أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

استراحة محارب.. السوريون يربحون إجازة في برشلونة

أحد عناصر المقاومة يرتدي قميص "ميسي" في ريف حلب - جيتي

حفل "فيسبوك" يوم أمس الأربعاء بنشاط سوري فاق الأيام العادية، تمثل بتدفق المنشورات التي تحيي المرأة بيومها، مع الإشارة خلال النهار إلى مباراة بكرة القدم بين برشلونة وباريس سان جيرمان في بطولة أندية أوروبا والتي ستجري مساء.

وكان لذكرى "ثورة البعث" نصيب غير قليل من المنشورات تناولتها بالقدح والذم، إضافة لاهتمام واضح باتفاقي الهدنة في غوطة الشرقية بريف دمشق وحي الوعر بحمص المتفق عليهما بين الفصائل والقاعدة الروسية في "حميميم". 

بحدود الساعة الحادية عشرة تحول "فيسبوك" إلى أرقام، مثل 1 ثم 2 ثم 3 وحفل بالسخرية والتهديد، إنها المباراة بين الناديين الإسباني والفرنسي.

أثارني الفضول وأنا المتيم سابقا بكرة القدم لمتابعة المباراة، وطلبت من أحد الأصدقاء رابطا لموقع يبثها، وكانت النتيجة ثلاثة أهداف لمصلحة برشلونة، وهي لا تكفيه للتأهل للدور التالي بسبب خسارته ذهابا بأربعة.

لكن الفريق الاسباني تعرض لهدف جعل مهمته شبه مستحيلة، فبات يحتاج لتسجيل ثلاثة أهداف ليضمن التأهل ولم يعد هناك متسع من الوقت.

انتفض "فيسبوك" من جديد، السوريون يتقاتلون بكرة القدم فشن أنصار ريال مدريد غريم برشلونة هجوما عنيفا على أنصار برشلونة، لكن هؤلاء تصدوا للهجوم وثبتوا في وجه أولئك، من خلال انتفاضة برشلونية حولت الأمر العسير إلى يسير، فسجل الاسبان ثلاثة أهداف خلال 10 دقائق، أفشلت هجوم السوريين الرياليين على السوريين البرشلونيين.

وبما أني لم أعد أهتم لشيء سوى سوريا وأخبارها كنت أتابع مع المباراة شبكات إعلامية وعديد الصفحات لسوريين موالين للنظام، وتبينت أن الجميع يتابعها، وينشر مستجداتها بين سعيد وحزين من النتيجة.

لغالبية المتابعين أخ سقط على الأرض السورية أو أصيب أو اعتقل، وكذلك للغالبية ذاتها منزل تهدم أو نزح عنه، أكثرهم نال منه الفقر والتعب جريا وراء لقمة عيشه وخيمة تؤويه وعمل يؤمن خبز عائلته، وكلهم دون استثناء تعبوا من كل ما يجري.

هربوا مما هم فيه لساعتين، لعلّهم لم يستطيعوا خلالها نسيان آلامهم، لكنها محاولة وجدوا أنفسهم مضطرين للقيام بها، وهم الذي وصلوا إلى حافة اليأس بعد ست سنوات مكتظة بالحزن.

ناشط إعلامي مهتم بالرياضة، تحدث إلي بقهر، وابتلع البكاء صوته خلال كلامه أكثر من مرة قائلا "أشعر بأني أخون الثورة عندما أهتم لشيء غيرها" وأقسم أن صورة أخيه المعتقل تتراءى له في الشاشة فتنسيه المباراة ونتيجتها وتعيده إلى حيث يجب أن يكون ويبقى حتى نهاية الألم.

ومن الطرف المقابل، كتب أحد الموالين على صفحته خلال المباراة، "لك وين عم تشوفوا المباراة، ما عندنا كهربا من تلات أيام، عم تحضروها بالقهوة، ليش معكم 500 ليرة حق المشروب".

وجع السوريين متعدد ومتنوع، لكن جذره واحد، ينزفون مع سوريتهم، لكنهم في الوقت الذي يستطيعون فيه القيام بمحاولة النسيان، تعجز سوريا عن فعل ذلك ويستمر نزيفها، لا سيما أن طياري النظام والروس غير مغرمين بمباريات كرة القدم، ويفضلون مشاهدة تمزق الأجساد على كرة تمزق الشباك.

يحتاج السوريون ما هو أكبر من مباراة كرة قدم بكثير لينسوا ما هم فيه، وبالتأكيد هذا "الأكبر" هو سلام يوقف القهر المتصاعد والدم المتدفق، ويحتاجون الإرادة أولا لتحقيق هذا "الأكبر"، لكي يعودوا من بعيد كما عاد برشلونة في المباراة.

عبد السلام حاج بكري - زمان الوصل
(107)    هل أعجبتك المقالة (113)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي