داخل خيمة ضيقة على أطراف مخيم "كلس" التركي يعيش اللاجئ السوري "أحمد لطوف" مع زوجته وطفلته الوحيدة بعد أن فقد طفلة أخرى لم يمض على ولادتها 20 يوماً جرّاء إصابتها بقذائف كيماوية أطلقها تنظيم "الدولة" على مدينة "مارع" شمال حلب ذات ظهيرة من عام 2015.
ورغم مرور أكثر من سنتين ونصف لاتزال العائلة الصغيرة تعاني من آثار الإصابة، ويلازم الزوجة جهاز الرذاذ لتعويض نقص الأوكسجين، بينما لا يزال زوجها غير قادر على تمييز أي رائحة، أما الطفلة "شهد"، فلم تستطع إلى الآن أن تمحو من ذاكرها الغضة ذلك المشهد المؤلم لعائلتها وهم يصارعون سكرات الموت قبل أن يُكتب لوالديها النجاة وتفارق شقيقتها الحياة بعد أسبوعين.
بتاريخ 21/8/2015 كانت عائلة لطوف في المنزل وكان رب العائلة يتأهب للذهاب إلى صلاة الجمعة عندما سقطت على منزلهم قذيفة كان مصدرها مكان تواجد تنظيم "الدولة" آنذاك في قرية "اسنبل" شرق "مارع" بـ5 كم اتضح أنها تحمل مواد سامة من رائحتها واللون الأصفر الذي انتشر في المكان، فأصيب مع زوجته وابنتيه "" شهد 5 سنوات و"سيدرا" الوليدة الجديدة آنذاك.وروى لطوف أن عائلته شعرت حينها برائحة تشبه البيض الفاسد وأصيبوا بسيلان في الأنف واحمرار شديد في العينين.
بعد إصابتهم بأربع ساعات اُسعف أفراد العائلة المنكوبة بداية إلى مشفى "مارع"، وثم إلى بلدة "سجو" دون أن يتمكن الأطباء من فعل شيء ثم أُدخلوا إلى "كلس"، ومن ثم إلى "عينتاب" وبعد خمس ساعات من إسعافهم بدأت الحروق تظهر على أجسادهم، وعند دخولهم المشفى تمت تعريتهم من كافة ملابسهم وغسل أجسادهم بماء معقم وكانت أصواتهم –كما يروي محدثنا- تملأ أركان المشفى من شدة الألم والحروق، وبعد أسبوعين توفيت الوليدة "سيدرا " متأثرة بإصابتها، بينما تم تخريج "شهد" كونها أصبحت بصحة أفضل، ولأنها لم تتأثر بالإصابة كثيراً، لأنها كانت تلعب بعيداً عن مكان سقوط القذيفة المسمومة.

بقي لطوف وزوجته في العناية المشددة لمدة شهر-كما يقول- وأثناء ذلك حضرت لجنة تقصي الحقائق المكلفة من مجلس الأمن، وقدما شهادتهما على ما حصل وبعد تخرجهما بقيا غير قادرين على الرؤية.
وأكد محدثنا أن زوجته كانت المتضرر الأكبر من الإصابة إذ أُصيبت رئتاها، وتعاني باستمرار من سعال وبلغم دائمين ورغبة دائمة في التقيؤ، ولا يكاد الطعام يستقر في معدتها حتى تلفظه كما تشعر بالانزعاج من أي رائحة وصعوبة في المشي، علماً أنه عرضها -كما يقول- على 3 أطباء في المشفى الوطني في "كلس" ومشفى "مرعش" دون فائدة، أما هو فلا يزال يراجع طبيباً خاصاً في مشفى "النيجري" بعينتاب منذ 6 أشهر وبحاجة لعملية جيوب أنفية، ولكنه غير قادر على إجرائها لأن قيد هويته التركية غير فعال وتحتاج لتعديل من إدارة الهجرة وهو أمر يستغرق وقتاً طويلاً.
يعيش لطوف في مخيم "كلس2" منذ إسعافه مع عائلته في خيمة ضيقة تفتقر لأبسط مستلزمات الحياة، ولا تتوفر فيها أدنى الشروط الصحية المطلوبة في مثل حالتهم.
ولفت محدثنا إلى أنه راسل مفوضية شؤون اللاجئين من أجل السفر إلى أوروبا بقصد العلاج إلا أنه لم يتلقّ -كما يؤكد- أي رد، ولم يعد قادراً على توفير أجور مراجعة الطبيب وكلفة العلاج، مشيراً إلى أنه بحاجة لأدوية بشكل يومي، إضافة إلى جلسات الرذاذ والأوكسجين لزوجته أي بمعدل 500 –700 ليرة تركية شهرياً، ناهيك عن المصروف الشخصي ونفقات الحياة اليومية وخصوصاً أنه غير قادر على العمل وإعالة أسرته.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية