وضع "نواف البشير" كل المشككين بانقلاب (أو بانكشاف موقفه) أمام اختبار جديد، عندما ظهر على القناة الإيرانية الأولى الناطقة بالعربية (قناة العالم)، مؤكدا مواقف كانت قد أعلن عن بعضها في لقاء خاص مع "زمان الوصل" أثار موجة استهجان واسعة حينها، قبل أن يعيد تكرار مواقفه بشكل أوضح في تسجيل مسرب.
وجاء ظهور "البشير" على القناة الإيرانية ليؤكد اكتمال استدارته إلى "حضن النظام"، بعدما قضى سنوات وهو يقدم نفسه معارضا له.
وساق "البشير" في لقائه مع "العالم" نفس الحجج التي تحدث بها من قبل، عن وجود فساد في الجيش الحر، وعن "أيد خارجية" كانت تسمي جمع التظاهر، متناسيا أن ابنه وأقاربه كانوا في هذا الجيش الذي اتهمه بالسرقات، وأنه خرج ضمن أحد "الجمع" –المشبوهة تسمياتها حسب رأيه- ليهتف ضد النظام.
واعتبر أن "الجيش الحر" عجز عن تقديم شيء للسوريين، وفي ظله تعرضت المعامل وسكك الحديد والمؤسسات للنهب والسرقة تحت عنوان غنائم.
وتابع غامزا من قناة المتظاهرين: حينما قام النظام السوري بتغيير بعض الأنظمة والقوانين ومنها المادة الثامنة من الدستور، بان تكون هناك أحزاب سياسية على الساحة السورية كي تتمكن من قيادة الحراك السياسي، خرجت يومها تظاهرات يوم الجمعة تطالب بإسقاط النظام.
وذهب أبعد في تجميل صورة النظام وتقبيح صورة من تظاهروا ضده: كلما قام النظام السوري بتقديم مشروع جديد للحل السياسي وتسوية الأمور وفقاً لمطالب الجماهير، كانت تخرج تظاهرات ترفض الحل السياسي أو الحوار مع النظام.
ومن حضن القناة التي ترعى بلادها أوضح تدخل وأخطر "أجندة" على الأرض السورية، واصل "البشير" مطالبا بـ"حوار السياسي سوري سوري، لا يتبع أجندات خارجية أو مطايا لمشاريع دولية".
وعلى نفس منوال النظام نسج "البشير" وهو يتحدث عن بعض وجوه المعارضة، لاسيما من تولوا رئاسة الائتلاف، قائلا إن هؤلاء "مقيمون في الخارج، كبرهان غليون الذي يقيم في فرنسا منذ 40 عاماً، وأنس العبدة مقيم في انكلترا منذ 30 عاماً، عبد الباسط سيدا مقيم في السويد منذ 35 عاما"، واصفا إياهم بـ"مطايا لمشاريع خارجية، ولا يمثلون الشعب السوري وليس لديهم أحد في سوريا، وإنما فقط ينفذون أجندات خارجية".
ولم ينس "البشير" أن يكرر ما سبق أن قاله في حديثه عن المعارضة التي تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، قبل أن يغالط نفسه والآخرين عندما قال إن "الكثير" من شباب المعارضة السورية ذهبوا إلى تل أبيب، دون أن يسمي هؤلاء الكثير، أو يذكر عددهم.
وتابع: "من لم يذهب إلى تل أبيب، ذهب إلى باريس والتقى مع برنارد ليفي كوهين وسكرتيرته بسمة قضماني الموجودة في الائتلاف الوطني ومجلسه"، واصفا "ليفي" بأنه "أبو الثورات العربية"، وكأن –البشير- يقرأ من كتاب النظام بالحرف.
وشن "البشير" هجوما على وحدات حماية الشعب (PYD) التي وصفتها قناة "العالم" بأنها الذراع العسكري لحزب العمال الكردستاني، حيث قال "البشير" إن " PYD" تمثل "حركة انفصالية متماهية مع الإرهاب والمشاريع الدولية لتقسيم سوريا".
وجدد "البشير" ربطه بين النظام و"مؤسسات الدولة" معتبرا أن سقوط الأول يعني سقوطها، وأن البديل عن بشار سيكون "الإرهاب" متمثلا بتنظيم الدولة وجبهة فتح الشام، لأنهم حسب تعبيره "الأقوى على الأرض" وهم "مدعومون "غربياً وسعودياً وقطريا".
وأقر "البشير" بأن المتظاهرين كانوا يرددون عبارة "الشعب السوري واحد"، متسائلا أين هذا الشعب الآن، متهما السعودية وقطر بتغذية الروح الطائفية لدى السوريين في تماه مع المشروعات الإسرائيلية كما قال، دون أن ينبس ببنت شفة عن أفعال إيران الجلية في بذر الطائفية ونشر سمومها، لا في سوريا وحسب، بل في كل المنطقة.
ووجه "البشير" دعوة مفتوحة للعودة إلى أحضان النظام، مخاطبا المعارضة: "آن الأوان بأن نحدد موقفنا ونقف بجانب مؤسسات الدولة والوطن الذي هو الأساس ويحمينا وهو الاستقرار والأمان، وليس هؤلاء القتلة المجرمين الذين يشكلون مجاميع مسلحة بأسماء شتى".
ونوه "البشير" بالمؤتمر المرتقب في "آستانة"، موضحا أنه كان يدعو لإقامة مؤتمر للمعارضة في دمشق، فـ"هي عاصمتنا شاء من شاء وأبى من أبى"، حسب قوله.
وطلب "البشير" من المعارضة أن تقبل بالتفاوض غير المشروط وتعمد إلى "طي صفحة الماضي والاتفاق على الحل السياسي لبناء مؤسسات الدولة.. وحكومة وحدة وطنية تجمع كل الأطياف".
ونطق "البشير" بالجملة الأكثر تعبيرا عن موقفه، حينما قال: "الرئيس بشار يحق له أن يرشح.. نعم يحق له أن يرشح" نفسه للانتخابات، وأن صناديق الاقتراع تقرر من يفوز.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية