أيام العسل التي عاشها المؤيدون لنظام الأسد تبدو في طريقها إلى الزوال، وأيام المسيرات والتصفيق والتهليل للجيش "الباسل" والمليشيات المجرمة قد تكون ولت إلى غير رجعة، وما عليهم سوى الاستعداد لأيام عصيبة قادمة تضع شعاراتهم وأغاني موالاتهم للمجرم على المحك.
أيضاً ستضم قافلة التعساء الرماديين الذين وقفوا على الحياد خلال السنوات الست الفائتة، ولم يعد يهم القيادة الحكيمة وجهازها الأمني مقولات (الله يحمي البلد- خربوا البلد- الله يطفيها بنوره) إلى ما تلك المقولات التي كانت تعفيهم من العقوبة واتهامهم بالانتماء إلى الحاضنة الشعبية.
الفئة الثالثة ستكون من أبناء المدن والبلدات التي عقدت مصالحات مع النظام، وهؤلاء سيساقون بالقوة إلى عش النظام الذي خرجوا ضده ذات يوم بهتافات الحرية، ومنهم من حمل السلاح، وعائد تائباً إلى حضن الوطن.
الحاضنة لكل هذه الفئات سيكون "الفيلق الخامس" الذي أعده الروس ليكون سند النظام في المرحلة القادمة بعد أن انهار جيشه، وصعدت ميليشيات إيران الشيعية، وتسيّدت الموقف القتالي خصوصاً بعد معركة حلب، وبدا للعيان أنها وحدها من تمنع وتصدر أوامر الإجلاء، وفرضت أجندتها الطائفية على الروس قبل نظام الأسد.
الفكرة الروسية التي أمليت على الأسد، وأصدر فيها قراراً لم يكتب لها النجاح المتوقع، وهذا استدعى إجراءات لتنفيذ القرار من الجهات الأمنية التي سارعت إلى تبليغ ممن هم في حكم الاحتياط، وأتبعها الأسد بقرارات بعضها علني والآخر تم تمريره عن طريق المحافظين بسوق الموظفين ممن هم ما بين 18-50 عاماً بضرورة الالتحاق بالفيلق الخامس أو الطرد.
الطرف الثاني في معادلة الزج بهؤلاء هم المشايخ الذين تم التعميم عليهم بضرورة وعظ ونصح المصلين بالالتحاق بالفيلق كونه مكونا وطنيا يضم جميع شرائح المجتمع السوري (حشد شعبي سوري) لخدمة الوطن.
تطمينات صدرت مع قرار التشكيل التنظيمي للفيلق في أنه لن يشارك في عمليات حربية، ولكن دوره سيكون في المرحلة القادمة حفظ الأمن، ونصب الحواجز بين المدن وداخلها، وحماية المناطق الجديدة التي يسيطر عليها النظام.
رغم كل هذا تبدو الخشية أكبر من كل هذه التطمينات ومن التعويض المادي الذي يبدو كبيراً بالنسبة لموظف يتقاضى 20 الف ليرة سورية ستصل في حين الموافقة إلى 250 دولاراً أي حوالي 125 ألف ليرة، ومع ذلك الخوف من زجهم في جبهات القتال القادمة سواء في إدلب ودرعا وريف دمشق، وهذا ما بدا جلياً من تهرب الكثيرين من الالتحاق، مما دعا إلى حملات اعتقال طالت مناطق المؤيدين وخزانهم في الساحل (اللاذقية وجبلة)، وكذلك في أحياء العاصمة دمشق مثل حي "برزة" الذي اعتقل على أحد حواجزه 10 أشخاص، وبعض المناطق في ريفها كمدينة "التل" التي شهدت اعتقالات لعدد من الشبان.
النظام الذي اعتقد أن الأمور آلت إليه بدأ يتحضر لمرحلة ما بعد حلب، وهذا يعني الاستعانة بخزان بشري غض الطرف عنه طوال هذه السنوات، وهو اليوم بحاجته على الأقل ليؤمن مناطقه أولاً، والتخلص ممن يرى فيهم خطراً من داخله، وهم موقنون بأن النظام سيدفع بهم إلى محارقه المتبقية في مناطق كثيرة ما زالت خارج سيطرته.
ناصر علي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية