أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الروس يساندون عدو النظام وإيران.. غارات "الباب" تتخم صندوق البريد السوري وتحرج بشار ومواليه

تأتي الغارات الروسية في توقيت لافت للغاية، بعد ساعات من توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا

في خطوة تحمل أكثر من مغزى يكشف استثنائية تشابك المصالح وتداخلها على الأرض السورية، أعلنت رئاسة الركان التركية أن طائرات روسية قصفت مواقع لتنظيم "الدولة" في مدينة الباب، التي تحاول قوات مشتركة من تركيا ومن فصائل "درع الفرات" دخولها وطرد التنظيم منها.

وكانت وسائل إعلام تركية نشرت خبر الغارات الروسية على "الباب" ناسبة إياه إلى "مصادر رسمية"، لتقوم رئاسة الأركان لاحقا بتأكيد الخبر، والقول إن عدد الغارات الروسية بلغ 3 غارات، أدت إلى مقتل 12 من عناصر التنظيم.

وهذه هي المرة الأولى على الإطلاق، التي تقصف فيها روسيا مواقع للتنظيم في معارك تخوضها أطراف غير النظام وحلفائه، وبالأحرى هي المرة الأولى التي تساعد فيها طائرات روسية من يعتبرهم النظام أعداءه ويصفهم بالمحتلين، حسب آخر تصريح لوزير خارجية النظام وليد المعلم.

وتأتي الغارات الروسية في توقيت لافت للغاية، بعد ساعات من توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا، كان لروسيا وتركيا فيه الدور الأكبر، كما تأتي عقب فرض واشنطن عقوبات غير مسبوقة على روسيا، وهي –أي الغارات- تأتي كذلك بعد أيام من تعبير أنقرة عن استيائها من واشنطن لتقاعس الأخيرة عن تقديم الدعم الجوي للقوات المشاركة في عملية "درع الفرات" ضد التنظيم، وهو ما يبدو أنه عرقل تحقيق تقدم في هذه المعركة بالذات.

ومن شأن التدخل الروسي لصالح الأتراك وعمليتهم أن يعيد خلط الأوراق بشكل استثنائي في منطقة الشمال السوري، حيث تحضر عشرات القوى المتضاربة المصالح والمنطلقات، وتتداخل الجبهات كما الأهداف بشكل غريب للغاية.

ولا يعلم أحد بالضبط كيف سيقرأ النظام –إن كان لديه القرار والقدرة- هذا الدعم الروسي، لجيش دولة يقودها شخص يعتبره بشار الأسد عدوا لدودا له ولنظامه، بينما ينعته إعلام النظام بأقبح الألفاظ.

كما لايعلم حتى الآن، ما هي ردود الأفعال التي ستصدر عن إيران أحد أقوى حلفاء النظام والروس على السواء، لاسيما مع شعور طهران المتزايد بأن التقارب التركي الروسي كان على حسابها، وهو ما تجلى في إعطائها دور المراقب (لا المشارك) للمفاوضات التي أفضت إلى توقيع 3 وثائق تخص وقف إطلاق النار في سوريا، وبدء محادثات بين النظام والمعارضة، وقيل إن أحد بنود تلك الاتفاقات ينص صراحة على إخراج المليشيات التي استقدمتها إيران من سوريا؛ ما يعني ضياع مقدار كبير من الجهود التي بذلتها طهران على مدى سنوات في تشكيل وتجنيد وتسليح وتمويل وإدارة هذه المليشيات من أجل تثبيت واقع مغاير لهوية سوريا.

ومما يصعب تصديقه أن يكون الدعم الجوي الروسي للأتراك وليد اللحظة، بقدر ما هو نتاج تفاهمات عميقة وربما خطيرة، حانت الفرصة المناسبة لتنفيذها، حيث أراد كل طرف فيها (أنقرة وموسكو) توجيه رسائل مختلفة لمن يعنيه من الأطراف.

فتركيا أرادت توجيه رسالة للنظام وإيران بأن علاقاتها مع روسيا ارتقت إلى مستوى التحالف الذي يسمح بدعم من يعتبره النظام والإيرانيون معا "قوات محتلة"، كما أرادت توجيه رسالة مناكفة إلى واشنطن بأنها في غنى عن دعمها الجوي بوجود الروس، وهناك رسائل لا تخفى أيضا وجهتها أنقرة للمليشيات التابعة للعمال الكردستاني وذراعه السورية "الاتحاد الديمقراطي"، مفادها أن من كان يعول على دعمه وتحالفه بات ظهيرنا في المعارك.

أما الروس، فلا تحتاج رسائلهم للولايات المتحدة ترجمة أو تفسيرا على الأرجح، وهي الرسائل التي باتت وبكل أسف تصل عبر صندوق بريد عنوانه الميدان السوري، وكل طرف يودع فيه ما استطاع من القذائف والقنابل والصواريخ، إلى جانب الاتفاقات والتفاهمات والصفقات، السرية منها والمعلنة.

ولكن الرسالة الأهم التي يريد الروس إيصالها للنظام ومن قبله إيران، تبدو الأكثر حساسية، ومفادها: نحن الروس أسياد الوضع في سوريا، ونحن من نقرر ونرسم التحالفات، ولو كانت على غير ما تتمنون أو تخططون، وهي رسالة قوية للغاية في شكلها ومضمونها، تزيد من جرعة ازدراء النظام وسقوط آخر أوراق هيبته، لاسيما وهو يروج ليل نهار بأنه سيسعى لدخول "الباب" قبل قوات "الاحتلال العثماني"، ليحرمها من هذه الفرصة. 

وأخيرا، فإن جمهور موالي النظام سيكون على موعد جديد مع صدمة أخرى، لاشك أنها محرجة للغاية، وصعبة للغاية إذا ما أرادوا تبريرها على طريقتهم، وهي إثبات إضافي على أن المصالح تعلو دائما على لغة "الصداقة".. الكلمة التي كان يلوكها الروس -ومن قبلهم السوفييت- كلما أحبوا تسويق دعمهم للنظام في أوساط الموالين.

زمان الوصل - تحليل إخباري
(92)    هل أعجبتك المقالة (104)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي