بات تنظيم "الدولة الإسلامية" الاثنين محاصرا بالكامل في مدينة "الباب"، آخر أبرز معاقله في محافظة حلب في شمال سوريا، بعد تقدم قوات النظام جنوب المدينة التي يحاصرها الأتراك وفصائل سورية معارضة من الجهات الثلاث الأخرى.
وتشكل المدينة منذ نحو شهرين هدفا لهجوم يشنه الجيش التركي وفصائل سورية معارضة تدعمها أنقرة لطرد التنظيم، قبل ان تبدأ قوات النظام السوري وحلفاؤها هجوما موازيا لاستعادة السيطرة على المدينة ومحيطها تمكنت خلاله من السيطرة على أكثر من ثلاثين قرية وبلدة.
وليس واضحا ما إذا كان الطرفان الواقفان على طرفي نقيض أصلا في النزاع السوري، يتسابقان ميدانيا للوصول والسيطرة على "الباب" أو إن كان هناك اتفاق غير معلن بينهما، خصوصا ان روسيا التي تساند دمشق في هجومها، قدمت في وقت سابق دعما جويا للعملية التركية الداعمة للفصائل.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة "فرانس برس" الاثنين "بات عناصر تنظيم الدولة الإسلامية محاصرين تماما في مدينة الباب، آخر معاقل التنظيم في محافظة حلب، بعد سيطرة قوات النظام وحلفائها ليل الأحد الاثنين على طريق رئيسي يربط الباب بالرقة"، أبرز معقل للتنظيم في سوريا، وكان هذا الطريق الأخير المتبقي للجهاديين من وإلى "الباب".
وذكر المرصد أن تقدم قوات النظام التي باتت على بعد خمسة كيلومترات جنوب "الباب"، جاء "بدعم من حزب الله اللبناني وبإسناد من كتائب المدفعية والدبابات الروسية".
ويتزامن تقدم قوات النظام السريع في محيط مدينة "الباب" مع استمرار عملية "درع الفرات" التي تنفذها القوات التركية وفصائل سورية معارضة على جبهات عدة في محيط المدينة. وتراوح هذه القوات مكانها منذ مطلع العام الحالي.
وباتت "الباب" بالنتيجة محاصرة من قوات النظام من الجهة الجنوبية ومن القوات التركية والفصائل المعارضة من الشرق والشمال والغرب، بحسب المرصد.
وبدأت تركيا في 24 آب/أغسطس هجوما بريا في شمال سوريا دعما لفصائل معارضة لطرد تنظيم "الدولة الإسلامية" من المنطقة الحدودية في شمال محافظة حلب، كما استهدفت القوات الكردية في المنطقة.
وتقع "الباب" على مسافة نحو 30 كيلومتراً من الحدود التركية، وتشكل منذ العاشر من كانون الأول/ديسمبر هدفا رئيسيا للعملية العسكرية التركية.
ويستثني اتفاق وقف إطلاق النار الساري في سوريا برعاية تركية روسية إيرانية منذ 30 كانون الأول/ديسمبر تنظيم "الدولة الإسلامية" ومجموعات "إرهابية" أخرى.
* تنسيق تركي روسي
وتتعرض مدينة الباب ومحيطها لغارات جوية تركية وروسية وسورية على حد سواء في إطار العمليتين العسكريتين الجاريتين ضد الجهاديين، كما تقصف مقاتلات التحالف الدولي بقيادة واشنطن المدينة أيضا.
وبعد سنوات من الخلاف الحاد حول سوريا وأزمة دبلوماسية ناتجة عن إسقاط تركيا طائرة حربية روسية في سوريا، شهدت الفترة الأخيرة تقاربا بين موسكو وأنقرة.
وفي التاسع من آب/أغسطس، التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنظيره الروسي فلاديمير بوتين لتبدأ من بعدها جهود حثيثة حول سوريا.
وتوج التقارب بالتوصل الى اتفاق لوقف إطلاق نار في نهاية كانون الأول/دسيمبر برعاية الدولتين، وللمرة الأولى من دون مشاركة واشنطن.
وتلت ذلك محادثات بين الحكومة والمعارضة السوريتين في "أستانة" في كانون الثاني/يناير دعت إليها موسكو وأنقرة وطهران، حليفة النظام السوري.
وشنت روسيا وتركيا الشهر الماضي غارات جوية مشتركة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في منطقة "الباب".
وأعلنت روسيا في 26 من الشهر الماضي أن هذه "العملية الجوية المشتركة" جاءت "بالتوافق مع الجانب التركي".
ويثير الهجوم التركي في شمال سوريا غضب دمشق التي تصف تدخل أنقرة بأنه "احتلال" لأراض سورية، وفق ما جاء في رسالة وجهتها إلى الأمم المتحدة الأسبوع الماضي.
على جبهة أخرى، تسعى قوات النظام إلى التقدم في حقول الغاز والنفط في محافظة حمص في وسط البلاد، وتمكنت من السيطرة الأحد على حقل حيان للغاز غرب مدينة تدمر الأثرية.
وكان تنظيم "الدولة الإسلامية" فجر قبل حوالى شهر شركة "حيان" النفطية التي تؤمن ثلث حاجات سوريا من الطاقة الكهربائية، وسيطر الجهاديون على الحقل بالتزامن مع استيلائهم مجددا على مدينة تدمر في 11 كانون الأول/ديسمبر.
وبحسب عبد الرحمن، "تركز قوات النظام حاليا على حقول النفط والغاز بسبب أزمة الوقود التي تعاني منها المناطق الواقعة تحت سيطرتها".
ويخوض تنظيم "الدولة الإسلامية" معارك على جبهات سورية أخرى، أبرزها في مواجهة الحملة التي تقودها قوات سوريا الديموقراطية، وهي تحالف فصائل عربية وكردية، منذ الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر في اتجاه الرقة.
وخسر تنظيم "الدولة الإسلامية" العديد من مواقعه في العام 2015 وتحديدا أمام الأكراد. ويسيطر الجهاديون حاليا على 33 في المئة من البلاد (يعيش فيها 9,5 في المئة من السكان)، وتشمل كامل محافظة دير الزور النفطية (شرق)، والجزء الأكبر من محافظة الرقة (شمال)، وعلى كامل المنطقة الصحراوية الممتدة من مدينة تدمر (وسط) وصولا إلى الحدود العراقية.
فرانس برس
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية