"بدنا ندبر 200 مليون من تحت الأرض".. هكذا يتكلم زعيم شبيحة سلحب "حازم غبارة" وهو ينوح ويتوسل إلى أخيه أحمد أن ينقذه من براثن الخطف، الذي طالما كوى "حازم" بناره كثيرا من الناس، وجنى من عذاباتهم ملايين الليرات، لقاء فدية كانوا يدفعونها له، كي "يمن" عليهم بإطلاق سراح قريب أو عزيز.
ولكن الأرض لا تنبت نقودا، ولا السماء تمطر ذهبا، فمن أين لشقيق "حازم" أن يجمع مبلغ كبيرا كمثل الذي يطلبه الخاطفون (200 مليون ليرة، أي أكثر من 375 ألف دولار).. يدل "حازم" أخاه على الطريقة بسهولة، وهو يعد على أصابع يده الخمسة، مكررا بين الحين والآخر عبارة "ببوس إيدك" التي استلذ بسماعها كثيرا من ضحاياه وهم مكبلون بين يديه، يحاذرون بطشه وإجرامه.
يعدد "حازم" القابع ذليلا عاري الصدر: "إلي معك 26 مليون، وفي 10 مليون عند أهلي، وفي 70 ألف بالخزنة. بيع دهبات مرتي، والفيلا ارهنها.. بيعها".
يقر "حازم" إذن بأن لديه من الأملاك والأموال ما يجعل توفير 200 مليون ليرة متيسرا، وليس بحاجة لعمل إعجازي لنبش الأرض واستخراجها، فمن لديه القدرة على أن يعطي هذا 26 مليون ليرة، وذاك 10 ملايين، ويحتفظ بـ70 ألف دولار في خزنته (من المؤكد أنها بالدولار لأن 70 الف ليرة مبلغ تافه للغاية ولا يستحق الذكر مع الملايين)، ثم يكون لزوجته مصاغ ذهبي، وفوق ذلك كله "فيلا".. من لديه كل هذه الأموال هو بالنهاية رجل "مقتدر" بلا جدال، ولكنه قبل ذلك وبعده شخص مثير لأقصى درجات الشك حول المصدر الذي جنى منه أمواله.
ينسب للخليفة الراشد "علي بن أبي طالب" عبارة مشهورة تقول: "من سل سيف البغي قتل به"، ولكن العلويين الذي يدعون محبته ويحلف أغلبهم باسمه، بل ربما يؤلهه بعضهم، يبدون أشد الناس استهتارا بهذه المقولة وجحودا بها، وعليه فلا مانع عندهم من البغي على جميع من يستطيعون، قتلا وسلبا وخطفا وترهيبا وتعذيبا واغتصابا و...
"حازم" وإخوته وأقاربه من آل غبارة، الذين أصاب غبار إجرامهم كل ما وقع تحت يدهم، باتوا اليوم في موضع المخطوف بعد أن كانوا في موضع الخاطف، لاسيما أنهم "لعبوا على التقيل" ولم يعودوا لكثرة ما انتفشوا يميزون بين أنواع "الطيور"، ويدركون أن هناك منها ما لايستطيع أحد أكل لحمه أو مضغه.
فقبل فترة خطف "حازم" وأعوانه واحدا من أبناء جلدتهم (شبيح)، وملتهم (علوي)، ولكنه من منطقة وطبقة أخرى لا تسمح لأحد أن "يعلّم" عليها حتى ولو كانوا شبيحة سلحب الذين يخشاهم مجرمو سهل الغاب في معظمهم.
خطف "حازم" شبيحا مثله من منطقة صافيتا بطرطوس، وطلب من ذويه فدية بعشرات الملايين، وطالبهم كذلك بتوجيه "رسالة شكر" إلى ما يسمى "تجمع شباب سلحب" لدورهم في المفاوضات وإطلاق الرهينة، متناسيا أن حارة الشبيحة ضيقة وأنهم يعرفون بعضهم جيدا، ومن ضمن ما يعرفونه أن تجمع شباب سلحب ليس سوى واجهة لعصابة "غبارة"، وأن المطلوب شكرهم هم جزء من العصابة الخاطفة، إن لم يكونوا هم كل العصابة.
جن جنون أهل الشبيح الصافتلي، لأن "حازم" وأتباعه كانوا "يعرجون بين المكرسحين" مستوحين قصص النظام، كبيرهم الذي علمهم البغي معجونا بالتلفيق.. جنّ جنونهم وكان لابد لهم أن يردوا الصاع صاعين فاصطادوا "الصياد" ووضعوه في القفص مهانا مجردا من ملابسه العُلوية، ينوح ويتوسل، ويكرر كلمة "ببوس أيدك" مرات ومرات.
وزيادة في الإهانة، عمد أهل الشبيح الصافتلي إلى بث مقطع "حازم" على مواقع التواصل، ليصل إلى أوسع شريحة من الناس، ويدمغ جبين "حازم غبارة" إلى الأبد، وهو الذي اعتاد أن يطل ببدلاته المموهة ويتبختر بسياراته المفيمة الفخمة، ويناطح أكبر الرؤوس في حماة بل وخارج حماة، ويجمع بـ"رياح" خطفه الملايين فوق الملايين، قبل أن تأتي "زوبعة" الشبيح الصافتلي لتبدد تلك الملايين.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية