شكل عدد من الناشطين والحقوقيين السوريين والأتراك "جمعية ضحايا الحرب في سورية"، والتي تهدف إلى متابعة قضايا جرائم الحرب والانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين السوريين، من قبل أفراد أو مؤسسات، ليتم الحصول على حقوقهم في المستقبل.
وضمّت الجمعية لجنة من المحامين والمتخصصين لعقد لقاءات مع الضحايا أنفسهم أو أسرهم، وتم تحديد أربع مناطق لعقد اللقاءات موزعة على المدن التركية التي يتواجد فيها أكبر نسبة من السوريين كمدينة "الريحانية" الحدودية، وولايات "اسطنبول" و"كيليس" و"شانلي أورفة"، ولهذا الغرض تم التعاقد مع شركة "Stoke & White LLP" (ستوك أند وايت) البريطانية التي تتخذ من لندن مقرا لها، لتكون ممثلا قانونيا لهؤلاء الضحايا من خلال المحامين وأصحاب الاختصاص فيها.
وعقدت الجمعية أولى لقاءاتها مع الضحايا وأسرهم في مدينة "الريحانية" جنوب تركيا يوم الثلاثاء 7/2/2016، والذي استمر لمدة ثلاثة أيام وتبعها لقاءات أخرى في ولاية "كيليس" مع بعض الضحايا وأقاربهم، وتم أخد وكالة منهم لأعضاء اللجنة ليكونوا ممثلين قانونيين لهم أمام المحاكم التي ستعقد لتعويضهم عما أصابهم ولحق بهم من أضرار أو ما وقع عليهم من جرائم وانتهاكات من قبل نظام الأسد وميليشياته أو من قبل تنظيم "الدولة" أو غيرها، وفق ما أفاد لاجئون سوريون منحوا توكيلا للشركة.
وأثار عمل "جمعية ضحايا الحرب" حفيظة بعض الهيئات الحقوقية السورية في تركيا كـ"تجمع المحامين السوريين الأحرار" الذي نشر عبر صفحته على "فيسبوك" بيانا حذّر من خلاله السوريين في تركيا من مغبة التعامل معها.
واتهم التجمع في بيانه الشركة بسعيها للحصول عل صكوك توكيل من الضحايا وأسرهم دون توضيح لمدى الصلاحيات الواردة في الصك الموقع من قبل الضحايا، إضافة لما وصفه بجهالة المحاكم التي ستقدم لها الدعاوى وجهالة المحامين الذين سيمثلون الضحايا قانونيا.
واعتبر المحامي "غزوان قرنفل" رئيس "تجمع المحامين السوريين الأحرار" أن عمل "جمعية ضحايا الحرب" هو عمل اعتباطي وغير محترف قانونيا لا تُعرف أهدافه ومراميه بصرف النظر عن إشراف هيئة تركية رسمية كمنظمة "IHH" الإنسانية.
وأضاف "قرنفل" في تصريح لـ"زمان الوصل" أن القول بتقديم الملفات لمحكمة العدل الدولية أو محكمة الجنايات الدولية للمطالبة بتعويضات منها هو أمر في غير محله القانوني لأن كلا المحكمتين لا تنظر بمثل هذه القضايا ولا يقدم لها ادعاءات من أفراد.
وتختص محكمة العدل الدولية بالفصل في النزاعات الحاصلة بين الدول على قضايا معينة تتفق فيها الدولتان على اللجوء للمحكمة إضافة لاختصاصها الاستشاري.
كما أن محكمة الجنايات الدولية أيضا لا تقدم لها إدعاءات مباشرة وإنما تحال لها ملفات جرائم وانتهاكات لأشخاص ارتكبوها في بلد ما بقرار من مجلس الأمن الدولي.
أو أن تكون الدولة التي ارتكب أحد أفرادها موقعة على ميثاق روما الأساسي المنشئ لتلك المحكمة.
واستطرد "قرنفل" قائلا إن ما ورد من عبارات زائدة في صك التوكيل لا يحتاجها المحامي غالبا لمباشرة عمله وإنما وضعت تزيدا.
وهو ما أكده لـ"زمان الوصل" مصدر حقوقي اطلع على صكوك التوكيل القانونية التي يتم أخذها من الضحايا وأسرهم وفندها، حيث قال إن صك التوكيل حمل عنوان (صلاحية التصرف والإفصاح عن المعلومات) ومن ثم أردف العنوان بعبارة (تعليمات عن التمثيل القانوني) وفرق كبير بين التصرف والتمثيل القانوني وفقا للقانون.
وبقراءة باقي نصوص الصك نجد أنه حدد الغاية بالتمثيل القانوني، حيث جاء في الفقرة الأولى منه " أنا ......................... أرشد ستوك أند وايت للمحاماة وأي من وكلائها والمستشارين القانونيين ليكونوا ممثلي القانونيين".
وجاء بالفقرة الثانية من الصك "أنا الموقع أعلاه أفوض ستوك أند وايت أن تكون لي الممثل القانوني الوحيد".
وأضاف المصدر نفسه "الصك الذي شاهدناه لا يتوفر فيه أي شيء فهو عبارة عن ورقة عرفية عادية لا تحمل أي صيغة رسمية ومليئة بالمغالطات القانونية ولا أعتقد أن شركة محاماة محترفة هي من نظمت مثل هذا الصك، فطالب حقوق سنة أولى يمكن له أن ينظم أفضل من هذا الصك".
واعتبر أن الصك يناقض بعضه البعض فبعد أن ذكر بأن التمثيل القانوني محصور بشركة "ستوك أند وايت" للمحاماة وأي من وكلائها والمستشارين القانونيين، طبعا التابعين للشركة والعاملين معها نص في الصك على الموافقة بالتمثيل بالاشتراك مع الآخرين كما يحددها "ستوك أند وايت" في أي إجراءات قانونية والموافقة على مشاركة معلوماتي (معلومات الضحية) مع المطالبين أو الأطراف المشتركة في حال وجود ضرورة على ذلك علما بأننا ممكن أن نعتبر هذه العبارة من الألفاظ المشتركة التي تحتمل أكثر من تأويل.
وتابع المصدر لـ"زمان الوصل" بقوله إن الصك نص في مؤخرته على "أنا هنا أوكل ستوك أند وايت مع جمعية ضحايا الحرب في سورية اتخاذ القرارات والعمل فيما يتعلق بقضايا والمسائل المذكورة أعلاه".
فالبداية حصر التوكيل بـ"ستوك أند وايت" ثم جعل معها جمعية ضحايا الحرب مع أن الصك قد نص على عبارة "أؤكد أنني أدرك وأوافق على أن جميع الإجراءات والحالات المذكورة أعلاه يتم تمويلها من قبل جمعية ضحايا الحرب في سورية وأوافق على جميع الشروط التي تنطبق على توفير هذا التمويل"، فهل الجمعية ممول أو وكيل أم موطن مختار للتبليغ لاحقا.
كما نص الصك التوكيل على عبارة "أؤكد أنني أعين جمعية ضحايا الحرب في سورية كمركز تواصل لي وأوافق بموجبه على ستوك أند وايت توصيل المشورة والقرارات والمعلومات والتحديثات والتقارير المرحلية والتطورات في ونتائج أي إجراءات أو قرارات إلى عنوان البريد الإلكتروني المخصص لجمعية ضحايا الحرب في سورية والتي ستكون هي مسؤولة لتبليغ الأمور نفسها إلى طرفي"، فهذه هذه المادة جعلت من مقر وإيميل جمعية ضحايا الحرب موطنا مختارا صالحا للتبليغ.
وأخيرا يتم توقيع الضحايا من السوريين أو أسرهم على شرط يتضمن بندا خارجا عن هذه الوثيقة وهو الاتفاق المعقود بين شركة المحاماة وجمعية ضحايا الحرب المزعومة، حيث جاء بالصك "أؤكد أني على بينة من مضمون رسالة التعاهد وشروط العمل بين ستوك أند وايت وجمعية ضحايا الحرب في سورية وأقر أنني وافقت على الشروط الوارد فيه"، فهل اطلع من وقع من الناس على هذه الوثيقة أم إن الشرط أدرج بغفلة عن الموقعين، ثم ما هي العلاقة بين التمثيل القانوني وهذا الشرط وما هي الغاية التي أرادها واضع البند من وضعه في هذه الوثيقة.
وختم المصدر أن المشروع الذي تعمل عليه جمعية ضحايا الحرب في حال كان مكفولا بشكل رسمي جيد، إلا أن خطواته التنفيذية على الأرض كانت غير موفقة وسيئة وأعطت انطباعا غير مهني عن المشروع وكل ما بني على عمل غير مهني مصيره الفشل وأرض الواقع خير دليل على ذلك.
وتأسست شركة "Stoke & White LLP" (ستوك أند وايت) للمحاماة) حسب موقعها على الإنترنيت عام 2011 في لندن، أي أنها حديثة العهد بالعمل في القانون، وتعمل في عدة مجالات قانونية منها التقاضي وتسوية المنازعات والقانون التجاري وقضايا الأسرة إضافة للقانون الجنائي الدولي وحقوق الإنسان.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية