تحاول جريدة "الأخبار" اللبنانية المولة من حزب الله اللبناني تلميع صورة ما يعرف بمعارضي الداخل الذين يوالون الأسد بسبب الانتماء الطائفي الواحد، وبنفس الوقت تقديمهم كوجوه وطنية ترى من الجانب الآخر كل من يعارض بشار الأسد طائفيا وإخوانيا وإرهابيا.
"فاتح جاموس" صاحب الوشاح الأحمر الشيوعي الذي قضى في سجن الأسد الأب حوالي 20 عاماً تقدمه "الأخبار" بصورة البطل في انكساراته الأخيرة في قريته "بسنادا" في ريف اللاذقية، والملاحق من قبل النظام بالرغم من هجومه المتواصل على المعارضة الرعناء كما يسميها، ويشارك في مؤتمرات تدعم الأسد وتدعمه كعلماني يقاوم "المد الإسلامي المتطرف" الذي أنتجته مظاهرات الجوامع"، ومن ثم حمل السلاح تحت رايات الجهاد ومحاربة "النصيرية".
تقول الصحيفة إن محكمة الجنايات بدمشق استدعته بتهمة إثارة النعرات الطائفية ووهن نفسية الأمة، وتزعم أن توقيت الاستدعاء أتى بعد أربعة أيام من مقتل العقيد "حسان الشيخ" ابن قريته، وموقف جاموس من تلك الجريمة التي ارتكبها "سليمان هلال الأسد" قبل أكثر من عام، ويعتبرها مجرد محاكمة ثأرية.
من وقتها تنقل الصحيفة عن جاموس أنه قاطع المحكمة بسبب وضعه الصحي، وأن "لا نية لديّ للتعرض للاعتقال مجدداً، وأفضّل أن أبقى حراً"....ومن ثم يأتي الدور الملتبس لجاموس ولـ"لأخبار" في الانتقال إلى الوجه المعارض للسلطة عندما يقول: "لا أحد خارج مظلة الاعتقال. وأنا مطّلع على أوضاع السجون في ظل الحرب، التي أصبحت أكثر سوءاً من السابق، ما لا يناسب وضعي الصحي أبداً. وأخشى ما أخشاه تعميم اسمي على الحواجز الكثيرة المنتشرة في البلاد، ليتم اعتقالي خلال تنقلاتي".
في القضية اللغز التي تجاوزتها هيئة التنسيق ومعارضة الداخل "الشريفة"، لا يجرؤ كل هؤلاء على الطلب من مخابرات الأسد الإفصاح عن تفاصيلها، واختفاء "عبد العزيز الخيّر"، وما يحمله من تفاصيل ومعلومات وأحداث طواه النظام ومخابراته، وتتعاطى معه هذه المعارضة على أنه قضية لا تفسد الود مع النظام المخابراتي.
"فاتح جاموس" يتحدث بأسى رفيق النضال عن "عبد العزيز الخيّر"، وأنه يسأل عنه دائماً أصدقاءه الروس، و بالتحديد وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف" ونائبه "ميخائيل بوغدانوف"، ليطّلع على كل جديد، وبنفس الوقت يرفض اتهام جهة ما بالوقوف وراء اختفائه.
الجديد في ما يرويه جاموس أن الروس يحاولون جهدهم ولا جديد لديه سوى ما تقوله هيئة التنسيق، ويضيف: "وهم مستعدون لتهريب (شاهد) هيئة التنسيق الوحيد الذي لديه ما يقوله في قضية عبد العزيز، وفق كلام أعضاء الهيئة. غير أن الهيئة لأسباب تتعلق بها لا تقدّم شاهدها الوحيد للإدلاء بشهادته، بحجة خشيتها على حياته".
الجريدة الموالية تحاول إدخال عامل التشويق في لقائها مع جاموس عندما تروي سقوط عدة قذائف في مزارع "بسنادا" مصدرها المسلحون المتمركزون في أقصى نقاط الريف الشرقي المتصل مع ريف إدلب...غير أن الحضور لا يأبهون ويستمر الحديث...بينما يعلق جاموس بإجابة سوفيتية جريئة: "أشعر بالأمان عند سماع صوتها، وهو ما أشعر به لدى رؤيتي عناصر الجيش السوري في نقطة ما".
المناضل يعيش على تأجير غرف بيته، ويؤمه أبناء القرية ليتضامنوا معه...وهي صورة البطل الشيوعي الذي سقط هو وكل اليسار السوري مع بداية ثورة الشعب، وهو كقدري جميل وعمار بكداش علي حيدر في معركة واحدة مع النظام لمواجهة الخارجين من المساجد، يشعرون بالأمان والأمل لرؤية المقاتل السوري، ولا يرون حشود الجماعات الشيعية الإرهابية التي استقدمها الأسد والإيرانيون، ولا بارجات الروس الصديقة التي قتلت أطفال وطنهم، ودمرت مشافيه وبنيته التحتية.
ناصر علي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية