وثق تقرير حقوقي تسليمَ الأمن العام اللبناني ما لا يقل عن 56 معتقلاً سورياً إلى المخابرات العسكرية التابعة لنظام الأسد منذ بداية عام 2013 حتى نهاية عام 2016، مؤكدا تعرض أكثر من 108 لاجئين سوريين لعمليات خطف من قبل مجموعات مجهولة، إما بهدف الحصول على فدية مالية أو بهدف تسليمهم لنظام الأسد، وذلك بين أيار مايو/ 2011 وكانون الأول يناير/ 2016.
وجاء في التقرير الصادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان تحت عنوان "بلا حماية بلا حقوق"، أن عمليات القصف والمجازر، واستخدام سلاح الطيران الذي يُدَّمر الأبنية والمحلات، وغير ذلك من أصناف الانتهاكات التي مورست ضد الشعب السوري، تسببت في تحوُّل تدريجي فاق نصفه حالياً ما بين نازح ولاجئ، وكان لدول الطَّوق النَّصيب الأكبر، ونظراً لتداخل الحدود والأراضي السورية اللبنانية، وصلات القربى، لجأ مئات آلاف السوريين إلى لبنان، الذي استقبل أعداداً كبيرة مقارنة مع مساحته وإمكاناته المحدودة، وتُقدَّرُ أعدادهم بقرابة 1.7 مليون لاجئ سوري.
وأشار التقرير، الذي اطلعت "زمان الوصل" عليه، إلى أن السلطات اللبنانية لم تكن تتوقع كل هذا الكم الهائل من التدفق البشري، ولم تعمل، أو لم ترغب، في إعداد خطط للتعامل مع هؤلاء اللاجئين، بل سنَّت قوانين فاقمت الأزمة، واتخذت العديد من الإجراءات للحدِّ من تدفُّق السوريين إلى أراضيها، وفرضت شروطاً صعبة جداً لإقامتهم، كتحديد رسوم مرتفعة لاستخراج الإقامة ووجود كفيل لبناني، ولم يتمكن القسم الأعظم من السوريين من تحقيق شروط الإقامة.
وأوضح التقرير أنَّ الإجراءات التي اتخذتها السلطات اللبنانية أفقدَت معظم اللاجئين السوريين صفتهم القانونية في الوجود في لبنان، ما جعلهم عرضةً للتهميش في المجتمع والاستغلال في العمل والإساءة في التعامل، والتحرُّش الجنسي في بعض الأحيان، وعدم قدرتهم على اللجوء إلى أجهزة الشرطة والأمن في حال تعرَّضوا لأي اعتداء، حيث فقدوا أشكال الحماية كافة، ما وضعَ اللاجئين السوريين أمام عجز شبه كامل عن تلبية احتياجاتهم الأساسية في الحياة.
وفصَّل في تداعيات إيقاف المفوضية العليا لشؤون اللاجئين تسجيل اللاجئين السوريين الجُدد بناءً على طلب من حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، حيث أعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ذلك عبر مُمثليها في لبنان، وقد شكَّل هذا القرار منذ صدروه تداعيات كارثية على مختلف أوضاع اللاجئين الاجتماعية والاقتصادية، خاصة أنَّ كثيراً من اللاجئين السوريين يستخدم لبنان كدولة معبر للجوء إلى أوروبا بطرقٍ نظامية عبر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وفي حال عدم تسجيله في سجلاتها، فإنه يفقد بالتالي ذلك الحق، كما سيحرمه ذلك من المساعدات والحماية المقدمة من المفوضية، ويُصبح بالتالي عرضةً للاستغلال ولألوان متنوعة من الانتهاكات.
وتناول التقرير شروطَ الإقامة في لبنان التي كانت سبباً في عمليات اضطهاد اللاجئين السوريين عبر الاستغلال في العمل والاستغلال الجنسي والعنصرية والحرمان من الحماية القضائية والرعاية الصحية والتعليم، إضافة إلى تسول وعمالة الأطفال، والأطفال مكتومي القيد وكذلك تداعيات غياب المخيمات الرسمية.
كما أشار التقرير إلى القرار الأخير الذي أصدرته السلطات اللبنانية في شباط فبراير/2017، ووصفته بـ"قرار محدود الصلاحيات"، فعلى الرغم من كونه ذا أهمية لشريحة من السوريين اللاجئين إلى لبنان إلا أنه استثنى من دخل لبنان بطريقة غير شرعية وهم شريحة واسعة.
وذكر التقرير تصاعدَ عمليات الاعتقال التعسفي التي تقوم بها قوات الأمن اللبناني بحق اللاجئين السوريين مع بداية عام 2016، وتركزت عمليات الاعتقال في مناطق طرابلس وعرسال وبيروت، الأمر الذي انعكس على حياة السوريين الاقتصادية والاجتماعية؛ ما اضطرهم إلى الحد من تحركاتهم وإيقاف أعمالهم وخوفهم من التجوال في الشوارع والأسواق أو خارج المخيمات كإجراء وقائي يحمون به أنفسهم من الاعتقال وربما الطَّرد إلى سوريا.
وختم التقرير بجملة من التوصيات إلى الحكومة اللبنانية تضمنّت عدم إرجاع اللاجئين السوريين إلى نظام الأسد قسراً، وخاصة المعارضين السياسيين أو العسكريين، فإن مصيرهم سيكون القتل الفوري، أو الإخفاء القسري، كما طالبها بتخفيف رسوم تجديد إقامة اللاجئين الذين لم يشملهم القرار الأخير، والسماح لهم بالعمل، والبدء بتسوية أمور مخالفي شروط الإقامة وتسهيل الحصول عليها بهدف عودتهم إلى الحياة الطبيعية؛ ما يشجعهم على إعادة ارسال أبنائهم إلى المدارس.
فيما أوصى الدول المانحة بالإيفاء بكامل التعهدات إلى الدولة اللبنانية لمساعدتها في تحمُّل الأعباء الاقتصادية والاجتماعية والبنيوية لقرابة 1.7 مليون شخص وفدوا إلى لبنان، والطلب من الحكومة اللبنانية تلبية كافة التوصيات المشار إليها في الفقرة السابقة، والضغط عليها لتحقيقها في أقرب وقت ممكن.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية