لم يكن العام 2016 عام درعا، فبعد العام 2015 الذي شهد معارك حققت فيها فصائل المقاومة إنجازات تسجل لها قبل أن تعود وتغرق بعمليات اغتيال غير مسبوقة طالت الكثير من القادة العسكريين والمدنيين، جاء العام 2016 وحمل معه نكبات كادت -لولا تجذر الثورة في المحافظة– أن تطيح بالحالة الثورية فيها، والبداية كانت بتقدم النظام عسكريا والسيطرة على مدينة "الشيخ مسكين" التي سيطر عليها الثوار في العام 2015 بعد تقديم أكثر من 100 شهيد.
بعد معركة "الشيخ مسكين" اتهمت المحافظة بالدخول بحالة سكون على جبهات النظام، وهذا الأمر، وإن حمل في طياته الكثير من الصحة، إلا أنها لم تكن كما حاول البعض تصويرها متهما إياها بـ"الخيانة"، والحقيقة أن درعا لم تدخل حتى اليوم الأخير من العام 2016 في أي هدنة أو تسوية مع النظام، بل شهدت المحافظة الكثير من الاشتباكات مع بعض الفئات التي أرادت أن تنزلق في هاوية المصالحات والهدن، وتم قتل شخصيات معروفة بتهمة السعي للمصالحة مع النظام ومن بينهم العقيد "زيدان النصيرات"، هذا بعيدا عن تقييم الطريقة التي تم فيها قتل الرجل، كما أن قصف قوات النظام لمدن وبلدات درعا وإن انخفضت وتيرته فهو لم يتوقف على مدار العام.
منزلق آخر كاد ان يأخذ المحافظة إلى حالة من التطرف ساهمت حركة "المثنى" فيها وهي التي كانت في وقت سابق محسوبة على الفصائل "المعتدلة"، لتفاجئ الجميع بتحالفها مع لواء "شهداء اليرموك" المبايع لتنظيم "الدولة"، وأعلن قادتها تكفيرهم لكل من يخالفهم.
وكاد تحالف "المثنى" مع "شهداء اليرموك" الذي أصبح اسمه فيما بعد "جيش خالد بن الوليد" أن يسيطر على ريفي درعا الغربي والشمالي الغربي لولا مواجهات مازالت مستمرة حتى هذا الشهر بين "جيش خالد" وبين فصائل من المقاومة.
"جيش خالد"، وقوات النظام، نفذوا خلال هذا العام العديد من عمليات الاغتيال التي استهدفت عدد من القادة من بينهم "حسام أبازيد" القائد الميداني لفرقة 18 آذار، كما نفذ "جيش خالد" عملية تفجير أودت بحياة وزير الادارة المحلية في الحكومة المؤقتة "يعقوب العمار" وعدد من قادة الحراك الثوري في تفجير استهدف اجتماعا لهم في بلدة "إنخل".
في الشهور الثلاثة الأخيرة، ومع تطور الأحداث في مدينة حلب، حاولت بعض الفصائل التحرك على محاور ريف الريف الشمالي وريف القنيطرة، إلا أن المعارك لم يكتب لها النجاح وسقط خلالها نحو 50 مقاتلا بينهم 10 قادة، وسط اتهامات للفصائل بخضوعها لغرفة عمليات "الموك" الأمريكية ومقرها الأردن.
بعد معركة القنيطرة جاءت معركة أخرى في "الكتيبة المهجورة" بالقرب من بلدة "إبطع"، وهي الأخرى لم تكن ناجحة وفيها قضى نحو 40 من المقاتلين في كمين مثير للجدل نفذته قوات النظام.
العام 2016 كما سلف، لم يكن عام درعا، لكنها ومع اقتراب ساعاته الأخيرة من الأفول مازالت درعا التي تجاورها "إسرائيل" من الغرب والنظام من الشمال والأردن من الجنوب والسويداء من الشرق، مازالت ترفع علم الثورة ومازالت محافظة ثائرة على الرغم من كل النكبات التي أصابتها.
درعا - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية