقابل الخدمات الطبية والأدوية. 

مصادر مقرّبة من محافظ النظام في الحسكة "جايز الموسى" قالت لـ"زمان الوصل" إنّ قرار إغلاق المشفى الوطني في المدينة بات قاب قوسين أو أدنى، بعد أنّ أمر المحافظ بمنع تزويده بالوقود اللازم للعمل؛ بحجة كونه خارج سيطرة الحكومة، وذلك بعد التضييق على عمل المشفى في السابق؛ بسبب تنازع السلطة والنفوذ بين نظام الأسد وميلشيات "الاتحاد الديمقراطي" في المدينة، الذي لم تخبُ جذوته رغم وجود تفاهمات بين الجانبين على تحييد المشفى عن الصراعات بينهما.

وبحسب المصادر فإن قرار الإغلاق يحظى بتغطية وموافقات من وزارة الصحة، وعدد من المسؤولين الأمنيين في دمشق، والذي يأتي بناءً على اقتراح من مدير الصحة في المحافظة "محمد رشاد الخلف"، الذي وصفته المصادر بأنه أقدم مدير في المحافظة، حيث عاصر أربعة محافظين آخرهم "الموسى".

من جهتها، قالت ممرضة تعمل في مشافي الحسكة لـ"زمان الوصل" إن عناصر حزب "الاتحاد الديمقراطي" استولوا على المشفى الوطني بالحسكة وطردوا حتى المرضى بينهم سيدة أصيبت بحروق نتيجة انفجار "بابور كاز" في منزلها وذلك بعد استيفاء ثمن الدواء والشاش منها.

وأضافت الممرضة: "المشفى لم يتوقف عن العمل حتى الآن، لكن الأدوية غير موجودة ويشتريها المرضى على حسابهم في المشفى الوطني ومشفى الأطفال أيضاً".

وفي السياق ذاته، ذكر نشطاء أن مديرية الصحة التابعة لوزارة النظام هددت الطبيب الكردي "عادل عبد الله" المقيم في مشفى "المالكية" الوطني بالاعتقال والحرمان من الامتحانات في دمشق على خلفية إجرائه عمليات جراحية قيصرية وتحصيل أجورها من المرضى، مشيرين إلى أن حزب "الاتحاد الديمقراطي" احتل العيادات الخارجية من المشفى الوطني في "رأس العين" وحوله إلى مشفى تابع له مع تعطيل باقي أقسام المشفى الضخم.

ويُعاني أهالي المدينة من ارتفاع فاحش في نفقات العلاج بالمشافي الخاصة، وفق ما روى عاملٌّ في المجال الصحي بالمدينة لـ"زمان الوصل" إن نفقات العلاج في القطاع الخاص حلّقت في الفترة الماضية إلى أرقام يعجز عن احتمالها أغلب الأهالي، فتحليل السكر -مثلاً -ارتفع من 50 ل.س إلى 600 ل.س، وثمن تحليل بضع عناصر دموية بسيطة يتجاوز 3,000 ل.س.

وتابع قوله" بأن كلفة أي صورة شعاعية تبلغ أكثر من 2.500 ل.س، وتكلفة المعاينة يتجاوز 2,000 ل.س دون تخطيط أو تصوير إيكو، ناهيك عن العمليات الجراحية التي تبدأ تكلفتها من 70.000 ل.س لعملية الفتق وهي أبسط العمليات الجراحية، فيما تكلّف مراجعة طبيب بأبسط الحالات المرضية مثل الكريب مبلغ 10.000 ل.س.

وكان محافظ النظام في الحسكة، قد اتفق مع مسؤولي حزب "الاتحاد الديمقراطي" مطلع العام الجاري، على تحييد المشفى الوطني بالحسكة عن مناطق النفوذ وتفعيله وتزويده بكل ما يلزم بشرط خروج عناصر الحزب الكردي من مبنى المشفى، وبقائهم في محيطه، وتقديم الخدمة الطبية لعناصر قوات النظام، في حال الحاجة إلى ذلك.

لم يفِ الحزب الكردي بالتزاماته بإخراج عناصره من المشفى، واكتفى بإعلان استعداده لإخلاء المبنى الرئيسي، والتمركز في المباني الملحقة، مثل المرآب واللجنة الطبية وسكن الأطباء، ما دفع محافظ النظام لتخفيض المخصصات تدريجياً، فقرر قبل تخفيض كمية المحروقات، خفض كمية الأدوية، وقبلها خفض كمية مواد غسيل الكلية والمواد المخبرية، بحيث لم يعد المشفى يقدم 20 % من الخدمات الطبية، وفق نشطاء.

ويُعتبر المشفى الوطني، المشفى الوحيد في المدينة الذي يقدم الخدمات الطبية المجانية للمواطنين، ويخدم منطقة واسعة في المدينة وريفها وخاصة الجنوبي، كما يخدم عشرات الآلاف من النازحين السوريين واللاجئين العراقيين، وخروجه من الخدمة يعني كارثة صحية بمعنى الكلمة، فالقطاع الطبي في المدينة يعاني -أصلاً- من أزمات حادة من ناحية الكوادر البشرية ونقص المواد وتعطل الأجهزة، ومع ذلك يستقبل المشفى يومياً المئات من الحالات الإسعافية المختلفة بينها قرابة 20 حالة غسيل كلية و30 ولادة طبيعية وقيصرية، إضافة لضحايا الألغام والحرائق المتكررة كل يوم.

وكان منسق قطاع الصحة في منظمة الصحة العالمية "آزرت كالميكوف" قال أمس الثلاثاء خلال لقاء جمعه مع محافظ النظام في الحسكة إن المنظمة ستعمل على تأمين حاجة مديرية الصحة من الأدوية المختلفة الكافية لمدة ستة أشهر ونقلها جوا إلى محافظة الحسكة بهدف تأمين الرعاية الصحية الجيدة لأبناء المحافظة والأسر الوافدة واللاجئة، مشيراً إلى أنه زار مشفى القامشلي الوطني ومخيم اللاجئين في "الهول"، وفق ما نقلت وكالة أنباء النظام (سانا).

وتوقف مشفى الحسكة الوطني عن العمل أثناء اشتباكات آب/أغسطس/2016 بين قوات النظام ومسلحي حزب "الاتحاد الديمقراطي"، ثم أقدمت مسؤولة ميليشيا "آساييش" آنذاك، "شيندا"، على نهب موجودات المشفى من الأدوية والمستلزمات الطبية وبعض الأجهزة، قبل أن يعود للعمل وسط تراجع في تقديم الخدمات للمرضى نتيجة نقص الإمداد من قبل مديرية الصحة التابعة للنظام.

وشكل المشفى الوطني في مدينة الحسكة، في الفترة السابقة لسيطرة حزب "الاتحاد الديمقراطي" نموذجاً لتقاسم النفوذ بين الميلشيات المسيطرة على المدينة، حيث يحتل مسلحو "آساييش" قسم الحروق في الطابق الثالث (وهو القسم الوحيد المتخصص في المحافظة كلها)، فيما تحتل ميلشيا "الدفاع الذاتي" قسم الجراحة، إضافة إلى سيطرة ميليشيا "سوتورو" قسم الأمراض الداخلية، بينما تسيطر ميليشيا "وحدات حماية الشعب" على الباب الرئيسي للمشفى، إضافة إلى مخفر الشرطة، وبنك الدم ومدرسة التمريض.

الحسكة - زمان الوصل
(169)    هل أعجبتك المقالة (130)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي