"عزيزي اللاجئ السوري في لبنان، صار بإمكانك ممارسة موتك المؤجل من دون أي منغصات تعكر صفو غيابك الطويل، فلا مقابر لبنانية سترفض استقبال جثمانك لأنك غريب ولا زعران سينبشون قبرك ليبيعوه لميت آخر، ولا لصوص ستسرق (الرخام) الذي كتب عليه اسمك وتاريخ وفاتك ليصنعوا منه "مغسلة" أو رفوفاً داخل مطبخ في أحد شقق الضاحية الجنوبية، لأنك من اليوم ستكون سيد موتك وسيد رحيلك وسيد غيابك عن هذه المخيمات التي ضمتك لأكثر من ثلاث سنوات".
بهذه المقدمة علّق القلموني "أبو داود" اللاجئ في مخيمات لبنان فور تلقيه خبر شراء أرض مخصصة لتكون (مقبرة) خاصة بالسوريين داخل الأراضي اللبنانية.
رئيس هيئة العلماء السوريين في لبنان "عبد الرحمن العكاري" وهو ممثل الجهة التي قامت بشراء الأرض قال لـ"زمان الوصل": "كنا نعاني كثيراً في إنجاز مراسم دفن السوريين في مقابر لبنان، لقد نبشوا قبر طفل سوري رضيع في أحد مقابر قرى عكار رغم موافقة مختار تلك القرية على الدفن وألقوه خارج القبر".
وأضاف: "كثير من البلديات رفضت أن ندفن موتانا في مقابرها بحجة أن المقبرة مخصصة لدفن اللبنانيين فقط، ولطالما قمنا بجولات مكوكية بين القرى اللبنانية على طيلة السنوات الماضية باحثين عن مقبرة تقبل باستقبال جثامين لاجئينا داخل أسوارها، كان الدفن بالنسبة لنا أمرا عسيرا وقد يتأخر لعشرات الساعات بسبب رفض البلديات في القرى اللبنانية السماح لنا بإقامة مراسم الدفن".
ويتابع "العكاري" فصل الموت في رواية الوجع السوري المستمر: "كنا نضع الثلج على الجثمان لساعات طوال كي لا تتفسخ الجثة وتصدر منها الروائح، خاصة في فصل الصيف، وأمام هذه المضايقات والإهانات التي طالت موتانا قمنا بحملة مخصصة لشراء قطعة أرض لنتملكها ونجعل منها مقبرة خاصة بدفن اللاجئين السوريين، وقد تمكنا أخيرا من العثور على قطعة أرض مساحتها 2000 م على الحدود السورية اللبنانية قرب قضاء عكار، وبلغت الكلفة الإجمالية لثمن الأرض 40 ألف دولار تمكنا من دفع نصف ثمنها وبقي 20 ألف دولار سندفعها لاحقاً ريثما يتوفر هذا المبلغ.
يقول "العكاري": بعد تسديد باقي ثمن المقبرة وهذا أمر قد يطول هي بحاجة لسور من وحفر بئر ماء للوضوء وغسل الميت كما ستكون بحاجة لمظلة يقف تحتها المشيعون أثناء فصل الشتاء أو خلال وقفة تلقي العزاء، كما أننا بحاجة لتأمين سيارة (فان) أو سيارة إسعاف لنقل الجثمان من مكان الوفاة إلى المقبرة، وهذه تجهيزات مكلفة وبحاجة لوقت كبير ريثما يتم جمع التبرعات".
وتضم هيئة العلماء السوريين المشرفة في لبنان والمشرفة على المشروع نخبة من حملة الشهادات الجامعية من مختلف الاقتصاد ووصل عدد أعضائها إلى 9 منتسبين.
وقال عضو مجلس الإدارة في الهيئة "رشيد صطوف" إن من نشاطات الهيئة تسجيل حالات الولادة والوفيات وتعنى بتسجيل عقود الزواج والطلاق إن وفيها قسم للفتوى وتعمل أيضا على حل النزاعات بين السوريين أنفسهم وبين السوريين واللبنانيين.
ولها أياد بيضاء، بحسب "صطوف"، في التعامل مع ملفات المعتقلين داخل السجون اللبنانية حيث ساعدت بالإفراج عن أكثر من معتقل ومعتقلة سورية من داخل السجون اللبنانية عن طريق دفع كفالات والتواصل مع شخصيات من المجتمع المحلي اللبناني لتسهيل ذلك.
لبنان - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية