أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

كبير المفاوضين "محمد صبرا" لـ"زمان الوصل": لن يستفزني الجعفري ومصير الأسد المحكمة وليس الرحيل

محمد صبرا

من أصعب المواقف التي يمر بها مفاوض المعارضة السورية، أنه يجلس أمام فريق من جلادي النظام بحثا عن حل سياسي، يدرك هذا المفاوض أنه شبه مستحيل مع نظام هجر ما يقارب عشرة مليون سوري، بينما قتل ما يناهز المليون وأعدم الآلاف من المعتقلين.

هذا المقعد تحكمه ظروف سوريا الصعبة، التي تفرض أن يجلس الضحية والجلاد وجها لوجه.

"زمان الوصل" حاورت كبير المفاوضين محمد صبرا، الذي أكد أنه يعلم كيف يتعامل مع استفزازات بشار الجعفري وكيف يقدم ملفاته القانونية والسياسية.

واعتبر أن السؤال الشرعي ليس متى يرحل الأسد، في بداية المرحلة الانتقالية أو في نهايتها، وإنما إلى أين سيرحل، مؤكدا أن مكانه محكمة الجنايات الدولية.. فإلى التفاصيل:

- ألا يذكركم منصب كبير المفاوضين بالمسار الطويل للقضية الفلسطينية؟
*ظروف نشوء هذا المصطلح في الأزمة السورية مختلفة، فأول طرح لمفهوم كبير المفاوضين كان في العام 2014، حينها كان رئيس الوفد هو رئيس الائتلاف، ولم نكن حينها نريد أن يدخل قاعة التفاوض رئيس الائتلاف، إلا إذا جاء بشار الأسد شخصيا. وكان علينا أن نجد خطوة إجرائية للحؤول دون أن يكون رئيس الائتلاف هو الشخص المفاوض، وولدت فكرة كبير المفاوضين.. ومن يومها تلقينا ملاحظات حول هذه التسمية وإسقاط القضية الفلسطينية على الأزمة السورية.
وفي الحقيقة، لا نريد أن يسيطر علينا هاجس "المصطلح"، أو حالة "التطير" في الأزمة السورية، فهناك فرق شاسع بين الحالتين. فالحل السياسي في سوريا لا يعتمد على حنكة المفاوضين، بل إرادة المجتمع الدولي للحل.

- هل تعتقد أن الخطاب الحالي للمعارضة، بضرورة رحيل الأسد مازال مجديا بعد الانكسارات، المعارضة لم تغير خطابها رغم تغير الموازين في سوريا؟
*المعارضة لم تنهزم بعد، وبشار الأسد لم ينتصر بعد. وبالتالي المسألة لا تتعلق بانتصارات أو انكسارات؛ ثم أن السوريين عندما خرجوا لم يطالبوا بإسقاط النظام ولم يكن هذا الهدف حينها، بل رفعوا شعارات تطالب بالحرية وبالكرامة والعدالة واستعادة الدولة، هذه الشعارات الأربعة المعيارية كانت عنوان الثورة السورية من آذار وحتى آب 2011، ولكن بعد ذلك وما جرى من قتل ووحشية، أدرك السوريون أنه لا يمكن العبور إلى الشعارات الأربعة مادام هذا النظام موجودا سواء في المرحلة الانتقالية أو ما بعدها، فدعني أقول إن المسألة ليست موقفا مسبقا، وإنما تحليل للواقع أن وجود هذا النظام يعيق عملية التحول الديمقراطي في سوريا.. بمعنى آخر فإن إسقاط النظام أصبح الوسيلة الوحيدة للعبور إلى الدولة الوطنية.

- ألا ترى أن إسقاط النظام بالذهاب إلى جنيف فكرة خيالية؛ فكيف يفاوض وفد النظام على إسقاط نفسه بنفسه؟
*دعني أوضح موقفي الشخصي أولا؛ السؤال الشرعي هو ليس أن يرحل بشار الأسد في بداية أو نهاية المرحلة الانتقالية، وإنما إلى أين سيرحل الأسد، وبالنسبة لي رحيل الأسد يجب أن يكون إلى محكمة الجنايات الدولية وليس إلى منفاه في أي مكان آخر في العالم. أما موقفي التفاوضي؛ هناك عملية سياسية أعلنتها الأمم المتحدة في بيان جنيف، وفي الفقرة التاسعة من بيان جنيف تتحدث عن عملية الانتقال السياسي وتشكيل هيئة حكم انتقالي تمارس كافة الصلاحيات في الدولة، ما يعني ضمنا حل كل منظومة الحكم واستبدالها بجهاز جديد "هيئة الحكم الانتقالي" تمارس كل مظاهر السيادة، وذهابنا إلى جنيف للتفاوض على قرارات مجلس الأمن وليس للتفاوض مع بشار الأسد من أجل أن يسقط نفسه؛ فهناك عملية سياسية تتبناها الأمم المتحدة ولا بد من السير بها.

- لماذا المعارضة مهووسة بتغيير وفودها في كل مرة، بينما النظام في معظم وفوده أكثر حفاظا على المفاوضين؟
*هذا ليس دقيقا بشكل كاف؛ فهناك أشخاص ثابتون في المعارضة في كل الوفود السابقة، كما أن النظام أيضا يخضع وفوده للتغيرات، إلا أن الإعلام يركز على الصف الأول من وجوه النظام، ومنهم بشار الجعفري وأحمد عرنوس وبقية الوجوه الأخرى، إلا أنه أيضا أجرى تغييرات في وفده. أما المعارضة، فقد كان منذ بداية التفاوض في 2014 شخصيات أساسية منها؛ نذير الحكيم الذي ما يزال في وفد التفاوض، حسام الحافظ كان في وفد 2014 وفي العام 2016، هناك حوالي 5 أشخاص ثابتون منذ 2014 وحتى الآن.

- هل أنت من الراغبين بمنصب كبير المفاوضين.. أم أنها مسألة تكليف؟
*حقيقة هي مسألة تكليف من الهيئة العليا للمفاوضات وليس برغبة مني أو تقديم شخصي، وأنا من داخل العملية التفاوضية منذ العام 2014 وأعتقد أن هذه المسألة من معايير اختياري.

- عرف عنك أنك شخص منظم تمتلك كل الملفات المطلوبة لإدانة النظام.. لكن هناك مأخذ عليك أنك سريع الاستفزاز، خصوصا وأنك ستكون أمام شخص دبلوماسي وقح مثل بشار الجعفري.. فهل أنت مستعد لمعركة الأعصاب؟
*كنت حاضرا في مفاوضات 2014 وأمام الجعفري، ومن ضمن تكتيكات التفاوض لا بد من استخدامها بعناية وحكمة، وبصراحة لا أظن أن التقييم الذي ذكرته دقيقا، فهناك فارق بين الاستجابة للاستفزازات أو الجذرية في الموقف، كنت من داخل العملية التفاوضية ونعلم كيف تدار العملية، خصوصا وأن تجربتنا في العام 2014 كانت تجربة جيدة ومشهودا لها، وظهرنا بمظهر الأكثر انسجاما مع المعايير الدولية.

- هل تقرأ في فن وعلم التفاوض؟
*هذه الفترة، أحضر بعض الملفات الحيوية والحساسة، حسب معطيات الأزمة السورية، أمام الاطلاع على تجارب التفاوض فقد كان في وقت سابق وتجاوزنا هذه المرحلة. وفي العام 2013 خضعت بعض شخصيات المعارضة لدورات في فن التفاوض على أعلى المستويات.. واستفدنا من تجارب التفاوض لدى حركات التحرر العالمي ودراسة النماذج التاريخية والحالات المشابهة للتجربة السورية.

عبد الله الغضوي - زمان الوصل
(172)    هل أعجبتك المقالة (167)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي