أقرت مجموعة "لافارج هولسيم" لصناعة الإسمنت، بما سبق لـ"زمان الوصل أن كشفته عن علاقات تجارية بينها وبين تنظيم الدولة، وهي العلاقات التي سبق لمدير الشركة في سوريا أن وصفها بـ"الشائعات" عندما راسلته جريدتنا حينها، لأخذ رأيه في الموضوع.
وقالت "لافارج هولسيم" يوم الخميس إن مصنعها للاسمنت في سوريا دفع على الأرجح أموالا لجماعات مسلحة للإبقاء على عمليات المصنع في البلد الذي تمزقه حرب أهلية.
وجاء الإقرار في أعقاب تحقيق داخلي، ليضع عملاق الإسمنت في موقف محرج للغاية، حيث قالت الشركة في بيان: "يبدو من التحقيق أن الشركة المحلية قدمت أموالا لأطراف ثالثة لعمل ترتيبات مع عدد من هذه الجماعات المسلحة ومنها أطراف خاضعة لعقوبات وذلك للحفاظ على العمليات وضمان مرور آمن للعاملين والإمدادات من المصنع وإليه".
وأضافت أنها لم تتمكن من تحديد المتلقي النهائي للأموال وامتنعت عن الكشف عن المبالغ التي دفعت في عامي 2013 و2014، منوهة بأن "المسوغات التي طرحت في سبيل استمرار العمليات في المصنع غير مقبولة".
وقال مصدر قضائي في فرنسا إن ممثلي الادعاء يدرسون التصريحات التي صدت "لافارج هولسيم"، وقد يوسعون نطاق التحقيق لكن لم يتم حتى الآن اتخاذ أي قرارات.
*من هنا اندلعت الشرارة
وتعود بداية القصة إلى تحقيق حصري نشرته "زمان الوصل" في شباط/فبراير 2016، كشفت فيه بالمستندات والوثائق علاقة "لافارج" بتنظيم الدولة، وهو ما جر "فضيحة" على المجموعة العملاق لا تزال تجر ذيولها حتى الآن.
وكانت صحيفة "لوموند" الفرنسية الشهيرة قد تحدثت عن علاقة "لافارج" بتنظيم "الدولة" عبر تقرير نشرته بتاريخ 21-6-2016، معتمدة على ما نشرته "زمان الوصل" قبل 4 أشهر ونيف من تاريخه، عندما فتحت ملف العلاقة بين الطرفين.
ويومها عمدت "زمان الوصل" إلى سؤال الرئيس التنفيذي لشركة "لافارج" في سوريا "فريديريك جوليبوا"، فأجابنا بأن شركته "لاترد على التخمينات والشائعات"، مؤكدا أن الشركة "تلتزم بقرارات الأمم المتحدة"، قبل أن يستدرك: "الأمن هو أولويتنا الرئيسة، ولذا علقنا كل نشاطاتنا الصناعية والتجارية في سوريا منذ أيلول/سبتمبر 2014، وحينها تم إخلاء موقع "الجلبية" كليا (مكان مصنع لافارج للإسمنت في بلدة تابعة لمنطقة عين العرب، شمال شرق حلب)، وتم حظر وصول موظفينا إليه رسميا".
وكانت "زمان الوصل" أول وسيلة إعلامية على مستوى العالم، تفتح ملف علاقة "لافارج" بتنظيم "الدولة"، حيث استعرضت الصحيفة -من ضمن ما استعرضت- سلسلة رسائل إلكترونية من مسؤولين كبار في الشركة تكشف عن أن "لافارج" تورطت في شراء النفط من "منظمات غير حكومية" في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، ويومها (صيف 2014) اقترح الرئيس التنفيذي "برونو بيشو" سلسلة حجج وأعذار يمكن أن تطرحها الشركة حول قيام بشراء النفط "بطريقة غير شرعية".
وفي خريف 2014، وجه أحد المسؤولين البارزين عن الملف المالي في تنظيم "الدولة" رسالة حادة اللهجة إلى الرئيس التنفيذي لـ"لافارج" ينذره فيها بضرورة دفع مستحقات مالية لصالح التنظيم، ناصحا الشركة بأن تستوعب أنها "تتعامل مع الجيش الإسلامي الأقوى على الأرض، ولذلك فإن على الشركة أن لا تفسد العلاقة معهم".
ولم تكتف "لافارج" بشراء النفط من التنظيم، بل إنها باعته الإسمنت، وفقا لإيصال عرضته "زمان الوصل" في التقرير التالي (https://www.zamanalwsl.net/news/article/68841).
وفي الجزء الثاني من تحقيقها، سلطت "زمان الوصل" الضوء على مخزون مادة "هيدرازين" الكيماوية الخطيرة، التي كانت شركة "لافارج" تخزنها في مقر معملها، قبل سقوطه بيد التنظيم.
وتستخدم "هيدرازين" في معالجة المياه اللازمة لعمليات توليد الكهرباء، غير إن للمادة استعمالات أخرى متعددة، منها تحضير المتفجرات فضلا عن استخدامها وقودا للصواريخ.
وبحسب مصادر "زمان الوصل" فإن "لافارج" كانت تمتلك مخزونا ضخما من المادة في معملها بسوريا، ولا يعلم أحد بالضبط مصير هذا المخزون بعد سيطرة تنظيم "الدولة".
وفضلا عن مادة "هيدرازين" الخطرة، فإن لدى "لافارج" في مختبرات مصنعها أجهزة تحمل مواد مشعة، إلى جانب "جهاز غاما ماتريكس" في الكسارة وجهاز قياس الكثافة في "السايكلونات"، وكلها كانت تخضع لفحوص دورية من قبل "هيئة الطاقة الذرية"، لخطورتها وحساسيتها الشديدة.
وتشكل أي محاولة تفكيك أو نقل أو تحريك عشوائي لهذه التجهيزات أرضية جاهزة لنشر إشعاعات ضارة بالبشر والبيئة المحيطة عموما (للاستزادة http:////www.zamanalwsl.net/news/article/69017).
وخلال السنوات الأخيرة تغيرت خريطة السيطرة على مصنع "لافارج-سوريا" الواقع في ريف "عين العرب" وتبدلت هوية "المسيطرين" عليه، ففي آب/أغسطس 2013 خرج المصنع من خريطة المناطق الخاضعة للنظام، لينتقل إلى وحدات الحماية الكردية، التنظيم المسلح لـ"حزب الاتحاد الديمقراطي"، الذي يعد الجناح السوري لـ"حزب العمال الكردستاني".
في 19 أيلول/سبتمبر 2014 تمكن تنظيم "الدولة" من السيطرة على مصنع "لافارج-سوريا"، وطرد "وحدات الحماية" التي عادت بعد أقل من عام (ربيع 2015) وفرضت سيطرتها على المصنع وطردت منه التنظيم.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية