سوريا إما للأسد أو إلى الخراب، ومحرم على أي سوري أن يبدع أو ينجح إلا برعاية القائد الأسد أباً كان أم ابنا.
السوريون لا يملكون شيئاً في بلادهم، وهم وأملاكهم وأولادهم ملك لآل الأسد الذين قادوا البلاد طوال خمسة عقود بحكمة القائد ونظرته الاستراتيجية، وأدخلوهم المدارس والجامعات، وخلصوهم من نير الرجعية والإقطاع، لذا لا بد من رد العرفان بالولاء والطاعة والسمع.
هذا الكلام لا يقوله القائد إنما يفعله بفضل جموع الدهماء والرعاع الذين يمنحهم الرواتب والسلطة ليقتلوا السوريين الذين خرجوا عن الطاعة، وأنكروا نعمة الله عليهم ومنته بأن أرسل لهم الأسد وعائلته، وهذا ما كانوا يرددونه في مسيرات الشبيبة وأعياد حزب البعث اللعين.
وليس رد الجميل بالمال والعيال فقط...فثلة المخبرين الصحفيين الطائفيين أقسموا على أن يدعوا ليل نهار للأسد، وأن يكّفروا كل من لا يسبّح باسم البطل بن البطل، وهكذا صار عرفاً وتقليداً ان يهدى كل منجز أو إبداع للباب العالي.
بالأمس طالعنا الشبيح "بسام القاضي" بالدعوة إلى تخوين "ديمة ونوس" ووالدتها "فايزة شاويش" لأنهما قررتا إهداء مكتبة "سعد الله ونوس" إلى الجامعة الأمريكية ببيروت، ولم يودعاها على حد زعمه (ابنته، مدعية الثقافة والإنسانية، والمدعوة "ديمة"، كما زوجته التي ابتلي بأن ينجب منها، "فايزة"، قررتا كما يقرر المتآمر أن ينقلا مكتبة سعد الله ونوس، كاملة، إلى..لا لا.. ليس إلى المكتبة الوطنية بدمشق! وليس إلى المتحف الوطني بتدمر! ولا حتى إلى خيمة صغيرة في حصين البحر التي ولدته رائعا...بل إلى "الجامعة الأمريكية" في بيروت!).
يذهب القاضي - الذي دعا سابقاً إلى تجريف دوما وحرستا لأنهما خرجتا على سيده الأسد- إلى نفي كل مبررات نقل مكتبة ونوس إلى مكان آمن بدعوى أن مكتبات ومراكز ثقافية لم تحرق في طرطوس وسواها: (بعيداً عن الكذبة الكبرى بأنّ الكتب كانت في خطر "نيران الحرب"! وهي حرب أقامها وأشعلها من دعمتهم ابنته نفسها بذريعة "الحرية والديمقراطية"! ولنفترض أن تلك حقيقة..فهل طالت "نيران الحرب" المركز الثقافي بطرطوس مثلا؟! أم هل يأكل السوس رفوف مكتبته نفسه في بيته نفسه إن فتحت معرضا للزوار؟).
هل يستطيع القاضي أن يعدد كم من الإرث الإنساني والعالمي الذي دمره نظام الأسد بالطائرات والبراميل، وكم مدينة بالأحرى، وأين ذهبت آثار تدمر في عهد الأب وشقيقه رفعت ومن ثم في عهد الابن وشركائه الإيرانيين والروس، وهذا كله يمتد على كامل الأرض السورية من القنيطرة إلى حلب وإدلب؟.
كل جدار في سوريا هو إرث أهم من آل الأسد وأبواقهم، وكل بيت ومزرعة وبقرة هي إرث عائلي إنساني يجب أن لا يمس أو يقتل...النظام الذي قتل السوريين لن تعنيه مكتبة ونوس، وما يصرح به إعلامي انتهازي عن الخيانة ما هو إلا نفاق يعتقد أنه يقربه من القتلة، وبالرغم من إرث سعد الله ونوس (المختلف عليه)، إلا أنه جزء من إرث السوريين، ويخشى عليه، وهو بالتالي ليس إرثاً علوياً أسدياً.
طرطوس ومركزها الثقافي آمن لأنه محروس بالشبيحة الذين لا يجدون فيه أي متاع يُسرق، وهم أدنى من معرفة قيمة الكتاب أو الفكر بينما استبيح كل شيء في مناطق المعارضة وهو الجزء الأكبر والأعرق من سوريا، ودوما وحرستا اللتين أقلقتا الأسد وأبواقه هي جزء من الإرث السوري النضالي والإنساني العريق.
ناصر علي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية