أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هذه هوياتهم.. خماسي "أفينة" الدين وتصدير الرقص إلى ساحات الجوامع

بمساعي هذا "الرباعي" بدأ غناء شارات المسلسلات في الجوامع - زمان الوصل


يختصر 4 شباب وخامسهم "شيخ" جانبا من قصة المساجد في سوريا، بعد 6 سنوات من الحرب الساخنة ونحو 47 سنة من الحرب الباردة، تركت بمجموعها نسبة كبيرة من مساجد البلاد خارج دائرة "العمارة" بجناحيها الحسي والمعنوي، فباتت إما مدمرة البنيان أو بعيدة عن الوظيفة التي شيدت لأجلها.

لكن سنوات الحرب الساخنة كانت أشد وقعا، فأفرزت –أو كشفت- عما يصعب تخيله، حتى في سيناريو مسلسل من مسلسلات "الفانتازيا"، حيث يطرح مؤذنو أشهر جوامع دمشق، بل والعالم الإسلامي كله.. يطرحون أنفسهم وأصواتهم على أبواب المقاهي والمطاعم وأماكن اللهو والسهر.


*المورب 
من أجواء "الطرب الدمشقي الأصيل" والأمكنة التي تعج دخان "الأراكيل" ويتمايل فيها الحضور -نساء ورجالا-، ينتقل مجموعة أشخاص يسمون أنفسهم "رباعي دمشق النشيد" ، ليحيوا في مساجد دمشق وضواحيها حفلات "المولد النبوي"؛ ناقلين إليها ساحات الغناء وحلقات الرقص ومهارات الإيقاع وطرق تهييج "الجمهور"، وهو ما تحدثت عنه "زمان الوصل" في تقرير سابق، تحاول أن تكمله اليوم بالتطرق إلى هؤلاء الأشخاص الذين يشكلون حلقة في سلسلة "أفينة الدين" (مسخه وتحويله إلى مخدر).

يتكون "الرباعي" من: محمود الصياد، محمد شفيق الشعار، مصطفى محمد الشيخ، وغسان عمر السروجي، وهم شبان جمعهم مشروع واحد، لا يقيم كثير وزن ولا يرى كبير فرق بين أن تكون مطربا ومنشدا، بل وحتى مؤذنا في نفس الوقت.

وتؤكد المعلومات التي جمعتها "زمان الوصل" أن 3 على الأقل من أعضاء الرباعي هم "مؤذنون" في الجامع الأموي بدمشق، حيث سبق لمحمد الشعار أن رفع الأذان من هذا الجامع، أما غسان السروجي فلديه "إجازة" رسمية في أداء الأذان، وقع عليها كل "مدير جامع بني أمية بدمشق الشيخ الحافظ عبد الرزاق الحلبي"، و"مؤذن جامع بني أمية الحاج محمد علي الشيخ"، وهذا الأخير يمت بصلة قرابة لعضو "رباعي النشيد" مصطفى، الذي يقدم نفسه أيضا بصفة "مؤذن" في الجامع الأموي.

ومما تنوه بها "إجازة الأذان" في متنها ما يعرف لدى المهتمين بـ"السند المتصل".. هذا السند الذي يثبت أن "غسان السروجي" تلقى الأذان و"لُقّنه"، كما تلقنه "محمد علي الشيخ" عن شيخه عن شيوخهم.. عن.. عن.. وصولا إلى مؤذن الإسلام بلال الحبشي ومن قبله رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي تلقى الأذان عن جبريل عليه السلام عن الله عز وجل.


لكن لقب "المؤذن" وهذه "الإجازة" -على خطرها-، لم يحجبا أعضاء "الرباعي" عن الغناء في المطاعم والمقاهي، ونقل بعض هذا الغناء وأجوائه إلى مساجد العاصمة، كما نقلوا من قبل بعض أجواء "الإنشاد الديني" و"المديح النبوي" إلى أماكن اللهو (توثق مقاطع متعددة كيف يؤدي الرباعي نفس الأغاني أحيانا وبنفس الإيقاع في الجامع كما في المقهى) 

وبمساعي هذا "الرباعي" بات غناء شارات المسلسلات في الجوامع، وإدخال الإيقاع الصاخب إليها، والرقص فيها، أمرا ممكنا بل ومرضيا عنه من قبل مشايخ هذه الجوامع وبحضورهم (مثلا: جامع زين العابدين بالميدان، جامع النقشبندي بالسويقة)، كما صارت المقاهي (بكل ما فيها) سوقا رائجة للترنم بالمدائح، في لوحة سوريالية على كلتا ضفتيها، تسوَّق لدى رواد الجوامع تحت عنوان "المولد"، ولدى رواد أماكن اللهو تحت عنوان "الطرب الدمشقي الأصيل"، لتنتج كائنا هجينا يمكن دعوته بـ"المورب" أو "الطولد"، وهما كلمتان منحوتتان من كلمتي "المولد" و"الطرب"، على ما في هذا "النحت" من شذوذ يحاكي شذوذ ممارسات "الرباعي".

*من ذاق
هو إذن الاسترزاق المكشوف، وهي التجارة التي تعادل "الشطارة" فتكسر ما تستطيع من الحدود والحواجز، وتلوي أعناق ما لا تستطيع، حتى يصبح الجامع مسرحا كأي مسرح لحفلة غنائية، يهتف فيه المغني (يسمي نفسه منشدا) بالجمهور طالبا منهم رفع أصواتهم (أعلى، صوت واحد..)، دون أن يكلف أحدهم نفسه بتذكير المغني و"الجمهور" أن ما يجوز خارج المسجد لا يجوز في حرمه، وأن أفضل ما يعبر به أحد عن حب النبي هو امتثال أوامره، التي قضت بخفض الصوت في المساجد، بل ونهت حتى عن رفعه أثناء قراءة القرآن منعا للتشويش على المصلين.

أما الاسترزاق الخفي، فيمثله أشخاص آخرون قد يرون أن "مقاماتهم" لا تسمح بالاسترزاق المكشوف، فتجدهم يحولون بيوت الله إلى حلقات رقص وصياح، تحت غطاء ذكر الله والصلاة على رسول الله، وفي مقدمة هؤلاء "محمد حسان عوض"، الذي يحمل لقب "الشيخ الدكتور" ويقدم نفسه بصفة "خادم الطريقة السمانية الطيبية في بلاد الشام".

فلـ"عوض" هذا صولات وجولات في مساجد دمشق، ينشر فيها طريقته في "الذكر"، وهي لا تختلف كثيرا عن غيرها من الطرق الغريبة التي سادت ثم بادت أو كادت، بعد أن التهمت عقول الناس عقودا وربما قرونا.. طريقة ترى أن ذكر الله لا يمكن أن يتم دون الدخول في حالة من الهياج، لو رآها من يدخلون فيها لأنكروا أنفسهم.

وتظهر مجموعة من المقاطع بحوزة "زمان الوصل" كيف يقف "عوض" أمام مريديه كقائد أوركسترا أو كمدرب رياضة، فيهتف وينحني أمامهم صعودا وهبوطا، طالبا منهم متابعته بكل رضى نفس وانشراح، وديدنه وديدنهم أن "من ذاق عرف"، كون هذه الجملة كافية لسد باب النقاش كليا، حول أصل هذا الأمر وصحته شرعا.

وسبق لـ"زمان الوصل" أن نشرت تقريرا عرض مقطعا يظهر كيف تحول جامع عباد الرحمن (الرفاعي بدوار كفرسوسة) إلى حلبة رقص، وذلك برعاية ومساعي "عوض" الذي يتولى الخطابة في الجامع الشهير.

وتضمن التقرير معلومات عن الطريقة السمانية، التي توفي مؤسسها قبل نحو 250 عاما، فخلفه شخص آخر نشرها على نطاق واسع في السودان.

إيثار عبد الحق - زمان الوصل
(299)    هل أعجبتك المقالة (291)

Hh

2019-03-04

ومن أنتم حتى تسيؤوا الأدب وتتطاولوا على العلماء.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي