الذاكرة ليست بعيدة جداً، وما روجته آلة الأسد الإعلامية وأبواقها اللبنانية ومرتزقة الشتائم والمؤامرات الافتراضية الدولية والمحلية التي حيكت على نظام الأسد، وجموع الخونة من السوريين المرتبطين بالمخابرات الدولية الذين خططوا وخانوا أمانة وطن البعث... ما زالت كل هذه السلسلة حاضرة في أذهان أحرار سوريا وكذلك في عقول المرتزقة وموالي النظام الذين صدقوا كل هذا الكذب المفضوح.
اليوم تعود نفس الأبواق من أطراف ما يسمى المقاومة إلى معزوفة النصر والقوة، وهذه المرة (إسرائيل) العدو اللدود بكل تاريخ الصراع المزيف...تعود إلى سلسلة الكذب الفج، وفي هذا السياق كتب المدعو (محمد صادق الحسيني) في جريدة "البناء" اللبنانية تحت عنوان (من الرئيس بشار الأسد إلى الجميع هذا ما حصل فجر الجمعة): (يمنع منعاً باتاً على كافة تشكيلات الطيران المعادي الإقلاع أو الهبوط أو التحليق في أجواء فلسطين المحتلة من القدس جنوبا وحتى الحدود التركية السورية شمالا)...هذا التعميم لقائد الجيش العربي السوري الرئيس بشار حافظ الأسد هو الذي قلب توازنات العدو، وجعله يهيم في طيرانه ويعمى بصره).
يروي الكاتب كيف أمر الأسد قوات الدفاع الجوي بالتعامل مع الطائرات الإسرائيلية التي أقلعت فجر الجمعة الساعة 2.40 تاريخ 17-3-2017 لتضرب شاحنات تنقل أسلحة لحزب الله بالقرب من تدمر، وتم رصدها لحظة إقلاعها من المطارات المعادية.
يتحدث "الحسيني" عن إبلاغ القيادة السورية إسرائيل عبر وسطاء قرارها بالمواجهة، وأن أبعاد الرد السوري تتحدى نتنياهو ووزير دفاعه: (وقبل أن ندخل إلى أبعاد الرد السوري المركب والفوري والموجع جدا فإننا نتحدى "الطاووس" نتن ياهو أن يسمح للناطق العسكري باسم جيشه أن ينشر كافة تفاصيل ما حدث فجر يوم الجمعة 17-3-2017 بين الساعة 23 والساعة 4 فجرا. نتحداه أن يعلن مكان سقوط الطائرة الأولى واسم القاعدة الجوية التي هبطت فيها الطائرة المعطوبة).
أكثر من ذلك يتحدى الكاتب أيضاُ: (ثم نتحدى هذا الكذاب المراوغ أن يسمح لناطقه العسكري وللصحافة الإسرائيلية أن تنشر تفاصيل أسباب الانفجارات التي فاق عددها العشرين انفجارا في مناطق غرب القدس (بيت شيمش) ومناطق جنوب غرب رام الله/شرق الرملة (منطقة موديعين).
ثم يفند الكاتب حجج إسرائيل في أن الغاية من العملية هي ضرب شاحنات الصواريخ المرسلة إلى إسرائيل، وأن هدفها هو أبعد من هكذا سخافات، وكذلك رواية القناة العاشرة الإسرائيلية إنما الهدف "دعم داعش" والقوى المعارضة في محيط دير الزور وتدمير مرابض مدفعية "الجيش الباسل": (حيث إن هدف محاولة القصف الجوي الإسرائيلي كان مرابض مدفعية الجيش العربي السوري ووحدات مدفعيته ذاتية الحركة المدافع المحمولة على مجنزرات) ووحدات مدفعيته الصاروخية التي تقوم، وبالتعاون مع سلاح الجو، بالتمهيد لتقدم الجيش والقوات الحليفة باتجاه الساخنة/اراك ومن ثم باتجاه دير الزُّور ومنطقة التنف).
وبعد رواية طويلة سفسطائية وقراءة عشوائية لمناطق الصراع في سوريا يخلص "الحسيني" في روايته إلى إفشال المخطط الصهيو أمريكي والوصول إلى نتيجة تقول: (وهنا يجب التنويه إلى أن منطقة الحمه السورية المحتلة الملاصقة لحوض اليرموك وبالتالي لمواقع المسلحين الإرهابيين هي منطقة انتشار لكتيبة قوات خاصه وكتيبه محمولة جوا إسرائيليتين. فإذا ما أخذنا بالاعتبار عناصر الخطر الثلاثة هذه: الوحدات الإسرائيلية الخاصة، سلاح المدفعية الإسرائيلي، جيش العشائر الذي تديره المخابرات الأردنية فإن المتابعين يرون ضرورة حسم معركة الجنوب بالسرعة الممكنة وعدم تضييع الفرصة الملائمة الناتجة عن ظروف الميدان الزاخرة بنجاحات محور المقاومة وما نتج عن الفشل الجوي الإسرائيلي والذي أصبح يشكل عامل ردع ثابت في وجه الغطرسة الإسرائيلية).
أما سيد المقاومة فهو الحاضر الغائب في هذا التخطيط العميق للأسد: (الصمت القاتل أو التعتيم الاستراتيجي الذي مارسه سيد المقاومة في آخر خطاب له حول هذا الموضوع يؤكد ما يذهب إليه المتابعون...بعدنا طيبين قولوا الله).
أخيراً بعد هذا السرد المختصر لملحمة جديدة من ملاحم المقاومة الورقية لا بد من استذكار نفس الملاحم من خطة "بندر" لتدمير سوريا واستيديوهات "الجزيرة" الكرتونية وحبوب الهلوسة والسندويش والمياه المخدرة التي اعتقل بسببها آلاف الشباب السوريين واستشهد مثلهم، وفلاشة "الشعيبي".
ولا ينسى السوريون خصوصاً الإعلاميين عملية "الياسمينة الزرقاء" بعقلية إيران الباطنية التي قيل إنها: (عملية استراتيجية تشبه عملية إسقاط الاتحاد السوفياتي وتفتيته... فبناء شبكات ذات قدرة عالية وكفاءة سياسية كبيرة يلزمها الكثير من الوقت، فعلى سبيل المثال، إن اختيار المميزين من الأشخاص للعمل في هكذا عمليات ينبغي أن يكون عالي ا لدقة لكي نضمن قدرة الجاسوس على الترقي الوظيفي والاجتماعي والسياسي (يلتسين تم تجنيده حين كان مسؤول مدينة في الحزب الشيوعي وقد وصل بقدراته الذاتية إلى منصب أمين عام الحزب الشيوعي الروسي ما مكن الأميركيين من استخدامه لفرط الاتحاد السوفيتي. وقد استغرقت العملية منذ تجنيده في الستينيات إلى وصوله في الثمانينات إلى تلك المناصب العليا حوالي الخمسة وعشرين عاماً).
النظام وأبواقه وزعوا هكذا منشورات واهية في القطعات العسكرية وفي مساكن الضباط وكانتونات التشبيح حصراً...إنه الغسيل الدائم لأدمغة الرعاع القتلة.
ناصر علي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية