منذ أيام حدثت المصالحة في مدينة الصنمين، ما سرها وما مجريات الاتفاق فيها؟
الصنمين مدينة في شمال محافظة درعا كانت من أوائل المدن التي ثارت ضد تنظيم الأسد الإرهابي وعانت ما عانت من ويلات المجازر في كل مرة تقتحم عصابات الأسد هذه المدينة.
والمدينة ذات أهمية استراتيجية وعسكرية كبيرة ويكفي القول إنها الشريان الأهم لعصابات الأسد في كامل الجنوب السوري، حيث فيها الفرقة التاسعة وكامل تشكيلاتها إضافة إلى تشكيلات أخرى مستقلة، وكلها تشكل سواراً يحيط بالمدينة من كل الجوانب ويحاصرها ويمنع عنها متى شاؤوا الغذاء والدواء.
إذن فهي لا تشبه كل المدن، لها وضع حساس جداً، ورغم ذلك استطاع ثوار المدينة منذ منتصف 2013 بشكل خاص منع دخول عصابات الأسد الإرهابية إلى المدينة وارتكاب أي مجازر جديدة فيها أو حتى ملاحقة المطلوبين.
لا يسيطر النظام فعلياً داخل المدينة إلا على الطريق العام وعلى طريق السوق، وبقية الأحياء والطرق محررة بشكل كامل.
منذ أكثر من شهرين وبعد تهجير أهل داريا تم العمل من قبل لجنة المصالحة وبعض المستفيدين بالتنسيق مع اللجنة العسكرية والأمنية وفرع الحزب بدرعا على بث شائعات ملخصها أن هذا الدور سيأتي على ثوار المدينة إذا لم يقبلوا بالمصالحة مع النظام، من هؤلاء "جمال اللباد، عنتر اللباد، أحمد أمين المطلق الفلاح، عدنان صبحي الفلاح، عبدالحكيم الفلاح، جمال الفلاح، سليم الفلاح، إسماعيل صبحي الفلاح، فوزي الشتار، محمد خير أبو حوية أبو مهند، أمين أبو حوية، عبدالله الكلش، علاء الدين اللباد، عبدالسلام الهيمد، عبدالله حسين الهيمد، أمين العتمة، بسام العتمة، أحمد زكريا العتمة، يوسف العتمة، محمد عبود العتمة، أحمد عبدو العتمة، إسماعيل العتمة، ماجد رضا الرحيل، سليم اللباد، محمود اللباد، خالد اللباد وآخرون".
وبعد انتصارات النظام الأخيرة في حلب، حاول النظام أن يحرز انتصاراً ولو إعلامياً في المدينة، وبدأ عبر لجان المصالحة بمفاوضات مع ثوار مدينة الصنمين، تتضمن إما القبول بالمصالحة وتسليم كل السلاح أو مغادرة المدينة أو الحرب.
بعد عدة أيام قبل الثوار بالمصالحة تحت ضغوط كبيرة جداً وفق ما تقتضيه المصلحة العامة ولكن بشروط:
1-الدخول في حالة هدنة حقيقية وأن يبقى الوضع في المدينة على ما هو عليه، لا وجود لعناصر النظام داخلها وألا تتم ملاحقة المطلوبين.
2-أن يتم إخراج المعتقلين على دفعات وقد تم خروج عدد منهم، كلهم بجنايات لا علاقة لها بالثورة باستثناء شخص واحد فقط.
3-أن يُمنح المتخلفون تأجيلاً بدافع السفر.
4-أن يتم تسوية أوضاع المطلوبين أمنياً أو للخدمة العسكرية، لمن أراد.
هذه الشروط من قبل الثوار رضي بها النظام مع تسليم ما يقارب 80 بندقية روسية، تم شراؤها من تجار السلاح وتقديمها تطبيقاً للمصالحة، والنظام قبل بإعادتها مقابل بطاقة أمنية لأي شخص يريد ذلك.
الفئات التي صالحت أو حضرت المصالحة:
1-بضعة أشخاص كانوا ضمن الجيش الحر مدسوسين فيه وشكلوا عبئاً أخلاقياً عليه.
2-بضعة أشخاص من عامة الناس مطلوبين أمنياً ممن لا علاقة لهم بالثورة لا من قريب ولا من بعيد.
3-بضعة أشخاص ممن لهم معتقلين داخل سجون العصابة الأسدية.
4-بالأشخاص الحزبيون والمؤيدون بطبيعة الحال.
5-الوصوليون الذين يطمحون بمناصب وكراسٍ في نظام الأسد.
لماذا رضي الثوار بالمصالحة؟
الثوار الذين يشكلون السواد الأعظم في المدينة غير راضين عن المصالحة، إلا أنهم قبلوا فيها مرغمين حفاظاً على المصلحة العامة ولاعتبارات جديدة وطارئة منها:
1-حالة الركود الثوري في حوران عامة منذ أكثر من سنة ونصف.
2-الحصار الخانق على المدينة، حيث يستطيع نظام العصابة منع إدخال أي شيء إليها متى شاء لعدم وجود أي طريق يربطها مع المناطق المحررة الأخرى.
3-الهدن المعمول فيها في القرى والبلدات القريبة منها، مما يمنع أي دعم أو مؤازرة حقيقية للمدينة حال نشوب أي معركة فيها.
4-عدم امتلاك الثوار مقومات الصمود الحقيقية داخل المدينة مثل السلاح الثقيل الذي من شأنه أن يمنع دخول النظام إلى المدينة أو حتى مشافٍ ميدانية أو مواد تموينية أو إسعافية
5-يعيش في الصنمين أكثر من 125 ألف مدني حالياً، وهذا يشكل عبئاً حقيقيا بالنسبة للثوار في حال الدخول في أي حرب.
ببساطة الصنمين وثوارها لا يتحملون وحدهم مسؤولية المصالحة، وإنما يشترك في ذلك باقي الثوار في حوران، وتم اتخاذ هذا القرار لتجنيب المدنيين كارثة إنسانية كبيرة، خاصة إذا علمنا أن النظام يستطيع قطع الطرق كافة والمياه، وبهذا سيموت أهل المدينة عطشاً، حيث لا يملكون أي مصدر للمياه -بئر وما شابه- داخل المدينة.
ومع ما يملك نظام العصابة من أوراق ضغط، إلا أنه لم يحصل على ما يريد، هو يريد نصراً إعلامياً مع أنه قادر حقاً على صنع نصر حقيقي لكن بخسائر كبيرة من شأنها أن تبث روح الثورة من جديد في كل حوران وأن تجعل من قرار رفض المصالحات قراراً لا بديل عنه، وكل ما تم حقاً، هو مسرحية إعلامية تم تضخيمها كثيراً في سبيل القبول بمصالحات أخرى في حوران كلها وتكريس حالة انهزامية لدى الثوار، ومن ثم العودة إلى المدينة حتى يحقق فيها ما يريد فعلاً.
أما الثوار في المدينة فهم ماضون حتى إسقاط تنظيم الأسد الإرهابي.
* خليل المقداد - مشاركة لـ "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية