احتج عدد من المحامين والقضاة السوريين على ما سُمي بـ"صك التوكيلات" الذي تقوم به "جمعية ضحايا الحرب السورية" لما تضمنته من صلاحيات ليست في صالح السوريين–حسب قولهم -ومنها إقامة الدعاوي والتنازل والمصالحة والقبض والإسقاط والتصرف وغيرها، وهي وكالات غامضة قد تستخدم للتنازل عن هذه الحقوق وضياع حقوق المتضررين.
ورأى القاضي "محمد نور حميدي" أن "هذه التوكيلات تتجه باتجاه المصالحات مع النظام، وتسير باتجاه الحصول على أكبر توكيلات من المتضررين من أجل استخدامها في تشكيل منصة وتمثيل الشعب السوري في التفاوض على مستقبل سوريا والتنازل عن حقوقه".
وأشار حميدي إلى أنه تواصل مع الجهات المعنية في "باب الهوى" لبحث موضوع التوكيل والتأكيد على ضرورة عدم السماح لهذه الجمعيات بالدخول إلى الداخل السوري والحصول عل توكيلات دون أخذ رأي المحامين الأحرار فيما يخص شرعية هذه الوكالات وأبعادها القانونية المستقبلية، وفي حال تم ذلك فيجب أن يكون عن طريق المحامين الأحرار المختصين بذلك وهم من يقوم بذلك".
بدوره أوضح المحامي "محمد درغام حامدي" أن "هذا الصك الموقع عليه يتضمن صلاحيات يأخذها الوكيل من الموكل شديد الخطورة ويحتوي على عبارات مطاطة لا يمكن حصر تفسيرها ومن ذلك –كما يقول- عبارة التفاوض على المستويات الدولية والوطنية، وكلمات مثل "المسائل"، "المنظمات"، و"المنتديات" التي ذُكرت في متن الصك أو العقد".
وأضاف لـ"زمان الوصل" أن "جميع المحامين ورجال القانون يعرفون أن التصرف يخضع للقانون المدني أي نقل الملكية مثل البيع والشراء وهكذا"، مؤكدا أن الأخطر من ذلك كله أن من يملك حق التصرف يملك أيضاً التنازل عن هذا الحق.
ولفت المحامي إلى أن "هذا الصك قٌدم للناس أصحاب الحقوق باللغة غير اللغة العربية -وهذا –حسب رأيه- استغلال لحاجة الناس وإيهامهم بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم من خلال تفويضهم برفع دعاوي أمام المحاكم العالمية كمحكمة الجنايات الدولية أو محكمة العدل الدولية".
وأردف محدثنا: "نحن هنا أمام محاكم تهتم بجرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب ولا تحتاج إلى هكذا تفويض".
وأشار حامدي إلى أن صك التصرف الذي وقعه الناس هو ورقة عادية مطبوعة لا تدل على أنها صادرة من دائرة رسمية".
كما ألمح المحامي حامدي إلى أن "الصك المذكور يحتوي الكثير من المطبات القانونية مضمونا وشكلا"، ومن ذلك -كما يقول- أن كل من وقّع الصك لا يعرف قيمة وأجور شركة المحاماة البريطانية مع جمعية ضحايا الحرب السورية وهي قيد الترخيص، ويترأسها رئيس الائتلاف الوطني السابق "خالد خوجا" ومن وقع لا يعرف من هي هذه الجمعية ومن تمثل من السوريين.
وأشار حامدي إلى أنه ناقش عدداً من المحامين الأتراك بحضور مندوب من جمعية ضحايا الحرب في سوريا حول هذه الخدع والمطبات مبيّناً لهم الإجراءات التي يمكن رفع دعاوي من هذا النوع فيها والتي تتعلق بجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب حسب اتفاقية روما وكانت أجوبتهم -كما يقول- غير كافية أو مقنعة وكانت إجاباتهم مراوغة، حيث برروا الموضوع بأنهم رفعوا دعاوى مشابهة مثل سفينة "مرمرة" التركية وساعدوا الناس وأخذوا تعويضات عن الأضرار.
وأجابهم -كما يقول- أن قضية "مرمرة" جرم جزائي يستوجب التعويض ولا تتشابه بحال من الأحوال مع موضوع هذه الدعاوى التي تشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
وأوضح محدثنا أن الأفراد لا يمكنهم رفع مثل هذه الدعاوى وإنما ترفع بثلاث طرق وهي محكمة الجنايات الدولية التي تحيلها إلى مجلس الأمن من دولة عضو إلى دولة عضو أخرى، ومن النائب العام في محكمة الجنايات الدولية.
والأمر –كما يقول- يحتاج إلى دكاترة مختصين وخبراء قانون دولي عام ويحتاج إلى دول لتقوم به وليس شركة محاماة أقدم محامي فيها من عام 2007 وهذا ما اتضح من خلال موقعها على "فيسبوك".
ورأى المحامي والحقوقي "فراس حاج يحيى" المتخصص بقضايا وشؤون اللاجئين أن السوريين من حيث المبدأ ليسوا ضحايا حرب بل هم ضحايا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها نظام الأسد وميليشياته وحلفائه روسيا وإيران والمطالبة بتعويضات هي حق أصيل للشعب السوري ككل وللثورة السورية ولا يحق لأحد التنازل عنها جزئياً أو كلياً.
وأردف حاج يحيى أن "النظر بهذه الجرائم من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية أو محكمة دولية خاصة بسوريا لمحاسبة مجرمي الحرب ومرتكبي هذه الانتهاكات وهي جرائم جنائية دولية وليست دعاوى مدنية يتم اختصارها بالتعويض". وأشار محدثنا إلى أن "اختصار هذه الجرائم وتقزيمها بالتعويض عن الخسائر هي إضاعة للحق والحقوق وتسهم في الإفلات من العقاب لهؤلاء المجرمين"، لافتاً إلى أن "الاختصاص والمباشرة بالإجراءات والنظر بهذه الجرائم التي لا تسقط بالتقادم ليس من حق شركة محاماة أو مجموعة محامين تسعى لتقزيم القضية واختصارها بالتعويضات فالدم لا يباع بالمال".
وحاولت "زمان الوصل" التواصل مع رئيس الائتلاف السابق "خالد خوجة" و"جمعية ضحايا الحرب السورية" التي تولت تنظيم صك التوكيلات للوقوف على رأيهم بما ورد في سياق التقرير دون جدوى، ولذلك نترك المجال مفتوحاً لأي رد أو تصويب للمعلومات.
وكان عدد من الناشطين والحقوقيين السوريين والأتراك قد شكلوا منذ أسابيع "جمعية ضحايا الحرب في سورية"، تهدف إلى متابعة قضايا جرائم الحرب والانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين السوريين، من قبل أفراد أو مؤسسات، ليتم الحصول على حقوقهم في المستقبل.
وعمدت الجمعية للتعاقد مع شركة "Stoke & White LLP" (ستوك أند وايت) البريطانية التي تتخذ من لندن مقرا لها، لتكون ممثلاً قانونياً لهؤلاء الضحايا من خلال المحامين وأصحاب الاختصاص فيها.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية