أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عالم أفضل بدون بوش ... رشيد شاهين

يمكن القول الآن أنه وبعد فوز باراك اوباما بالانتخابات الرئاسية الأميركية التي شغلت الدنيا على مدى يقارب العامين، يكون العالم قد تخلص من الحزب الجمهوري الذي تسلم سدة السلطة لفترتين رئاسيتين، وبالتالي من الرئيس الحالي جورج بوش الابن وما يمثله هذا الرجل من فكر لاهوتي متخلف وأيديولوجيا يمينية توراتية متطرفة لم تجر على العالم وكذلك على الولايات المتحدة الأميركية سوى الكوارث والحروب والنزاعات في مناطق مختلفة، تحت ذرائع وأسباب اقل ما يمكن أن يقال عنها أنها كانت مفتعلة ومفبركة وناتجة عن أكاذيب تم نسجها في العقول المريضة التي استحكمت في صناعة القرار في الدولة العظمى في العالم، كذلك لم تقد إلا إلى ما شهده العالم من أزمة مالية عصفت باقتصاديات العالم وكادت أن تتسبب في كارثة اقتصادية عالمية وهي على أي حال لا تزال تلقي بظلالها على العالم.

هنا لا يجب أن يفهم أننا نراهن أو نهلل للرئيس الجديد - اوباما- الذي استطاع أن يحقق نجاحا باهرا وفوزا ساحقا على غريمه أو منافسه الجمهوري في السباق الرئاسي والذي كان جزءا لا يتجزأ من "المنظومة" التوراتية أو اللاهوتية التي مثلها رئيسه الذي يمكن القول انه سوف يصبح الرئيس الذي كان -جورج بوش-.

اوباما بالنسبة لنا سوف يكون رئيسا أميركيا جديدا بغض النظر عن لونه أو أصوله أو عرقه أو معتقداته، حيث لا نعتقد وليس لدينا أية أوهام حول الرجل أو انه سيكون مخلص العالم أو المنقذ الموعود لما تركه جورج بوش أو انه - سوف يشيل الزير من البير- كما يقول المثل الشعبي، ذلك أننا ندرك بان الرجل ما كان ليصل إلى ما وصل إليه بدون أن يكون قد اظهر على سبيل المثال التزاما لا تشوبه شائبة بسياسات حزبه فيما يتعلق بكل القضايا الجوهرية للحزب وهو لم يكن له أن يتقدم في صفوف حزبه - الديمقراطي- هكذا بدون دعم من "لوبيات" الحزب وغيرها من جماعات الضغط التي تقف عادة وراء الدفع بهذا المرشح أو ذاك ليكون من بين الذين يتنافسون على الترشح لهذا المنصب ضمن الحزب بداية ثم إذا حالفهم الحظ، التنافس مع من يتم ترشيحه من الحزب - الجمهوري- المنافس على الرئاسة.

هذا الذي نسوقه يأتي على خلفية ما تمت ملاحظته في الشارع الفلسطيني وكذلك من خلال حالة التفاؤل العامة التي سادت أوساط الكثير من الفلسطينيين والعرب بشكل عام بعد إعلان نتائج الانتخابات، وما سمعناه من اتصالات وتبادل "للتبريكات" والتهاني بين الناس على هذا الفوز، وبرغم أن بعض تلك "التبريكات" أتى على خلفية قد تكون لها علاقة بما قيل عن أصول الرجل واسمه والأصول الدينية له- البعض لا زال يعتقد بان الرجل متأثرا بإسلام والده-، إلا أننا نعتقد بان هناك من كان "منتشيا" بهذا الفوز كنوع من " التشفي" - كما نحن- بفشل الحزب الذي يمثله المرشح الخاسر، ذلك أن هذا الحزب ممثلا برئيسه جورج بوش مارس ضد امة "العربان" والمسلمين ما لم يمارسه احد من الرؤساء الذين سبقوه إلى البيت الأبيض من أي من الحزبين الأمريكيين.

النجاح الذي حققه اوباما على منافسه كان متوقعا باعتقادنا ذالك أن مجمل السياسات التي اتبعها جورج بوش كانت خاطئة حتى لا نقول كارثية، وقد كان من أهم أسباب هذا الفوز - الكبير- لباراك اوباما وهذا الفشل - الذريع- لمنافسه هو المغامرات التي خاضها بوش في كل من أفغانستان والعراق ومواقفه من الكثير من القضايا الإقليمية مثل الموقف من إيران وفلسطين ولبنان وسوريا وإفريقيا وكذلك فيما يتعلق بالعالم بعامة.

لا نشك بان ما حدث كان تغيرا أو تغييرا كما كان شعار اوباما، فهو اثبت بان الديمقراطية الأميركية تجلت في هذا النجاح وسارت قدما باتجاه تجسيد المنهج الديمقراطي في النظام السياسي الأميركي كما أن هذا النجاح قد يكون فصلا أخيرا أو أحد الفصول الأخيرة في السير باتجاه المساواة والعدالة في المجتمع الأميركي.

النجاح الذي تحقق لا يعني بالضرورة أن ما رفعه اوباما من شعارات سوف تتحقق جميعها، وربما كان لكلمته التي قالها بمناسبة فوزه إن فترة رئاسته قد لا تكون كافية لتحقيق ما يرغب وربما تكون هذه دعوة مبكرة لكي يكون رئيسا لدورة ثانية إذا أريد له أن يحقق ما رفعه من شعارات، كما أنها قد تكون تراجعا مبكرا عن وعوده التي قطعها وانه بدأ يدرك أن التنفيذ للشعارات المرفوعة قد يكون صعب التحقيق وليس كما قد يعتقد البعض.

ما يهمنا هنا هو أن نذكر المراهنين على هذا الفوز أن لا يبالغوا في التفاؤل، صحيح أن الرجل قد يكون أكثر ميلا للحلول العقلانية للكثير من القضايا لكن هذا لا يعني انه سوف يتنازل عن المصالح الأميركية أو تحقيق الأغراض والأهداف التي تنشدها أميركا، وهو لن يتردد باستعمال كل السبل التي تقود إلى تحقيق ذلك. ولا بد هنا من التذكير بان الرئيس وخاصة في حالة اوباما لا يعيش في "برج عاجي" أو يمكنه أن يتخذ من القرارات ما يشاء، انه ليس سوى جزء من منظومة أو آلة كبرى، أو نظام مرتبط بقوى وجماعات ضغط اقتصادية ومالية وغيرها.

فلسطينيا،هو لن يستطيع أن يحقق الكثير خاصة في ظل ما سمعناه منه حول مواقفه من الدولة العبرية ولجوءه إلى اللوبي اليهودي متمثلا بمنظمة الايباك المعروفة في بداية حملته الانتخابية من اجل الفوز بالصوت اليهودي، كذلك في ظل تعنت الدولة العبرية وميولها العدوانية تجاه الفلسطينيين والعرب والمنطقة بشكل عام، وكذلك في عدم رغبتها في الوصول إلى السلام من خلال حل عادل للمسالة الفلسطينية، وفي ظل كل ممارساتها على الأرض من جدار ومستوطنات وانتهاكات ومصادرة للأرض واعتداءات شبه يومية على الفلسطينيين بالقتل والاغتيالات والاجتياحات وسوى ذلك من الممارسات التي يشاهدها العالم.

يبقى أن نقول بان على الرئيس الجديد أن يتعامل مع ارث بغيض شديد السوء تركه جورج بوش في كثير من مناطق العالم وهذا ربما كان السبب وراء تصنيف الولايات المتحدة الأميركية في أكثر من استطلاع للرأي حول العالم على أنها من بين الدول الأكثر بغضا في العالم.

أخيرا وبغض النظر عما يمكن أن يحققه رجل البيت الأبيض الجديد، إلا أننا نعتقد بان مجرد نجاحه كان مبعث سرور للكثيرين حول العالم ، اوباما بنجاحه هذا يكون له الفضل لأنه قد خلص العالم ممن يعتقد بأنه كان من بين ن لم يكن أسوا رئيس أميركي دخل البيت الأبيض، وبالتالي سوف يكون العالم أفضل بكثير بدون جورج بوش.

2008-11-6

(145)    هل أعجبتك المقالة (124)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي