أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عماد حقي.. أن ينتصر الجنون على موت الحياة

عماد حقي بطل آسيا وسوريا بالشطرنج - زمان الوصل

لن يصمد أحد هنا، وليس الموت وحده مفر صالح لكل الذين تحملهم أرجلهم في هذه المدينة المجنونة، وهنا فقط تستحق التجربة أن ترمي عقلك خارج المكان، وتمضي إلى أن تنجلي روحك من هذا الوسخ المقيم.

هل مات عماد حقي أم مازال على قيد دمشق، منذ أكثر من سنة كانت خطواته تجر المدينة إلى حتفها أم يتبادلان الأدوار في رحلة المحفة إلى العدم، وحده استطاع الجنون والتوحد بعد أن تخلى عنه الجميع إما بالإهمال أو الموت.

عماد حقي الذي كان بطلاً ترحب به القنوات التلفزيونية والصحف، والمدراء والوزراء والبشر العاديون، فقد حمل الأوسمة في لعبة الذكاء (الشطرنج) لكنه خسرها مع الحياة التي أوصلته إلى أن يرى الشام وحيدة في توحده، وأن يصير ورقعته مجرد اثنين متوحدين يلعبان ويبكيان... ويموتان أحياء.

لم يعد مهماً أن يعتني به أحد، ولا أن تسعى مؤسسات الرياضة لإنقاذه من التشرد والشرود فالرجل الشارد الضاحك لأشياء لا يراها سواه لم تعد يهمه إن تحركت الكرة الأرضية لغسل ثيابه وبدنه الذي صار أسود من التحاف الإسفلت...ولن تعيده كل ابتسامات العابرين وسخريتهم فما قد مضى لن يعود، والزمن توقف منذ برهة طويلة لديه، وفي هذه الشوارع التي كانت تضج بالفرح قبل هذه الحرب، والموت بالمجان الموزع على السوريين فقط لأنهم أرادوا تغيير لعبة الملك والحاشية والوزراء...هنا البيادق لا تعني شيئاً سوى أن تموت كرمى لضربة الملك...قبل أن تصيح الرقعة... كش ملك.

لن تلدَ المدينة كثيراً من قامات عماد حقي فقد توحدت راياتها المخذولة، وهنا في العاصمة قلَّ السوريون لدرجة الفقد، ومن بقي في هذي الأحياء المعتمة بقايا بشرٍ محطمين معدمين، وانتهازيون ما زالوا يعلقون من المال الوافد أو استثمارات بيع أملاك السوريين، والعمل بالدعارة والمخدرات والجريمة، وفقط يتألم الفقراء ويتحسرون على زمن ضاع تحت النار، وأمهات ينتظرن عودة بعيدة لأبناء هجروا ديارهم خوفاً، وأرامل لا يمتلكن ثمن جواز سفر لبلاد صالحة للحياة.

وأما عماد حقي في صورته الأخيرة...مطرقاً بأسماله ورأسه إلى الإسفلت...لا فرق بين لباسه و(الزفت) ...ربما إن رفع رأسه إلى الأعلى تعتريه صحوة المكان المحطم.

ناصر علي - زمان الوصل
(217)    هل أعجبتك المقالة (208)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي