أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مرة أخرى نحن مع سوريا لأننا مع أنفسنا

إغلاق المدرسة والمركز الأمريكيين في دمشق أبعد من الرمز

مرة أخرى وليست أخيرة نقول بملء الفم إننا مع سوريا ، في مواجهتها للغطرسة والعدوان الأمريكي الإسرائيلي المشترك، الذي يتواصل على سوريا بأشكال مختلفة. فبعد الغارة الإسرائيلية على منطقة دير الزور في العمق السوري تأتي الغارة الأمريكية على منطقة البوكمال، في تكامل وتبادل واضحين للأدوار بين الاحتلالين الأمريكي والإسرائيلي .

 وما بين الغارتين استمر استهداف الأمن والاستقرار السوريين ،سواء من خلال عمليات الاغتيال الآثمة التي وقعت على الأراضي السورية ، أو من خلال التفجيرات الإجرامية التي استهدفت المدنيين من أهلنا في سوريا، والتي كان آخرها التفجير الذي شهده طريق مطار دمشق الدولي صبيحة ليلة القدر المباركة. وهذه الغارات والاغتيالات والتفجيرات هي الوجه الظاهر والمكشوف من الجهد الأمريكي الإسرائيلي لتركيع سوريا وفك تحالفها مع محور المقاومة والممانعة والذي كان أحد نتائج صموده الانتصار المدوي للمقاومة الاسلامية على العدوان الإسرائيلي الأمريكي على لبنان في تموز 2006.


ونحن مع سوريا لأسباب عديدة أولها أننا نرفض أن تظل بلادنا حقل تجارب للسياسة الأمريكية، وورقة في الحملات الانتخابية الأمريكية الإسرائيلية يستخدمها المتنافسون في هذه الانتخابات لتحسين مواقعهم من خلال التسابق لإثبات أيهم أقدر على إيذائنا واستباحة حرماتنا ومن ثم توريط السابق منهم للاحق في سياسة عدوانية ضد أمتنا.

فليس خافياً على أحد أن من أهداف التصعيد في المنطقة والذي جاء العدوان الأمريكي على سوريا في إطاره إصرار إدارة بوش الراحلة على توريط الرئيس الأمريكي القادم بالسياسة العدوانية عبر افتعال المزيد من التوتر مع دول المنطقة. مثلما أنه ليس خافياً على أحد أيضاً أن من بين أسباب العدوان على سوريا تحسين صورة المرشح الأمريكي جون ماكين الذي سارع إلى تأييد هذا العدوان ليظهر كمقاتل شرس يستطيع الدفاع عن هيبة أمريكا.


ومثلما أننا نرفض أن تظل بلادنا ورقة في الحملات الانتخابية الأمريكية والإسرائيلية ،فإننا نرفض أيضاً أن يتم العدوان على بلادنا لإشغال الجمهور الأمريكي والإسرائيلي عن حقيقة سياسات وجرائم قادتهم. ومن بينها جريمة إبادة وترحيل المسيحيين العراقيين التي تتم في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق. ونظنها تأتي في ظل الإصرار الأمريكي الصهيوني على تشويه صورة هذا الشرق العربي المسلم كنموذج للتعايش بين اتباع الديانات السماوية.

 ولعل هذا الإصرار على تشويه هذه الصورة هو سبب الإصرار الأمريكي الإسرائيلي على توتير الأجواء في لبنان ومنع قيام مصالحة جذرية بين أبنائه فتغيب صورة التعايش بين اتباع الأديان يبرر نظرية صراع الحضارات ويبرر الاعتداءات الغربية المتواصلة على منطقتنا باعتبارها منطقة صراع حضاري لابد من الدفاع عن حقوق الأقليات فيها .

على أن أهم ما يدعونا لنكون مع سوريا هو أن الوقوف مع سوريا هو وقوف مع الذات فسوريا مكون أساسي من مكونات الأمن القومي لأمتنا المستهدف أساساً بكل هذه الغطرسة الأمريكية وهذا العدوان الأمريكي الإسرائيلي. والذي يأخذ أشكالاً وتعبيرات مختلفة ابتداء من الاحتلال المباشر للأرض العربية ،كما هو الحال في فلسطين والعراق مروراً بالعدوان المباشر كما هو الحال في لبنان وفلسطين أيضاً .

أو التهديد بالعدوان كما هو الحال مع سوريا وإيران. وصولاً إلى مصادرة الإرادة السياسية للأمة التي تفرقت شذر مذر يوم لم تقف صفاً واحداً في مواجهة عدوها. ويوم لم تدرك معاني الحكمة التي قالها اسلافها «أكلت يوم أكل الثور الأبيض» .

 فالذين يظنون بأنهم بمناجاة من العصا الأمريكية بعد أن قدموا لها آيات الولاء والطاعة واهمون . فأمريكا لم تقم وزناً حتى لأولئك الذين خدموها بالمجان، وتحولوا إلى شرطة لحماية مصالحها. وما مصير شاه إيران ببعيد عن الذاكرة وهو مصير يقول لنا أن ليس للشعوب إلا أن تدافع عن نفسها ، وعن مصالحها في مواجهة الطاووس الأمريكي المتغطرس المصر على سياسته الدموية وعلى التصرف بمنطق القوة والاستهانة بالقوانين والأعراف الدولية ، وانتهاك سيادة الدول ، وقتل المدنيين العزل ، وهي معان جسدتها كلها الغارة الأمريكية الأخيرة على منطقة البوكمال السورية .والتي جاءت لتؤكد على رعونة السياسة الأمريكية وإصرارها على سد كل الأبواب والنوافذ لحل المشاكل المحلية والإقليمية والدولية بالطرق السلمية.

فالعدوان الأمريكي على سوريا جاء في مرحلة حققت فيها سوريا الكثير الكثير من الإنجازات التي من شأنها المساهمة الفعالة في إنهاء التوتر في المنطقة وبناء استقرارها . وأول ذلك ضبطها للحدود مع العراق التي كان الأمريكيون يتذرعون بأن المقاتلين يدخلون عبرها إلى العراق ومنها إرسالها لسفير سوري إلى بغداد بالإضافة إلى تبادل التمثيل الدبلوماسي مع لبنان وصولاً إلى المفاوضات السورية الإسرائيلية غير المباشرة.

ورغم كل هذه الخطوات التي تساهم في تهدئة المنطقة فإن الإدارة الإمريكية تعتدي على سوريا وكأنها تعبر عن غيضها من تمكن سوريا كسر عزلتها ونجاحها في عقد القمة العربية رغم الضغوط الأمريكية وتحول دمشق إلى محج لقادة العالم بمن فيهم زعماء أوروبا كل ذلك أعمى واشنطن عن كل ما حققته سوريا على طريق حل مشكلات المنطقة مما يؤكد ما سبق وإن قلناه من أن الولايات المتحدة الأمريكية مصرة على إبقاء هذه المنطقة من العالم في حالة توتر وتأزم دائمين، كمبرر لاستمرار تدخلها في الشؤون الداخلية للمنطقة ،ودولها من جهة وللتخفيف عن العدو الإسرائيلي من جهة أخرى .ذلك أن استقرار المنطقة وحل مشاكلها العالقة ،سيجعل أبناءها يتفرغون لحل القضية الكبرى والمتمثلة بالاحتلال الإسرائيلي المدعوم بالحماية الأمريكية. وهذا سبب رئيس كي يهب أبناء الأمة للدفاع عن حقوقهم وكرامتهم وأوطانهم .

ولذلك فإننا نقول أنه لم يعد كافياً أن تتوقف منظمات المجتمع المدني العربي عند حدود إصدار بيانات الشجب والاستنكار بل لابد من أن تنزل جماهيرها إلى ساحة الفعل للضغط على حكوماتها كي تبني هذه الحكومات منظومة دفاع مشترك للأمة تمنع حالة الاستفراد الأمريكي والإسرائيلي بأجزاء هذه الأمة جزءاً بعد الآخر .

 كما أن المطلوب من جماهير الأمة أن تواصل وتصعد من مقاطعتها للبضائع الأمريكية وأولها منتجات الثقافة الأمريكية التي فرضت كل هذا الشر والعقلية العدوانية التي تغطي العالمم بنيرانها. لذلك فإننا نثمن القرار السوري بإغلاق المدرسة والمركز الثقافي الأمريكيين في دمشق .

فبعيداً عن الدلالات الرمزية لهذا الإغلاق كما يفهمها البعض فإننا نعتقد أنه في ظل الحرب الشاملة التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية على أمتنا لابد من رد شامل على هذه الحرب وأساسها ثقافي عقدي .خاصة في ظل سيطرة المحافظين الجدد وأصحاب نظريات صراع الحضارات،وصدام الثقافات ،ونهاية التاريخ على القرار الأمريكي من هنا فإننا نطالب بالبناء على القرار السوري بإغلاق المدرسة والمركز الثقافي الأمريكيين بأن تعمم مقاطعة الثقافة الأمريكية باعتبارها ثقافة عنصرية متغطرسة عدوانية تنشر الإرهاب بالعالم بحجة محاربة الإرهاب وأصحاب هذه الثقافة لم يعودوا يهتمون بجدار الكراهية الذي ترفع مداميكه بينهم وبين شعوب العالم قنابلهم وصواريخهم التي تتساقط فوق العزل والمدنيين في الكثير من بقاع العالم .وآخرها رصاصهم الذي قتل شهداء البوكمال الذين لن يذهب دمهم هدراً .فجماهير الأمة الآن كلها مع سوريا لأن العدوان على سوريا أو على أي جزء من مكونات الأمة هو عدوان على الأمة كلها

بلال حسن التل
(108)    هل أعجبتك المقالة (105)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي