أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

التقسيم.. آخر مشاريع روسيا للسوريين

أرشيف

من دمشق، وبعد لقائه بشار الأسد، أطلق "ليونيد سلوتسكي" رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس "الدوما" الروسي أحدث التهديدات الروسية للسوريين، حيث أشار إلى وجوب "ضرورة" إقامة مناطق حكم ذاتي للأقليات.

لم يرتوِ الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" من دماء السوريين، يريد لهم اقتتالا داخليا يمتد سنوات وسنوات، وكأنه يستمتع بمشاهدة شلال دمائهم يتدفق باستمرار، ولم يكتفِ بالفرجة عليه ودعم سافكه ست سنوات ومشاركته فعليا سنة ونصف.

تصريح "سلوتسكي" من دمشق يحمل دلالات واضحة على موافقة بشار على التقسيم، وربما هو من اقترح على الجانب الروسي الفكرة وطلب ترويجها إيمانا منه بأن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، لذا يبحث عن كرسي يجلس عليه في موقع آخر، وقد يكون مقره هذه المرة في عاصمة يختارها لإقليم الساحل.

المضحك، إشارة المسؤول الروسي إلى أن المصالحة في سوريا "لا يمكن أن تتحقق إلا بإقامة مناطق حكم ذاتي للأقليات"، ولم يكلف نفسه بالإشارة إلى ضرورة إقامة العدالة، حتى الانتقالية منها، قبل الاتجاه إلى هذا الحل، متناسيا أو متغافلا عن أعداد القتلى الذين سقطوا بين كل المكونات على يد النظام الأسدي وبعض المتطرفين، وأن التعايش بينها لا بد أن تسبقه العدالة بحدها الأدنى، حتى لا تشتعل نار الثأر والانتقام.

الأقليات التي تحدث عنها رئيس لجنة الشؤون الدولية تشمل الكرد والتركمان والدروز، والأهم العلوّية، وكأن كلا من هذه الفرق يعيش في جغرافيا خاصة به لا تمتزج فيها بقية المكونات.

بشار الأسد يقبل بكرسي وحاجب في أي بقعة، هذه فهمها السوريون، وكذلك تأكدوا أنه يرضى بأي حل يبقيه رئيسا لو على الحاجب وحده، ولكن صمت المعارضة السورية أو عجزها عن القيام بأي تحرك فاعل باتجاه المجتمع الدولي لمحاولة لجم الدب الروسي عن التهام ما تبقى من سوريا، وارتهان تحركات الثوار بإشارات المرور الدولية، هو الذي يثير العجب ويدفع لطرح الأسئلة والاستفهامات عن موقفهم مما يخطط سرّا وعلانية لسوريا.

أما سكون المجتمع الدولي عن الافتراس الروسي لسوريا وسعيه لتجزئتها، فيبدو أنه مرتهن بالرضى الإسرائيلي، ولن يتغير إلا بتغيره، وحتى اللحظة، إدارة ترامب لم تقرر ماذا تريد أن تفعل في سوريا بالضبط ولم تتضح خطواتها إلا باتجاه التهيئة لاستقلال كردي غير مدروس بعناية، وهو ما يتوافق مع تصريح المسؤول الروسي.

لم يقتصر الحديث الروسي على التقسيم بل تعداه للتدخل بقصص أخرى "سنبحث مع قيادة البلاد والبرلمانيين موضوع الدستور، وتبادل الأسرى وإمكانية إقامة مناطق حكم ذاتي" حسب ما ورد عن "سلوتسكي"أول  أمس الاثنين. 

وضع الروس مسودة دستور لسوريا، والمسؤول يناقشه مع البرلمانيين السوريين، وقد استبقته "كراكوزة" البرلمان السوري "هدية عباس"، بالإشارة إلى الموافقة على اشتراك روسيا بصياغة الدستور السوري "بل هو مطلب وحاجة" هكذا قالت ببساطة رئيسة مجلس الشعب.

النظام باع كل شيء، وروسيا تشتري دون مقابل، وتفرض ما تريد، ولا تحتاج سوى الإشارة، وخير دليل على ذلك استدعاء بشار منفردا إلى موسكو العام الماضي، وكذلك استدعاؤه من وزير الدفاع الروسي إلى "حميميم" ومسارعته صاغرا ملبيا.

السوري الذي قام بثورة من أجل الكرامة والحرية والعدالة يجد نفسه اليوم أمام "مؤامرة كونية" على وجوده ومطالبه، لا يملك (وهو الذي قدم كل شيء في سبيلها) ما يحبطها وقد اشترك من ادعوا تمثيله من سياسيين وعسكر في تنفيذ مفرداتها. 

يبقى له أن يفشل مشروع التقسيم لعدم توفر معطياته، وبسبب الرفض الشعبي له، والشعب هو الذي هتف من آذار مارس/2011 "واحد واحد واحد الشعب السوري واحد".

عبد السلام حاج بكري -زمان الوصل
(101)    هل أعجبتك المقالة (107)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي