أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ضغوط أمريكية لتأجيل أو إلغاء الأستانة لم تجد نفعا

أرشيف

تسابق روسيا الزمن من أجل وضع أسس للحل في سوريا، تريد استباق تثبيت ترامب قواعده وفريقه في البيت الأبيض لفرض مرتكزات رئيسية عليه بتوافق مع تركيا وفصائل المعارضة، وتعتمد على تركيا التي تشهد علاقاتها بها تطورا ملحوظا لمساعدتها في الضغط على الفصائل للذهاب إلى الأستانة في 23 من الشهر الجاري دون اشتراطات مسبقة.

الجانب الروسي يدعي أن يضمن النظام ويستطيع التأكيد بأنه يمكنه فرض ما يريد من شروط عليه، على أن يكون البحث في تثبيت هدنة شاملة مقدمة لإطار حل سياسي يتم عبر ثلاثة لقاءات بين وفدي المعارضة والنظام مطعمين بسياسيين في المرحلتين اللاحقتين وصولا إلى قواعد مشتركة واتفاقات شبه نهائية قبل عقد مؤتمر جنيف الشهر القادم برعاية دولية يرسخ النجاح الروسي بحل الأزمة السورية.

الخطوات الروسية المتسارعة بدأت مع إعلان فوز المرشح للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب، أسست لها بمساهمة فعالة بمعركة حلب وإرغام الثوار على الانسحاب منها، لتضيف عليها خطوة الهدنة التي أقرتها مع تركيا والفصائل في أنقرة الشهر الماضي، سعيا لإضعاف موقف المعارضة وفرض الشروط التي تناسبها عليها.

في مرحلة انتقال الرئاسة الأمريكية من الديموقراطي أوباما إلى الجمهوري ترامب وانشغال الإدارتين السابقة واللاحقة بترتيبات الاستلام والتسليم، يبدو الموقف الرسمي الأمريكي ضبابيا من مؤتمر الأستانة، ويكاد يغيب عن التصريحات السياسية الرسمية.

الموقف الأمريكي ورغم غيابه عن وسائل الإعلام والتصريحات تجلى ضغوطا مارستها شخصيات من إدارة وترامب على الفصائل السورية المدعوة إلى الأستانة، طلبت منها عدم الذهاب أو تأجيله كحد أدنى ريثما يستقر فريق ترامب ويستلم الملفات ويطلع عليها بشكل جيد.

مصطفى سيجري رئيس المكتب السياسي بلواء "المعتصم" عضو الوفد التفاوضي الذي ناقش الهدنة والتحضير للأستانة، صرّح لـ"زمان الوصل" أن الولايات المتحدة تضغط بشكل كبير على الفصائل العسكرية السورية المعارضة ولا سيما المقربة منها لعدم الذهاب إلى المؤتمر "على الأقل في هذه الفترة"، ولكنها لم تنجح في ذلك حيث اتخذت غالبية الفصائل قرارا بالمشاركة.

وأرجع السيجري سبب فشلها في ذلك إلى خوف قادة الفصائل من مواقف الرئيس الجديد التي لا تبدو واضحة، وحرصا منهم على عدم خسارة كل شيء وكل الأصدقاء وفي مقدمتهم تركيا المتحمسة للمؤتمر، لا سيما أنهم يتعرضون لهزائم على الأرض، وخسروا مواقع مهمة كانت تحت سيطرتهم "يريدون تحقيق أي انتصار عبر المفاوضات يضمن حدا أدنى مما يسعون إليه".

وفي السياق أكد أحد القادة العسكريين الذين تم اختيارهم للمشاركة في الأستانة أن الولايات المتحدة الأمريكية مارست أيضا ضغوطا على كل من السعودية وقطر كي لا تشاركا في المؤتمر، وهذه بدورها اتصلت بفصائل المعارضة للغاية ذاتها، ولكن الضغط التركي باتجاه المشاركة كان أكثر فعالية وتأثيرا.

وأشار القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إلى أن إدارة لا تريد التأسيس في حل الأزمة السورية على الآثار التي خلفتها إدارة أوباما التي وصفها بالهزيلة، والتي استغلتها روسيا جيدا وتحاول استثمارها لأبعد مدى قبل الانطلاقة الفعلية لإدارة الرئيس الجديد.

ورغم غياب الدور الأمريكي مرحليا يرى السيجري أن التركيز على البحث بموضوع الهدنة الشاملة في سوريا من شأنه أن يحقن الدماء تمهيدا للحل السياسي الذي يجب أن يكون برعاية دولية لا يستبعد أمريكا ووفقا لمخرجات جنيف ومجلس الأمن، وأشار إلى أنهم سمعوا من الروس كلاما "معقولا" قابلا للنقاش، "ورغم أن موقفنا على الأرض ليس كما يجب إلا أننا سنحظى في الأستانة بموقف تركي متضامن معنا يجعلنا بوضع أفضل".

ونفى في حديثه لـ "زمان الوصل" ما أوردته وكالاتا "سبوتنيك" و"نفوستي" الروسيتان نقلا عن مصدر بالوفد المعارض اتفاق الفصائل على تحييد جيش الإسلام وانسحابه من العاصمة دمشق، وتسليم الفصائل أسلحتها والانسحاب المتبادل.

وكان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب ركز في حملته الانتخابية وتصريحاته اللاحقة على أولوية محاربة تنظيم "الدولة" والإرهاب، ولم يبين بوضوح موقفه من بشار الأسد وفصائل المعارضة، رغم إشارته في أحد خطاباته إلى عدم معرفة الأمريكيين لحقيقة الفصائل التي يدعمونها، هذا ما أثار خوف المعارضة من الموقف الذي ستتبناه إدارته ودفعها للذهاب إلى الأستانة برفقة تركيا وعدم الاستجابة لضغوطات التأجيل أو الإلغاء.

"لن نبني على موقف أمريكي غامض، سنعتمد على رغبة أهلنا بوقف القتال ووقوف أصدقائنا الأتراك إلى جانبنا في تحقيق أفضل ظروف للهدنة مستغلين تلهف روسيا لإيجاد حل سريع للحالة السورية، وإصراراها على مشاركة جميع الفصائل لإكساب الهدنة أكبر مشروعية ممكنة" حسب قول السيجري.

لا شك أن روسيا تدرك جيدا أنها لن نستطيع الوصول إلى حل سياسي سريع للأزمة السورية وعليها لاحقا الاتفاق مع أمريكا على الحل الممكن، ولكنها تسعى لإرساء قواعد هذه الحل وفرضه على إدارة ترامب اعتمادا على موافقة تركيا والفصائل عليه، ولا سيما في شقه العسكري والميداني.

وتجد الفصائل العسكرية المعارضة نفسها في موقف صعب فمن جانب هي مطالبة بوقف القتال لمنع النظام من إراقة المزيد من دماء السوريين وتهجير المزيد منهم أو القيام بعمل عسكري يحقق انتصارا مهما يحسّن موقفها التفاوضي، وهي تبدو في هذه المرحلة عاجزة عن ذلك نظرا لتشرذمها واقتتال بعضها داخليا، إضافة للشراسة غير المسبوقة لقوات النظام والميليشيات الطائفية التي تقاتل إلى جانبها وإصرارها على حسم المعارك بعد حلب في أكثر من منطقة لا سيما في ريف دمشق تحت غطاء جوي روسي عنيف يستخدم في الضغط على الفصائل للذهاب إلى الأستانة.

عبد السلام حاج بكري - زمان الوصل
(100)    هل أعجبتك المقالة (95)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي