"شو ماقلك سنفريال.. شوماجبلك سنفريال..سنفرلو ..ع السنفريال"، طقطوقة للراحل "فيلمون وهبي" أحد فناني لبنان المنتحل دور "النائي بنفسه" عن "السنفرة" بأي شأن سوري أو إقليمي يعصف من حوله في المنطقة.
ولأن سفر اللجوء السوري من "يبرود" و"قارة" وباقي القرى والبلدات القلمونية مضافاً إليها "القصير" وريفها قد انتهى بالزحف قسرياً نحو الجارة الوحيدة المتاخمة لجبال القلمون (لبنان)، كان لابد من فاتورة أرجوانية يبدو أن على السوريين دفعها جراء "ماسنفروه" بميليشيات حزب الله الطائفية و"سنافره" القادمين من لبنان عندما هاجموا بلدات في ريفي حمص ودمشق.
"أبو عماد القاري" - ناشط بين اللاجئين السوريين في بلدة "عرسال"، يقول "إن أهل عرسال لم يوفروا جهدا في استضافتنا وحمايتنا وتوفير ما نحتاجه ضمن المتاح، وتقاسموا معنا لقمة الخبز المغمس بالدماء، وهذا فضل لن ننساه ما حيينا".
ويضيف لـ"زمان الوصل" أن سكان البلدة الحدودية مع سوريا بذلوا جهدا كبيرا فوق طاقتهم لإحداث بعض التكامل مع الهيئات والجمعيات العاملة في مجال الإغاثة للوقوف على تأمين ما يساعدنا على تحمل ويلات اللجوء.
بينما يتهم القاري ميليشيا حزب الله بأنها تعيث فسادا ورعبا في مخيمات السوريين في "عرسال"، حيث لا يستثني عناصر الميليشيا في إطلاق صفة "الدعشنة" أي الانتماء لتنظيم "الدولة" و"النصرنة" نسبة إلى "جبهة النصرة"، لا يستثني حتى الأطفال والنساء والشيوخ من اللاجئين في مخيمات "عرسال".
وبحسب آخر إحصاء للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين ولمنظمة العفو الدولية فإن عدد اللاجئين السوريين في لبنان لعام/ 2016 بلغ مليون وسبعون ألف سوري، يقيم منهم قرابة 100 ألف في بلدة "عرسال" الحدودية موزعين على 124 مخيما.
ويسكنون في قرابة 5000 خيمة من مناطق "القصير، قارة، يبرود، فليطة، جريجير، بخعة، عسال الورد، رأس العين، ومعرة يبرود"، وعدد قليل من سكان أحياء "باباعمرو و"الخالدية" و"كفرعايا" بحمص.
*لعنة الجرود
"لعنة الجرود" تكاد تلازم حياة السوريين في كافة تفاصيل حياتهم وفي حلهم وترحالهم، كما يقول القاري مضيفا "لعنة زادت من بطشها وتضيقيها على اللاجئين السوريين في "عرسال" بعد الأحداث التي عصفت بالبلدة في آب أغسطس 2014، وتمكنت النصرة على إثرها من أسر مجموعة من عناصر الجيش اللبناني واقتيادهم للجرود المتاخمة للبلدة، لتعود وتفرج عن 16 جنديا في صفقة تبادل الأسرى التي جرت مع الجيش اللبناني في 1 كانون الأول ديسمبر/ 2015 تحت رعاية قطرية حينها".
لعنة بدا فيها الجيش اللبناني، حسب القاري، متماهيا مع سياسة "حزب الله" بتضييقه وبطشه بالسوريين في "عرسال" بتهمة "الدعشنة والنصرنة"، فزرع حواجزه وملالاته وأسلحته الثقيلة حول مداخل البلدة ومخارجها وعزلها عمن حولها، وزاد على ذلك تكثيفه لحملات المداهمات للمخيمات السورية والتي طالت المئات من السوريين.
يردف "أبو عماد": "رغم الجهد الكبير الذي استنزف في إنجاز المخيمات السورية في عرسال، إلا أن هذه المخيمات، على أهميتها، لم تنجح في حماية عائلاتنا وأطفالنا من فصل الثلوج والأمطار في هذه الجرود، نحن نعرف قساوة الطبيعة هنا، ولك أن تتخيل أطفالا في خيم على ارتفاع 1600 متر يعيشون في ظل درجات حرارة متدنية، فأي خيمة وأي بناء مشابه سيصمد في العواصف والثلوج، وما هو مصيرنا؟".
*الطبابة والتعليم
ويشير الناشط "أبو عماد" إلى واقع الخدمات الطبية، قائلا: "يوجد 9 هيئات طبية عاملة ضمن البلدة، إلا أنها تفتقر جميعها لغرف العمليات والأجهزة الطبية كجهاز الطبقي المحوري وجهاز الرنين المغناطيسي وهي أقرب للنقاط الإسعافية منها إلى المستشفيات العلاجية".
أما واقع التعليم للاجئين السورين في البلدة فهو ليس أحسن من الواقع الطبي، فعلى الرغم من وجود 11 مدرسة لتعليم السوريين تضم قرابة 10 آلاف تلميذ من مختلف المراحل الصفية وقرابة 847 معلما ومعلمة، إلا أنها مازالت تفتقر لأدنى مقومات الاستمرارية من رواتب وكتب وغيرها بسبب غياب الجهات الداعمة واقتصار توفير الدعم على مصادر فردية ومبادرات مناطقية ضيقة توفر دعم كل مدرسة بطريقتها الخاصة.
ويختم الناشط "ليس بالإمكان فعل ما هو أكثر، لكن نخشى من تفاقم الأوضاع في الأيام المقبلة، وعليه، نحن لا نحمل المسؤولية للدولة اللبنانية والمنظمات الدولية، بل المسؤول الأول والأخير هو الطاغية بشار الأسد ومعه حزب الله، فهم يتحملون المسؤولية كاملة عن كل مآسينا، عن شهدائنا وجرحانا، عن مرض أطفالنا ونسائنا، عن جوعنا وتشردنا، عن دمار بيوتنا، وعن حقنا في العيش بكرامة، ورغم ذلك، لن نرضخ وسنبقى مخرزا في عين الأسد وأعوانه”.
وليس بعيدا عن الواقع المأساوي لأكثر من مئة ألف لاجئ يعيشون ظروف الحصار الأمني والاقتصادي والاجتماعي والصحي، حذر عدد من أهالي "عرسال" المتابعين لأوضاع النازحين، من احتمال حدوث كوارث صحية وغذائية مع قدوم فصل الشتاء وهجوم موجات الثلج والصقيع على المخيمات السورية، مطالبين الجهات المعنية، لبنانية ودولية العمل على اتخاذ التدابير الاحترازية اللازمة لمساعدة اللاجئين في الحصول على حياة تحفظ كرامة عوائلهم وأطفالهم، خاصة وأن الواقع الحالي للمخيمات، لا يمكن وصفها سوى بمخيمات البؤس والعزلة والإهمال، كما يقول لاجئون فيها.
مع كل شروق شمس يترقب اللاجئون السوريون هنا في لبنان قدوم "سنفريال" أممي أو عربي لينشلهم من واقع مخيماتهم المحاصر المعزول.
يترقبونه ولسان جرحهم وحالهم يقول:
شو ماقلك سنفريال
شوماجبلك سنفريال
سنفرلو…ع السنفريال.
لبنان - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية